نظرة تأمل
ربما تخمة الدراما لا تعطى الفرصة للاستمتاع بالأعمال المقدمة على شاشات التليفزيون فى شهر رمضان، ولكن عقب الإفطار وقبل صلاة التراويح أعطانا الوقت فرصة متابعة مسلسل «مأمون وشركاه» لعادل إمام والكاتب المبدع يوسف معاطى، وقد رأيت المسلسل من منظور آخر وأتمنى أن «معاطى» كان يضعه فى ذهنه وهو يكتبه، حيث لم يكن سوى تشريح للواقع المصرى وما يتعرض له من تحديات وفى الوقت نفسه يعكس حالة العلاقات الدولية والإقليمية اليوم، وهنا تمثل الڤيللا «مصر» التى يحاول الأمريكان شراءها بالتعاون مع بعض ضعاف النفوس مثل المحامى راضى، فى حين يمثل جميع الشخوص بدءاً من «مأمون» البخيل وزوجته «حميدة» وأولادهما المنتشرين فى مناطق مختلفة من العالم وعائلة نشأت ولوقا يمثلون المصريين بكل فئاتهم، ونلاحظ أن السفير وأعوانه يحاولون الاستيلاء على الڤيللا بأى ثمن من خلال التسرب البطىء إلى نقاط الضعف البشرية مثل الحاجة والفقر واستغلال الخلافات الشخصية والعائلية وتصعيدها، بالإضافة إلى إجادته وزوجته اللغة العربية لا لشىء سوى التغلغل إلى عادات وتقاليد مجتمع يخططون لاستنزافه بشكل أو بآخر، ولهذا كانت الصدمة كبرى لهم عندما علموا بتراجع الزوجة عن دعوى الطلاق حيث كانوا يتبعون سياسة فرق تسد وهو أسلوب استعمارى قديم استخدم لإشاعة الفرقة والخلاف بين أبناء المجتمع الواحد لكن مأمون البخيل الذى يحرص على أن يظل أمام الجميع فقيراً رغم غناه الفاحش واجه لصوص العصر فكيف يمكن للذين يريدون الاستيلاء على الڤيللا أن يتعاملوا مع الواقع الجديد هذا ما سيكشف عنه المسلسل.
إن ما يحدث مع «مأمون وشركاه» هو نفسه ما يحدث مع دول الشرق الأوسط منذ أن أصدر شيمون بيريز رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق كتابه الشهير «الشرق الأوسط الجديد» الذى بشر فيه بريادة إسرائيلية للمنطقة بعد إلغاء النظام الإقليمى العربى واستبداله بنظام شرق أوسطى وسارت على نهجه هيلارى كلينتون المرشحة عن الحزب الديمقراطى لانتخابات الرئاسة الأمريكية فى كتابها «الخيارات الصعبة» التى وصفت ثورات الربيع العربى من وجهة مصلحة أمريكية، وكان المستشرق البريطانى الأصل برنارد لويس وهو يهودى الديانة الأكثر مباشرة وصراحة فى وضع النقاط على الحروف لوضع خريطة مفتتة للدول العربية والإسلامية!!