رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«أنا أُفكِّر إذاً أنا موجود»، تلك المقولة التى إن دلَّت على شىء فإنما تَدُل على أهمية التفكير فى حياة الإنسان، ومدى تأثيره على وجود الإنسان من عدمه، فلا شكَّ أن تَدبُّر الإنسان فيما حوله، وعدم جعله يَمُر مرور الكرام أمام عينيه أمر غاية فى الأهمية وإنما أصحاب العقول العاملة هم مَن يسعون إلى تطوير فِكْرهم، ذلك الفكر المستنير الأشبه بالولادة المتعثرة التى ينتج عنها الفكر الأرقى، الفكر المؤدى إلى النهضة الحقيقية، الفكر الذى يجلى غوامض الأمور، ولم يكتف بمعرفة أصول الأشياء وفروعها، أو الوقائع ومسبباتها أو النصوص ومعانيها كما هى الحال فى الفكر العميق إلا أنه يتعدى ذلك لمعرفة ما يحيط بهذه الأشياء وما حولها وما يتعلق بها. أنه أرقى وأفضل أنواع الفكر. ذلك الفكر عندما يولد فلا بد أن يطبق عليه الآية الكريمة "فتبارك الله احسن الخالقين".

والفرق بين الفكر المستنير وغيره كالفرق بين من ينظر للوردة كوردة، وبين من ينظر إليها ليعرف سر لونها.. وبين من يريد معرفة الإعجاز فى خلقه.

وقد كرّم الله تعالى الإنسان منذُ خلَقه أكبر تكريم، وميّزه عن الكائنات كلها بمنحه العقل الذى يُمارس من خلاله عملية التّفكير، وجعل تكليفه واختباره منوطًا به، بعدَ أن أرسى له حريّة الاختيار. وقد حثّت الشريعة الإسلاميّة على أهمية التفكير ووجوب كونِ المسلم إنسانًا مفكّرًا ليكون إيمانه منوطًا بأسس وركائز راسخة من الأدلة العقليّة والمنطقيّة، فقد قال تعالى: (إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِى الألْبَابِ)، كما قال: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ). فالتفكير هو حوار الروح مع نفسها، والتفكير مهارة وليس ذكاء، فيمكن تطوير هذه المهارة حتّى تصل بنا إلى القدرة على مواجهة التغيّرات الهائلة فى المعارف، فالإنسان ما هو إلا نتاج أفكاره والعالم الذى أنشأناه ما هو إلا نتاج تفكيرنا، فإنه لا يمكن تغييره دون تغيير تفكيرنا، وعندما تقضى الكثير من الوقت فى تعلم كيف تغير من طريقة تفكيرك وتطورها، فأنت بذلك تستثمر فى نفسك. إن مناجم الذهب تنفد، والأسواق المالية معرضة للانهيار، والاستثمارات العقارية قد تسوء أوضاعها، ولكن عقل الإنسان الذى يملك القدرة على التفكير السليم أشبه بمنجم ماس لا ينفد أبداً، ولا يُقدر بثمن. وقال الكاتب نابليون هيل: «إن قدر الذهب الذى استخلصناه من أفكار البشر يفوق كثيرًا قدر الذهب الذى استخرج من باطن الأرض» ومن المحتمل ألا تستطيع التحكم فى الظروف، ولكنك تستطيع التحكم فى أفكارك، فالحديد يصدأ من الإهمال، والمياه الراكدة تفقد نقاءها، وتصبح متجمدة فى الطقس البارد، وبالمثل يفعل الكسل انه يستنزف قوة العقل. ويمكن تسوية وحل جميع المشاكل فى العالم بسهولة إذا الناس كانوا على استعداد فقط للتفكير. المشكلة هى أن الناس غالبًا ما تلجأ إلى جميع أنواع الأجهزة من أجل عدم التفكير، لأن التفكير هو عمل شاق بالنسبة لهم، فإذا حاولت التوقف عن التفكير لعدة دقائق ستجد نفسك محاصرًا بالأفكار من جميع الجهات فكل الأفكار الحكيمة تم التفكير فيها آلاف المرات، ولكن لكى نجعلها أفكارنا نحن، علينا أن نفكر فيها مرة أخرى بصدق، فنتاج الفكر المستنير لا بد أن يكون شيئًا متكاملاً يصل إلى شبه الاكتمال.. ولا يأتى التميز والنجاح إلا بالفكر... لذا كن مفكرًا حتى تكون مبدعًا وثق فى عقلك لأنه من صنع الخالق... وعقلك لا يخذلك وما هو إلا عبارة عن أيقونات من التنوع.. هو وعاء مملوء بكل أنواع المجوهرات الفكرية وعقلك هو بيت الحكمة فما بالك بميلاد فكر من بيت ووعاء الحكمة.