يطل علينا من آن لآخر من يردد دعوة «التصالح مع جماعة الإخوان» ما يشير الى أن المجتمع يتحرك فيه تيار ما يعتقد- بحسن أو بسوء نية- أن الإخوان فصيل متعدد الشرائح ومن حق الشريحة غير المدانة قضائياً أو غير المتورطة أن تدمج من جديد في المجتمع ويصفون هذه الشريحة أحيانا بالمنفصلين عن الإخوان وأحيانا أخرى المتعاطفين معهم وأعتقد أنه كلام حق يراد به باطل.
إن السؤال المنطقي: هل لا يوجد ارتباط الآن مع الجماعة المنحلة؟ لا أعتقد حيث نجد أن التعاطف له مستويان الأول فكري يرجع للثوابت التي لها مرد ديني ويحاول بها قادة الاخوان التسلل الى الإطار المرجعي للآخرين للسيطرة عليهم من منطلق أن المصريين شعب متدين بطبيعته والمستوى الثاني سياسي يأتي تدريجياً نتيجة تحول التشبع بأفكار الجماعة إلى اقتناعات سياسية تكرس فكرة الطاعة والولاء للمرشد وتبدأ هذه الاقتناعات بالاهتمام ثم الإدراك وتنتهي بالمشاركة التنظيمية.
إن خطورة التعاطف في أن الاعتقاد الفكري يترجم إلى سلوك لا إرادي منحاز لكل ما يتصل بفكر وسلوك الجماعة ومنه السلوك العنيف (الإرهاب) اذاً لا مصالحة بأي شكل من الأشكال مع هذا الفصيل، حيث تبرز الخطورة أيضا في أننا نهيئ لهم الفرصة للتسلق من جديد داخل مؤسسات الدولة وليس مستبعداً بعد فترة من الزمن- طالت أم قصرت- يعودون ويطمعون في السلطة ويجرون البلاد إلى الهاوية كما حدث بعد 25 يناير وبصفة خاصة في العام الأسود 2012-2013 عندما تولى فيه محمد مرسي الرئاسة لولا ثورة الـ30 من يونيه التي أنقذت البلاد منه ومن حكم جماعته!
ويمكن القول إن الصامتين منهم مازالوا كامنين في كثير من أجهزة الدولة ويتلقون الأوامر من قادتهم المحبوسين أو من الهاربين بالخارج وعلى اعتبار أن تنظيمهم الدولي يمارس نشاطه المعادي من بعض عواصم دول أوروبية ومن دول إقليمية مثل تركيا وقطر.
إن التصالح مع جماعة الإخوان دعوة يتبناها بعض المثقفين والسياسيين المصريين بزعم جمع شمل الأمة وإعادة اللحمة للوطن وتجاوز مرحلة الاستقطاب التي تفتت الجهود وترهق عضد الدولة وحتى يتفرغ المصريون لمشروعات التنمية والبناء تعد طرحاً نظرياً جانبه الصواب لأن الإخوان أنفسهم فشلوا على الأرض في أن يكونوا فصيلاً سياسياً وطنياً في نسيج بنية المجتمع عندما أخذوا فرصتهم للمرة الأولى منذ أن أنشأ حسن البنا تنظيمهم في عام 1928 وفشلوا.
ومن هنا يعني قبول فكرة التصالح من الناحية العملية رضوخاً لأسلوب العنف الذي يتبعه الإخوان ضد المصريين، حيث إن الإرهاب جزء لا يتجزأ من طريقة تفكيرهم، وبالتالي كيف يمكن تحقيق مصالحة مع من خططوا وعملوا ضد بلادهم؟ وهل هناك في العالم دولة ذات سيادة تصالحت مع جماعة تنتهج الإرهاب فكراً وسلوكاً!