عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أبدأ مقالتى باقتباس رائع من القرآن بقوله تعالى: (يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا)، فالله سبحانه وتعالى يهب العلم والمعرفة لمن يختار من عباده الصالحين، ومن يؤته الله هذه الأمور كلها أو بعضها فقد أتاه الخير الكثير، فالحكيم  هو من يبذل الجهد حتى يصل لهذه المكانة العالية، ويقول بعض الحكماء من أعطى العلم والحكمة ينبغى أن يعرف نفسه ولا يتواضع لأهل الدنيا لأجل دنياهم، فإنما أعطى أفضل ما أعطى أصحاب الدنيا، فقد سمى الله تعالى الدنيا متاعاً قليلاً وسمى العلم والحكمة خيراً كثيراً. لا يوجد تعريف معين للحكمة، فهى يمكن أن تكون الخبرة المكتسبة من الإنسان من المواقف التى يمر بها وصيد الفوائد ومن ثم التعلم وعدم الوقوع فى الخطأ نفسه مرات عديدة، والحكيم هو الشخص الذى يميز الخطأ من الصواب، فيرجح الصواب على الخطأ بحكم مروره بكثير من المواقف التى كانت سببا فى تعلمه من أخطائه السابقة، وقد عرفت أيضا بأنها فعل ما ينبغى كما ينبغى فى الوقت الذى ينبغى، ومعناه وضع الأمور فى نصابها الصحيح. وقد قيل عن الحكمة إنها عبارة عن عصارة التجارب الحياتية وإفرازات للنوازل والحوادث وهى إلهام بعد التفكير والتدبر فى الأمور، وايضا هى استخلاص للعاقبة بعد استحضار المستقبل بمعنى معرفة المعوقات وتجنبها والإيجابيات والتمسك بها، وقد قال على بن أبى طالب (إن الحكمة ضاله المؤمن) وهذا يدلل على أهمية الحكمة، وبما أن الحكمة هى مهارة مكتسبة كان لا بد على المؤمن أن يبذل الجهد والوقت لتعلمها، واكتسابها لأن الإسلام انتشر بحكمة رسول الله صلى الله عليه وسلـم وأصحابه، وليس المؤمن الحكيم كغيره من المؤمنين، فالمؤمن الذى توجد لديه الحكمة قد يمر بموقف معين فيتصرف به وفقا لحكمته وتفكيره، فيكسب قلوب الناس فينتهجون نهجه ويتبعون سبيله بحسن تصرفه فى المواقف التى يمر بها ويتعلمون منه، وعلى الصعيد الآخر فقد يكون المؤمن ليس ذا حكمه فيمر بموقف معين فيتصرف به بناءً على جهله وتفكيره، فينفر الناس منه ومن فكره، وقد يجهل فى نفسه أنه كان سببا لتنفير الناس منه ومن كل عمل يقوم به وابتعاد الناس وعزوفهم عنه لسوء تصرفه حتى لو كان أخلص الناس وأكثرهم عبادة لله عز وجل . فالمؤمن عليه أن يبحث عن الحكمة فهو أحق بها من غيره، فهى فى حد ذاتها طريقه لفهم المستعصى من الأمور والبحث عن أفضل الطرق للوصول الى أفضل الحلول. فالذى يملك الحكمة سيكون سهلا عليه التصرف الحسن بناءً على عقله الراجح، والحكمة تتطلب الكثير من المعرفة، ولها كثير من الطرق لاكتسابها فالحكمة يمكن أن تكتسب من التجارب الحياتية التى يمر بها الإنسان المؤمن، ويمكن أن تكتسب الحكمة من قراءة المؤمن للكتب والوقوف على الفوائد منها، ويمكن أيضا أن تكتسب هذه المهارة من تجارب الغير عن طريق الوقوف على إيجابيات وسلبيات المواقف التى يمر بها الأشخاص من حولنا، فيعزز الإيجابيات ويحذر من السلبيات ويحترس منها. والشخص الحكيم هو الإنسان الذى يعرف قيمة نفسه فلا يرفعها فوق ما هى عليه، ولا يضعها دون مكانتها، فلا يرفعها لحد التكبر على الخلق ولا يضعها لحد الذل فيكون هينا فى عيون الناس، والحكيم هو شخص تراه يضع هموم الناس وأوضاعهم فى الحسبان، ويهتم بمعرفة ميول الناس من حوله واتجاهاتهم ولكن بشرط ألا يزيد هذا الاهتمام علي حد معين، فيعتبر تدخلاً فى شئونهم وتوجد مقولة لنجيب محفوظ تقول (يمكن أن أقول لكم ما إذا كان الرجل ذكيا من إجاباته، ولكن يمكن أن أقول لكم ما إذا كان الرجل حكيما من أسئلته). فنتبين ان الحكيم فى فعله فعلا يكون له شأن فى كل شيء ومعروف لدى أهل المعرفة فلنأخذ الحكمة من أفواه الحكماء، وإن ضاقت فى الأرض فلنطلبها من رب السماء. والحكمة تقول أن يقر الجميع بأنه ليس هناك خطأ مطلق ولا توجد حقيقة مطلقة، ولكن وارد أن يكون هناك خطأ قابل أن يكون صوابا بدليل أن هناك عبارة تقول ليس الخطأ عيباً فى ذاته، و لكن الرضا به و الاستمرار عليه هو أكبر خطأ.