يؤكد د. عصام شرف فى شرحه لمفهوم التنوير وعلاقته بالآخر أن المشروع التنويرى يقوم على فكرة إحياء قيمة الوطن وهى قيمة مرتبطة بفكرة الحوار مع الآخر أو سماها (الغيرية فى حياتنا) أى كل من هو غيرنا بمعنى طريق التنوير هو فى وجود الآخر ومن ثم قبوله يحقق - كما أوضحنا - التفاعل المجتمعى ويشكل وعى الأمة ومن هنا النظرة الأحادية الجانب تعتبر وجهة نظر قاصرة لا تبنى وتجعل الشعوب لا تتقدم قيد أنملة وهذا ما أوضحه د. حسن راتب مؤسس مركز راتب للإبداع أن لكل مهنة أداة وتقاليد وأعراف فقبل أن نتعلم مهنة القانون على سبيل المثال يجب أن نغرس بداخل كل منا حب العدالة، وقبل أن نُعلم أبناءنا الإعلام وأهمية الميديا يجب أن نغرس فى أنفسهم أمانة الكلمة وكيفية التعبير ومفردات اللغة وأن نقبل الرأى والرأى الآخر، وأن تلك العلاقة التكاملية يجب أن تكون سمة فى كل من يعمل بمجال الإعلام من مخرجين ومقدمى برامج ومعدين ورؤساء قنوات وغير ذلك حتى تخرج تلك المفاهيم والرسائل عبر الشاشة.
ولهذا جاء الأنبا أرميا رئيس المركز الثقافى القبطى ونظر إلى مفهوم التنوير على أنه يعنى الإلتقاء على قيمة الوطن فى حين حذر وزير الثقافة المصرى حلمى النمنم مما سماه العولمة الشرسة وأكد أن العولمة الإيجابية المنجزة الخيرة هى التى تحقق التنوير فى معناه الواسع ومن خلال الحوار طرحت أفكاراً منها:
• إن الأمية الكتابية تشكل عقبة أمام الجهود المبذولة من أجل التنوير.
• إن إعلام الدولة هو المنوط به حمل مشاعل التنوير وعليه أن يبدأ الحوار فوراً مع الآخر الوطنى الإيجابى.
• راهنت كل الآراء على الشباب فى انجاز مشروع التنوير وهو مشروع حضارى بالدرجة الأولى.
ولا شك أن عالمنا العربى فى احتياج شديد لكل الافكار التنويرية التى تساعد على إتاحة الفرصة للحوار مع الآخر من خلال مراكز العصف الذهنى ومستودعات التفكير وعبر وسائط إعلام صادق ومهنى يخدم المجتمع العربى ويحقق المشاركة المجتمعية ويرسى قواعد الرقابة المجتمعية للرسالة الإعلامية ورصد رد الجمهور تجاهها من أجل تقويم الأداء وبشكل يساهم فى تقديم ما يحلحل مشكلات المجتمع ومن هنا نقدم رؤية جديدة لمفهوم الرقابة التى اعتادت الحكومة أن تمارسها والرقابة هنا هى أقرب للرصد والمتابعة منها للرقابة بمعنى تصيد الخطأ الجديد ان الذى يمارس الرقابة هم شركاء الإعلام وشركاء التنمية من خلال منظمات المجتمع المدنى الطوعية غير الحكومية.
وبناء عليه يجب تشجيع التفكير فى كل مجالات تطوير الخطاب المجتمعى بما يحقق رؤية شاملة فى كل المجالات ولهذا يعتبر التنوير هو الطريق الحقيقى والواقعى للتطوير مع الحفاظ على الثوابت والموروثات الاجتماعية التى فى مجموعها تشكل ملامح الشخصية المصرية، ولهذا دعا الملتقى الفكرى الأول للمنتدى المصرى للإعلام كل الاختصاصين والخبراء وأساتذة الجامعات فى مصر والعالم العربى، كل فى تخصصه، إلى إعداد أوراق بحثية تطرح للحوار فى ملتقياته القادمة، وأتصور أن من بين ما يجب طرحه أخلاقيات مهنة الإعلام وتجويد الأداء ومسئولية الإعلام فى التنمية المستدامة وفق مفهوم تنويرى وبحث سبل الاستفادة الإيجابية من الإعلام الجديد فى حل أزمة المعلومات.