رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علشانك يا مصر

لا أحتاج هنا أن اتحدث عن الموت، فهو الحقيقة الوحيدة التى نعرفها جميعًا، بدون رتوش.. لكن ما يؤلمنى أن تجد من تسبب فى الموت يمر أمامك دون عقاب، فكم من الإهمال والتسيب حصد أرواحا بريئة دون رادع أو حساب.

فالإهمال ضرر وجرم، يستحق العقوبة المناسبة لما نتج عنه هذا الإهمال، ويستشرى فى بلادنا لغياب الوازع أو الرادع أو العقاب، ونعلم جميعًا أن هناك عقوبات سواء فى القانون الوضعى أو فى الشريعة الإسلامية.

والقضية التى نحن بصددها ذات شقين الأول عزاء والآخر اعتذار. وأقول فى الشق الآخر للدكتور أشرف الفخرى أستاذ الباطنة جامعة المنصورة، إن ما نشر يوم الجمعة الماضي لم تقصد جريدة "الوفد" أبدًا أن تنشر الحادث الخاص بالمرحوم فقيد الشباب بهذا الشكل، وأن تضاف إليه أحداث من بنات أفكار المحرر، مما تسبب فى استياء أهالى سمنود جميعًا واستيائى الشخصى قبلهم.

فأنا تحديدًا أعلم مكانة عائلات يونس والفخرى وعبدالمعبود، ولى صلة خاصة بجميعهم فنحن فى سمنود أسرة واحدة.

فأرجو أن تتقبلوا اعتذارنا واعتذار أسرة التحرير. أما القضية أو الشق الأول هو الإهمال والتسيب دون رادع، القصة تبدأ من هنا:

المحاسب محمد أشرف الفخرى شاب فى بداية العمر، زهرة تتفتح فى الحياة لم يتجاوز عمره 26 عامًا حياته ممليئة بالنشاط والحيوية والأمل والطموح. شاب مهذب مقيم للصلاة، ومؤدي للزكاة، دائم الصدقة على المحتاج، الابتسامة لا تفارق وجهه يحب الناس ويحبه الجميع عندما تراه تشعر أنه ملاك يسير وسط البشر.

لم يكن يعلم انه فى يوم من الأيام سيكون ضحية للإهمال واللامبالاة والهمجية التى اصبحت تسيطر على حياتنا، بل وأصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

لم يكن يعلم انه سيفارق الحياة بسبب الإهمال المتعمد وتسلب منه فرحته بعروسه الذى عقد قرانه عليها منذ فترة قليلة دون أن يشعر به أحد.

المحاسب محمد أشرف عبدالمجيد الفخرى فقيد الشباب بمدينة سمنود بمحافظة الغربية الذى لقى ربه ظهيرة يوم الخميس 15/2/2018 أمام شركته الطبية بمدينة سمنود بمحافظة الغربية. 

محمد من الشباب الذين يؤمنون بالاستقرار داخل مصر والعمل فيها والتعب من أجلها لرفعة شأنها, كان لا يؤمن بالسفر للخارج بل ويشجع أصدقاءه بعدم السفر والعمل بمصر. 

حاول كثيرًا واجتهد وسعى ليكون له مصدر رزق داخل مصر يعوضه عن السفر للخارج وبعد تفكير وجهد قرر مع قريب له تأسيس شركة طبية تخدم مدينته، ويكون هو شريكا فيها وبالفعل تم تأسيس الشركة (شركة ميديكا للأجهزة والمستلزمات الطبية).

وتحول الحلم إلى حقيقة واستطاعت الشركة ان تكتسب سمعة طيبة فى فترة قليلة وتتسم بالأمانة والمصداقية لدى عملائها.

وذات يوم وعند توجه شريك وقريب محمد إلى مقر الشركة الكائن بمدينة سمنود فوجئ بوجود مقطورة جرار تقف أمام باب الشركة، وتسد مدخل الشركة بالكامل ويقف عليها عامل ويوجد بها حجارة «رتش» فسأل العامل فقال له إن صاحب العمارة التى توجد بها الشركة يقوم بتجهيز شقته بالدور الحادى عشر، ويقوم بتكسير الجدران وغيره ويتم نقلها إلى أسفل من خلال ونش تم تثبيته أعلى العمارة بالدور الحادى عشر. فعاتبه على عدم وجود منطقة أمان تحيط بمنطقة العمل حرصًا على سلامة المارة وسلامة موظفى الشركة وعملائها وعلى غلق باب الشركة، وطلب منه ان ينهى هذه الفوضى ويقوم بنقل العمل من أمام مدخل الشركة إلى الجهة الجانبية للعمارة وبالأخص أن الجرار يقف فى شارع رئيسى، وأثناء الحديث بين العامل ومحمد صاحب الشركة سقطت حلة الونش بما فيها من حجارة وتكسير أمام صاحب الشركة ولا يفصل بين الحلة وصاحب الشركة إلا مسافة قصيرة جدًا ولكن الله حافظ. 

انتقل الحديث بعد ذلك مع حارس العقار وطلب منه ان يبلغ صاحب العقار اعتراضهم على ما يحدث وتعرض الأشخاص وعملاء الشركة وموظفيها إلى مخاطر جسيمة نتاج هذا العبث القائم. 

وفى اليوم التالى ظل العمل كما هو من قبل صاحب الونش ومالك العقار والمهندس المسئول دون النظر إلى جميع التنبيهات والتحذيرات من أصحاب الشركة، ولم يكن أحد يعلم أو يتخيل ان الضحية فى نهاية الأمر سيكون صاحب الشركة نفسه. 

يوم الحادث وفى الصباح الباكر وأثناء تواجد العمال أمام مقر الشركة واستمرارهم بالعمل المخالف للقانون بعدم وجود منطقة أمان حول منطقة عملهم ولإشغالهم الطريق العام بدون وجه حق، ولإمكانية نقل العمل إلى الجهة الجانبية ولعطل الونش أكثر من مرة ولسقوط حلة الونش أكثر من مرة، وفى تمام الساعة التاسعة صباحا انقطع «الوير» الخاص بالونش وسقط بالشارع وسقطت معه حلة الونش، فما كان من العامل إلا محاولة ربط الوير يدويا وتثبيته بالحلة وذلك لاستمرار العمل وفى تمام الساعة الحادية عشرة ونصف صباحًا توجه فقيد الشباب المحاسب محمد أشرف الفخرى إلى الشركة، وذهب مباشرة إلى حارس العقار وطلب منه إنهاء العمل فورًا أمام مدخل الشركة وطلب منه الاتصال بالمهندس المسئول ومالك العقار لإنهاء العمل وذلك بسبب المخاطر التى تحيط بالعمل، وبسبب تعطل الونش أكثر من مرة وسقوط الحلة الخاصة بالونش، وتعرض المارة لمخاطر كثيرة مع عدم وجود منطقة أمان تحيط بمكان العمل وظل معهم حتى وعدوه بإنهاء العمل بأقرب فرصة. 

فما كان من الفقيد إلا أن دخل الشركة فى انتظار تنفيذ الوعد وظل ينتظر وينتظر دون فائدة وفى نهاية المطاف قرر الخروج واستقلال سيارته والذهاب لتأدية بعض الأمور الخاصة وأثناء خروجه من الشركة كان العمل ما زال جاريا وعلى درج الشركة سقطت حلة الونش فوق رأسه من الدور الحادى عشر ويفارق الحياة فى الحال وتصعد روحه الطاهرة إلى السماء لتقابل خالقها.

محمد أشرف الفخرى زينة شباب مدينة سمنود قتله الإهمال المتعمد والمتكرر واللامبالاة، فأين حقه وكيف يأتى حقه؟.

الإهمال اغتال فرحته وفرحة عروسه ووالدته ووالده قتلت فرحة كل أقاربه وأصدقائه.

 تم تحرير محضر رقم 2132 لسنة 2018 وأثناء المعاينة لمكان الحادث، اكتشف أن الونش بدائى جدًا والأعطال والعيوب القاتلة تحيط به من كل جانب. وتكرر تعطله كثيرًا بشهادة الشهود، وكان يتأرجح بالجو دون سيطرة ومع ذلك قرر صاحب الونش ومالك العقار والمهندس المسئول استمرار العمل دون النظر إلى أرواح البشر.

 لقد أدمى قلوبنا فراق ابننا وابن سمنود المحاسب محمد أشرف الفخرى، ونحتسبه عند الله مع الشهداء والصديقين.. وعزاؤنا فتح تحقيق عاجل لردع الإهمال وحماية أرواح الناس من هذا التسيب القاتل.

[email protected]