رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

عرضنا فى المقال السابق الجزء الأول من المقال الساخر للكاتب الشهير مايك ويتنى، الذى نشره على موقع إنفورميشن كليرنج هاوس فى 26 أغسطس يسخر فيه من السياسى المتطرف زيجنيو برزيتسكى الذى كان المستشار السياسى للرئيس الأسبق كارتر، الذى نشر عام 1997 كتابه بعنوان «رقعة الشطرنج الكبرى» الذى يتباهى فيه بعنجهية شديدة بأن أمريكا أصبحت سيدة العالم وقطبه الأوحد دون منازع، ثم أفاقته الأحداث فعاد اليوم يعترف بتخليه عن حلمه الإمبراطورى ويعترف فى مقال نشره فى مجلة أمريكان ترست ينادى فيه بإعادة صياغة التحالفات العالمية، وبأن أعضاء جماعة صياغة السياسة الخارجية الأمريكية الأقوياء لم يعودوا يؤمنون بأن أمريكا ستنجح فى فرض هيمنتها على الشرق الأوسط وآسيا، وأن أمريكا ما زالت أقوى دولة فى العالم عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ولكنها لم تعد القوة الوحيدة وعليها أن تتأقلم مع الواقع.

يقول ويتنى إن برزيتسكى قلق جداً من الروابط التى تتنامى بين روسيا والصين وتركيا وإيران ودول وسط آسيا، وعلى أمريكا أن تحدد كيفية مواجهة التحالف الذى يدفعها للخروج من آسيا، فالضروريات الثلاث لمنع ذلك هى أن تمنع الصدام بين الدول التابعة لها وتضمن استمرار أمنهم من خلال هذه التبعية وأن تمنع «المتبربرين» من خصومها من أن يتحدوا ضدها.

ويستطرد ويتنى قائلاً إن سياسة أوباما الغبية وخصوصاً قيام حكومته بإسقاط حكومة ليبيا وأوكرانيا عجلت سرعة قيام التحالفات المعادية لأمريكا، وقد رد بوتين رئيس روسيا على ذلك التصاعد فى التوتر الذى تسببه أمريكا ووضع قوات حلف الناتو على حدود روسيا، رد بوتين على ذلك بتقوية تحالف روسيا مع دول بريكس «البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا والصين» التى تتحدى حالياً نظام سيطرة الدولار الأمريكى على الاقتصاد العالمى عن طريق إنشاء نظام بنكى جديد وعملة عالمية جديدة تسقط الدولار من فوق عرشه، وتتجه الدول النامية وغير المنحازة لدخول النظام الجديد المواجه لأمريكا، ولسوء حظ برزيتسكى فإن قلقه لا تشاركه فيه هيلارى كلينتون وتيارات المحافظين الجدد واليمين الذى يؤيدها والتى تؤمن باستمرار فرض السيطرة الأمريكية بالقوة العسكرية، وقد صرحت كلينتون فى حديث لها عام 2010 فى مجلة السياسة الخارجية حرفياً بالآتى: «باقتراب نهاية حرب العراق وقرب انسحابنا من أفغانستان تقف أمريكا على قمة القوة، وقد صرفنا فى السنوات العشر الأخيرة موارد ضخمة لهذه الجبهات، وفى السنوات العشر التالية علينا الاستثمار الذى يعزز قيادتنا للعالم ويحمى مصالحنا، وأحد أهم واجباتنا خلال الحقبة القادمة هو وضع إمكانياتنا الدبلوماسية والاقتصادية والاستراتيجية وغيرها فى منطقة آسيا والمحيط الهادى، فهذه المنطقة تنتج أكثر من نصف الإنتاج العالمى الإجمالى، وحصتها من التجارة العالمية النصف، وعلينا مضاعفة صادراتنا لها بحلول عام 2015».

ويستطرد ويتنى قائلاً: فلنقارن حديث هيلارى كلينتون هذا وهى وزيرة خارجية أوباما مع ما قاله برزيتسكى عام 1997 نجده يقول حرفياً: «إن الجائزة الجيوبولتيكية الكبرى لأمريكا هى أوراسيا «أى أوروبا وآسيا» فالقوة التى تسيطر عليها تسيطر على اثنتين من أكثر ثلاث مناطق تقدماً فى العالم، ويعيش فيها 75٪ من سكان العالم وتنتج 60٪ من الإنتاج العالمى، وبها 75٪ من مصادر الطاقة المعروفة فى العالم».

وهكذا نرى تطابق الرؤية بين برزيتسكى عام 1997 وكلينتون عام 2010 إلا أن برزيتسكى عاد فتحول مائة وثمانين درجة فى مقاله بمجلة أمريكان إنترست هذا العام بعد أن أفاقته صدمة الواقع المحيط بالعالم من أحلامه الإمبراطورية، بينما بقيت كلينتون ومجموعة الصقور التى تحيط بصناعة القرار السياسى الأمريكى التى تؤيد ترشيحها كرئيسة لأمريكا فى مواجهة ترامب شديدة التمسك بأحلامها الإمبراطورية المجنونة، وترى فى كلينتون الشخص المناسب لقيادة أمريكا فى هذه المواجهة وفى رفع درجة التوتر فى العالم لإحياء الحرب الباردة ووضع قوات الناتو فى حالة تأهب عدوانية ضد روسيا محيطة بحدودها على أمل دفع روسيا.. إلى برنامج تسليح ضخم يؤدى إلى تدمير الاقتصاد الروسى على غرار ما حدث الاتحاد السوفيتى أوائل تسعينات القرن الماضى عندما دفعت المنافسة فى التسلح مع أمريكا نتيجة برنامج حرب النجوم إلى تدمير الاقتصاد السوفيتى وتفككه عام 1991.

ولكن الثعلب المحترف بوتين يدرك هذه اللعبة جيداً، وقد صرح فى حديث له مؤخراً أنه يدرك هدف أمريكا من رفع التوتر مع روسيا، ولكن روسيا لن تسقط فى الفخ هذه المرة ولن تقوم بإنشاء جيش برى ضخم يستنزف اقتصادها المدنى، فهى تبنى دفاعها على سلاحها النووى الرادع، وقد أعلن أنه لو تخطف طائرة حربية معادية من طائرات الناتو حدود روسيا ولو بالخطأ فستطلق روسيا ترسانتها النووية فوراً لتدمير لندن وبرلين وبروكسل وباقى عواصم الغرب «ومنها أمريكا طبعاً» ولن يكون لدى روسيا وقت للتحقق مما إذا كانت الطائرة المعادية قد اخترقت حدود روسيا خطأ أو للهجوم النووى على روسيا.

 

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد