عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

المنهج الذى يساهم بشكل غير مباشر فى تشكيل وجدان أولادنا من خلال السلوك والقيم التى تنقل إليهم بواسطة المعلم أو المدرسة من دون تخطيط، كما يعرف أيضاً بأنه مخرجات المدرسة غير الأكاديمية. وقد عُرف بأنه الخطوات التى تتم فى المدرسة، والتى تشمل القيم المكتسبة والتفاعل الاجتماعى التى يتعلمها المتعلمون دون تخطيط، لذلك تلازم الآباء فى علاقتهم بأبنائهم الحيرة فى بعض الأحيان، إذ يفاجأون باكتشاف أن هؤلاء الأبناء نشأوا نشأة لم يخطط لها، ولبسوا صفات لم يقصد إلباسهم إياها. هنا تكون الحيرة، ويبدأ الأهل بمراجعة أنفسهم: هل أخفقوا فى أمرٍ ما؟ هل هناك تساهل فى تربيتهم؟.

أسئلة عديدة تدور فى أذهان الآباء، إجاباتها تحتاج إلى وقفة واضحة مع النفس، لمعرفة أين يقع الخلل الذى وقع بأبنائهم فى هذه الصفات التى تسمى بالمنهج الخفى. أثبتت الدراسات العلمية أن الأطفال يتأثرون بما يطلق عليه «المنهج الخفى» بنسبة 70%، مقابل المناهج التى يُخطط لها عن طريق المناهج المدرسية أو البرامج التربوية، ويظهر المنهج الخفى من خلال تعامل المعلمين مع الطلبة، وتعامل المعلمين مع بعضهم البعض، وخلال أحاديث المعلمين العلمية والفكرية، وخلال الأنظمة والقوانين والتعليمات التى تفرض على الطلبة، وحتى طريقة جلوسهم فى الفصل، وطريقة مزاولتهم الأنشطة. أى أنه يظهر فى أى شكل من أشكال التفاعل الاجتماعى داخل المدرسة.

وللمنهج الخفى إيجابيات وسلبيات، بناءً على نوعية المعارف والسلوكيات التى يكتسبها الطالب من المدرسة دون تخطيط وتوجيه مسبق من المسئولين. فمن أبرز السلبيات: تزييف وعى الطالب، وإبراز الصراع بين ما يتضمنه المنهج الرسمى وما يتعلمه الطالب فى الحياة اليومية، وقتل الإبداع، والنزعة الاستهلاكية، وتعليم الطلبة الإتكالية، والنزعة المظهرية. فنراه حتى فى الأقوال والأفعال ما بين الأب وابنه فيقضى الأب ساعات مع أطفاله ليشرح لهم أهمية الصدق وفوائده، فيعدد لهم نماذج من مواقف النبى عليه الصلاة والسلام فى الصدق، لكنه يمارس الكذب على ابنه، ظناً منه أنه لا يعى ذلك، كأن يعد ابنه بإحضار شىء ما ولا يحضره، أو يكذب على الآخرين أمامه. هذه الازدواجية ستؤدى بالطفل إلى الفصل التام بين أقوال الأب وأفعاله، فتصبح هذه الجلسات غير مجدية، ولا تتعدى النصائح كونها كلمات قليلة انتهى مفعولها بمجرد خروجها من فم الأب.

وفى المقابل فإن الطلاب يتعلمون كثيراً من السلوكيات الإيجابية التى قد لا تكون ضمن المنهج الرسمى المخطط، مثل :احترام الأنظمة والقوانين والتعليمات، والمحافظة على الأملاك العامة، وكيفية بناء العلاقات مع الآخرين، والترتيب والنظام... إلخ. ولكن مع صعوبة ضبط هذا المنهج والتحكم فيه، إلا أنه يمكن من آثاره السلبية بتكوين الوعى بأهمية التعامل الإنسانى مع الطلاب وممارسته داخل البيئة المدرسية، وتوجيه الطلاب دائماً بشكل مباشر وغير مباشر إلى الأفضل فكرياً واجتماعياً وسلوكياً، والاستجابة لمصالحهم ورغباتهم وحاجاتهم الإيجابية، وتخطيط وبناء مناهج ذات صلة وثيقة بالواقع الذى يعيشونه، مع تأهيل وتدريب المعلمين والإداريين ليكونوا قادرين على أداء واجبهم إنسانياً ووظيفياً، وبهذا وبغيره يمكن أن نقلل من الآثار السلبية للمنهج الخفى والحد من نتائجه غير المرغوبة، ولكن حتماً لا نستطيع أن نلغى المنهج الخفى من الوجود داخل البيئة المدرسية.

أخيراً: إن المنهج الخفى حقيقة تربوية لا يستطيع أحد إنكارها أو إلغاء تأثيرها الإيجابى والسلبى فى سلوكيات الطلاب، وهذا يحتم علينا بوصفنا مربين أن نوجه هذا المنهج توجيهاً سليماً لتكون آثاره وثماره نتائج إيجابية تظهر فى سلوكيات طلابنا ومستوياتهم الدراسية. لأن مجال تأثير المنهج الرسمى فى المتعلم أضيق دائرة، بينما تأثير المنهج الخفى فى المتعلم أوسع دائرة. من هنا ينبغى على المدرسة أن تأخذ هذه النتيجة بعين الاعتبار، فتبنى لنفسها منظومة من القيم الإيجابية، التى تعمل على إكسابها لطلابها، من خلال توظيف المنهج الخفي، وتنبيه المعلمين إلى أن أقوالهم وسلوكياتهم وأفكارهم تفرز مجموعة من الخبرات الخفية التى قد تحمل الشر وقد تحمل الخير.