أكتب لك خطابى الخامس، يا سيادة الرئيس، والألم يعتصرنى، فرغم ثقتى الكاملة فى وطنيتك وإيمانى الكامل بحرصك الشديد على صالح هذا البلد ومستقبله، أجد أن بعض من يشيرون عليك باتخاذ قرارات مهمة يرتكبون من الأخطاء السياسية القاتلة ما يعمل على تآكل شعبية نظام الحكم، فى وقت تحاصرنا فيه ذئاب العداء المسعورة فى الخارج والداخل، ولا نحتاج إلى أن نقدم لها مزيدًا من الوقود لنيران الشر التى تشغلها فى وطنناـ وأقصد بذلك يا سيادة الرئيس حركة المحافظين الأخيرة، وخاصةً تعيين اللواء عاطف عبدالحميد محافظًا للقاهرة.
فشاغل هذا المنصب يحكم ربع شعب مصر من قاطنى القاهرة الكبرى، ويدير حياتهم، واختيار هذا الرجل بالذات لهذا المنصب فيه انعدام كامل للحس السياسى، وسأقول لك لماذا:
لقد خدمت فى مؤسسة مصر للطيران العريقة والحبيبة إلى قلبى سبعة وعشرين عامًا، وتركتها وأنا أحد نواب رئيس مجلس إدارتها، وقد تعلمت فيها الكثير، وأدين لها بأكثر من الكثير، وبطبيعة الحال كنت أتابع أخبارها دائمًا، وعندما عين الفريق أحمد شفيق الذى زاملته فى العمل بروما ثلاث سنوات، عندما كان ملحقًا عسكريًا بها، وكنت أنا مديرًا عامًا لمصر للطيران بها، عندما عين الفريق شفيق وزيرًا للطيران المدنى تفاءلت خيرًا، ولكن لم تمض أشهر قليلة جدًا حتى هالنى ما كان يتخذه من قرارات اقتصادية مدمرة للشركة، ومهدرة تمامًا للمال العام، الذى كان من المفروض أن يكون أمينًا عليه. وكان ساعده الأيمن فى كل قراراته وأخطائه الفادحة هو اللواء عاطف عبدالحميد الذى عينه الفريق شفيق رئيسًا لمؤسسة مصر للطيران، ثم اختاره وزيرًا للنقل عندما أصبح الفريق شفيق رئيسًا للوزراء، وأكتفى بذكر قرار واحد من القرارات المدمرة التى ارتكبها الفريق شفيق، ونفذها له اللواء عاطف عبدالحميد، وهو قرار تفكيك مؤسسة مصر للطيران إلى سبع شركات، لكل منها رئيس مجلس إدارة مستقل، وتحميل الشركة المرهقة بالديون بهذا العبء الإدارى والمالى الهائل، وقد وصلت معه ديون الشركة حاليًا إلى ما يزيد على عشرة مليارات جنيه.
وخلال هذه المسيرة المدمرة للشركةـ ولن أتعرض لصفقات شراء واستئجار الطائرات- ارتكب اللواء عاطف شخصيًا عدوانًا جسيمًا على المال العام عندما صرف لنفسه أربعة ملايين جنيه من أرباح شركة مصر لخدمات الطيران بالمخالفة الصارخة للقانون 82 لسنة 1985 الذى يحظر تمامًا على رئيس وأعضاء مجالس إدارة هذه الشركة صرف أرباح لأنفسهم، ويرفض عقلى تمامًا قبول فكرة أن اللواء عاطف لم يكن يعلم وقتها بأن ما فعله كان جريمة عدوان على المال العام.
وعندما وجه المستشار يحيى جلال، رئيس جهاز الكسب غير المشروع، الاتهام الجنائى إلى اللواء عاطف ومن شاركه فى هذا العدوان على المال العام، قام اللواء عاطف برد الملايين الأربعة التى استولى عليها بالمخالفة للقانون، وتم حفظ القضية، وأن القاعدة القانونية الراسخة التى تعلمناها ونحن ندرس فى كلية الحقوق، هى أن رد المال المسروق لا يُسقط جريمة السرقة، وإن أسقط العقوبة فى بعض الحالات.
استحلفك بالله، يا سيادة الرئيس، ألا تترك فرصة لمن يعمل على تآكل شعبية حكمك الوطنى المخلص، وأسأل المولى تبارك وتعالى أن يظل معك خير مرشد ورفيق على خير طريق، وأن يمنحك دائمًا القدرة على الرجوع إلى الحق الذى هو اسم من أسماء المولى تبارك وتعالى.