رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى ذات اللحظة التى أطفأ فيها أديبنا الكبير «نجيب محفوظ» سيجارته الاخيرة لذلك اليوم مع آخر رشفة كان قد ارتشفها من فنجان قهوته السادة حينها كنت أنا أيضا أنقل هاتفى المحمول من على الطاولة التى أمامى لأضع مكانه فنجان الشاى الأخضر الممزوج بالنعناع  والذى كنت قد أنهيته بعد استمتاعى باحتسائه.

ونظر لى أستاذى بعد أن أخذ نفسًا عميقًا بعض الشىء وهو مبتسم بابتسامته الجميلة الهادئة التى سرعان  ما أحببتها وكأنها ارتبطت بشىء ما فى قلبى ... ثم قال لى:  كنت بحكيلك قبل القهوة يا هبة عن الشيخ عجاج ودوره المؤثر فى حبى و تمسكى باللغة العربية  وكذلك تعلمى واتقاني لقواعدها .... فمثلا أتذكر معك انه دلنى ذات يوم على كتاب يعد من أهم  كتب التراث العربى اسمه «البيان والتبيين» للجاحظ وأذكر أننى بحثت عنه طويلا فى مكتبات خان الخليلى حتى اهتديت اليه أخيرا بعد عناء وطول بحث ولكن... كم نفعتنى قراءته كثيرا فيما بعد.

ويتوقف لثوان معدودة، شعرت فيها وكأنه يستعيد شيئا ما هاما من الذاكرة... ثم يعاود حديثه  ويقول لى : سأخبرك بشىء .... أتدرين... فانه على الرغم من أن العلاقة بينى وبين الشيخ عجاج كانت ودية للغاية حيث  كان يحبنى على المستوى الشخصى هذا الى جانب اعجابه بأسلوبى فى الكتابة. فكما أخبرتك من قبل انه كان يعتبر دائما موضوعاتى فى الانشاء نماذج تحتذى لزملائى فى المدرسة، الا أن بعض «أفكارى» احيانا  كانت تعكر صفو هذا الود .... وأبتسم له قبل أن أسأله بشغف عن (نوعية تلك الافكار) - ويخيل لى أن عينى فى تلك اللحظة  كادت أن تلمع من شدة الحماس الذي كنت أشعر به وأنا اتشوق لسماع الاجابة. ويروى الاستاذ العظيم  ظمأ فضولى قائلا: ولك ان تتخيلى معى فالشيخ عجاج كان رجلا ازهريا ظل متمسكا بارتداء القفطان والعمة الى أن خلعها بعد فترة ليرتدى البدلة، والتى تعد من الملابس الأفرنجية كما كان يطلق عليها فى ذلك الوقت  ...وكانت نظرتى للدين فى تلك الفترة تتسم ببعض التحرر ولكنى أؤكد أنها كانت نظرة تحررية وليست كافرة، فبعيدا عن ثوابت الدين وعقائده الايمانية والتى لا يجوز المساس بها بتاتا لأنها تعد جوهر وأساس دين الله السماوى، والتى لا يصح ولا يكون الدين دينا بدونها، فقد كنت أميل الى إعمال العقل كما أمرنا الله فى العديد من آيات كتابه الكريم  فى التفكر والتحقق من مدى مشروعية بعض الامور المتعلقة بالمعاملات الدنيوية بين البشر وسائر المخلوقات والتى تختلف باختلاف طبيعة البيئة التاريخية وبخاصة ما جاء فى العالم التقليدى السابق للحداثة. ولعلك تعلمين أن الأفكار والمواقف والأدوار مرتبطة دوما  بمنطق التاريخ الذي تجرى فيه الوقائع وتختلف باختلاف الزمن. فما كان أساسيا قد يتحول لهامشى والعكس صحيح كذلك  ولربما كنت أضمن تلك الافكار لموضوعاتى فى الإنشاء، فكان الشيخ عجاج يعتبرنى خارجا عن المقدسات. فمن ضمن الأمثلة أذكر أننى كنت أكتب موضوعا عن عظماء التاريخ ووضعت بينهم رسولنا الكريم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، فكان الشيخ عجاج يعتبر هذا مساسا بقدر النبى صلى الله عليه وسلم وإنزالًا من شأنه.. وللحديث بقية.