رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

 

 

هناك وجهتا نظر بشأن مشكلة سد النهضة الإثيوبى، ترى وجهة النظر الأولى أن أطرافاً خارجية من مصلحتها تعقيد المشكلة فى إطار خطة إنهاك مصر والعالم العربى التى بدأت عملياً عام 2011 مع ما سمى «الربيع العربى»، وترى وجهة النظر الثانية أن أطراف المشكلة تفتقد لأرضية تفاهم مشتركة خاصة من الجانب الإثيوبى وهى الأرضية التى تقربها من لغة التعاون وتبعدها عن احتمالات المواجهة والصراع.

ورغم وجاهة طرح الرأى الأول، إلا أنه يعتمد على منهج «نظرية المؤامرة» ولن يساعد فى حل المشكلة، أما الرأى الثانى فإنه الأكثر واقعية - فى تصورى - لأنه يطرح منهجاً سلمياً يستند إلى «مبدأ المصلحة» ويقدم طرحاً عملياً لما يمكن تسميته الدبلوماسية المائية، وهذا ما سنحاول عرضه فى السطور التالية.

يتم تداول تعبير «الدبلوماسية المائية» فى أدبيات العلوم السياسية، باعتباره بديلاً لما يسمى «حرب المياه» التى باتت تهدد مناطق كثيرة فى العالم، بسبب الصراع على المياه نتيجة شحّها لانخفاض كمياتها بالأنهار عند دول المصب من ناحية أو لسوء استغلالها ما يجعل البعض يعتقد أن دول المنبع فى وضع أقوى من دول المصب من ناحية أخرى.

وتعد منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق تعرضاً للمنازعات حول المياه نتيجة  سوء الاستغلال، حيث هناك كميات كبيرة من المياه المهدرة أو نتيجة السيطرة على منابع المياه، وبالتالى امتلاك ميزة التحكم فى حصص المياه المتجهة لدول المرور والمصب سواء بالزيادة أو النقصان، كما أن هذه المنطقة تعانى من ظاهرة «التصحر» نتيجة وجود الصحراء الكبرى أكبر صحارى العالم ولهذا برزت الحاجة إلى الدبلوماسية المائية.

وتعد مشكلة سد «النهضة» الإثيوبى من أكثر النماذج التى يمكن أن يطبق عليها المفهوم المتقدم، حيث اختلفت دول حوض النيل بشأن هذه المشكلة وأطرافها ثلاث دول هى «مصر وإثيوبيا والسودان». وبغض النظر عن اختلاف المواقف يهمنا أن نوضح سبب عدم حل المشكلة هو اختزالها فى إقامة السد من عدمه، ومن المفترض مناقشة المشكلة من منظور افتقاد الوقوف على أرضية مشتركة تجمع مصالح أطراف المشكلة وهى بحكم التاريخ والجغرافيا يجب أن تكون مصلحة واحدة، ولهذا أصبح من الضرورى التعاطى مع مشكلة سد النهضة الإثيوبى من منظور عام يحقق مصالح الدول التى يجمعها نهر واحد ويربطها برباط حياة هو بلغة العلاقات بين الدول «المصلحة المشتركة».

وفى تصورى أن ما عرضناه قد يعتبر صميم العمل الدبلوماسى فى مسألة مياه النيل، وبالتالى يمكن القول إن طرح فكرة «التنمية المستدامة» فى هذه المنطقة من حوض نهر النيل، يمكن أن تكون مدخلاً موضوعياً لإقناع كل الأطراف بالتعاون معاً فى إطار دبلوماسى، يعكس تفاهماً لضرورة إزالة كل نقاط التقاطع فى العلاقات بينها وعلى المستوى الإنسانى، لا يمكن النظر إلى المياه بمعزل عن الصرف الصحى، فهما معاً عاملان حيويان فى خفض العبء العالمى من الأمراض، فضلاً عن ما لهما من دور فى تحسين الصحة والتعليم والإنتاجية الاقتصادية للسكان.. ألستم معى إذن أن المشكلة أكبر من مجرد بناء سد من عدمه؟!