بهدوء نعترف أن الإعلام المصرى يواجه أزمة حقيقية فى كيفية ترتيب أوضاعه ليلائم ظروف الحرب على الإرهاب وما يستتبع ذلك من اتخاذ قرارات تناسب المرحلة التى نعيشها حاليا وأكبر دليل على صحة ما تقدم حالة الارتباك التى سادته الأسبوع الماضى عندما وقع حادث الواحات وينطبق هذا على الإعلام العام والإعلام الخاص على حد سواء.
وإذا كنا نتفق على أن مصر فى موقف حرب مع الإرهاب لا يجب أن نهون من هذا الموقف لأن عدونا غير مرئى ويمكن أن يكون بيننا ولهذا تختلف آليات المواجهة فى معاركنا مع الإرهاب عن الحروب النظامية التقليدية وأتذكر أن المرحوم د. عبد القادر حاتم وزير الإعلام أثناء حرب أكتوبر 73 نجح فى أن يجعل الإعلام المصرى «إعلام حرب» يقوم على فكرة كون الإعلام ظهيرا قويا لجبهة القتال ليس هذا فقط بل تعدى الأمر إلى المساهمة فى شن حرب نفسية ترهق معنويات العدو مع الوضع فى الاعتبار أنه لم يكن هناك «سوشال ميديا» أو قنوات فضائية!
ولهذا إدارة الموقف آنذاك أسهل من إدارة الإعلام اليوم فى ظل وجود الحرب على الإرهاب حيث لا يوجد وزير إعلام يدير الموقف وتوجد قنوات فضائية مختلفة الاتجاهات والتوجهات ومواقع تواصل اجتماعى تتفاعل مع الإعلام سلبا وإيجابا وهناك تقاطعات بين المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الذى لا يوجد قرار واضح بأنه البديل لوازرة الإعلام وبين مؤسسات إعلامية أخرى ومنها الهيئة الوطنية للإعلام ونقابة الإعلاميين رغم أن الامر يمكن تجاوزه بمزيد من التنسيق بين المجلس الأعلى وهذه المؤسسات.
فإذا كان قانون تنظيم الإعلام قد اعطى الاستقلالية للهيئات الإعلامية لكنه لم يسلبها حقها فى التنسيق فيما بينها دون أن يكون هناك تدخل من إحداها فى عمل الهيئات الأخرى وإذا كان المجلس الحالى لنقابة الإعلاميين حتى الآن مجلسا معينا وغير منتخب لكنه يمكن أن يطبق قانون انشاء النقابة ويمارس الرقابة على المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة والاليكترونية من خلال مخاطبة الجهة المعنية بتنظيم الإعلام وهى المجلس الأعلى دون الحاجة لمخاطبة القنوات أو الإعلاميين أنفسهم.
إذن وجود تعاون مشترك بين الهيئات الإعلامية ونقابة الإعلامية يمكن أن يفوت الفرصة على أى محاولات تجر الإعلام إلى أزمة أو مآزق خاصة فى ظل الاحداث الطارئة ولهذا من الضرورى وجود ما يمكن تسميته مجلس حكماء الإعلام خارج نطاق اللجان التقليدية ويعمل بمثابة مستودع تفكير أو THINK TANK يضع البدائل للمشكلات الإعلامية التى تحال إليه من الهيئات الإعلامية أو النقابة ويشكل من ذوى الخبرة فى مجال الإعلام المتخصص سواء كانوا إعلاميين وأساتذة إعلام وسياسة واجتماع أو خبراء آمنيين وعسكريين وتكون مهمتهم أيضًا تحليل مضمون الرسائل الإعلامية ودراسة رد فعل الجمهور تجاهها وتجنب وقوع المؤسسات الإعلامية فى أى صمت إعلامى حال المواجهة مع الإرهاب ووضع خطط للدعم المعنوى فى إطار إستراتيجية ما يمكن تسميته «إعلام الحرب على الإرهاب»!