نظرة تأمل:
مازلنا ننتظر التشريع المنظم للصحافة والإعلام، ومازلنا ننتظر خروج نقابة مهنية للإعلاميين، وحتى يتحقق ذلك لابد أن تقف الدولة إلى جانب الإعلام المعبر عنها والذى أفضل تسميته إعلام الخدمة العامة على اعتبار أنه الإعلام الذى يقدم خدمة للمتلقى، ولا ينتظر عائدًا ماديًا سريعًا، بينما عائده الأكبر فى بناء وجدان الأمة وفى قدرته على تقديم الحقائق مراعيًا دائمًا المصلحة العامة كإحدى القيم التحريرية الملتزم بها أى إعلامى مهنى يمتلك أدواته ويحترم نفسه قبل احترام مهنته.
وهذا النوع من الإعلام موجود فى كل دول العالم مهما اختلفت نظمها السياسية وعقائدها المذهبية حتى الولايات المتحدة رائدة الرأسمالية والنزعة الفردية فى العالم نجد شكلًا من أشكال إعلام الخدمة العامة، وفى مصر ألغيت وزارة الإعلام، ونص الدستور على إنشاء المجلس الوطنى للإعلام المرئى والمسموع، وأشرت أكثر من مرة إلى ضرورة حل مشكلات ماسبيرو قبل اتخاذ وتنفيذ قرار إنشاء المجلس الوطنى للإعلام، لأنه- أى إعلام الخدمة العامة الذى يمثله اتحاد الإذاعة والتليفزيون- هو رمانة الميزان لضبط إيقاع الإعلام المصرى الوطنى سواء كان عامًا أو خاصًا، ولا يتم التعامل مع (ماسبيرو) على أنه رجل مريض يجب التخلص منه بما يمكن تسميته (رصاصة الرحمة).
والحقيقة أن النقد المستمر من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى للإعلام يؤكد أنه يتفهم أهمية الإعلام فى بناء وجدان الأمة، ولاشك أنه يأمل وقف حالة الفوضى الموجودة على الساحة الإعلامية الأمر الذى يطمئن على مستقبل إعلام الدولة، وإن كنت أرى أننا نحتاج إلى ثوابت تعكس قواعد لنظام إعلامى جديد، ولن نصل إلى حلول عملية تنقذ الإعلام المصرى من الأمراض المستشرية فيه، وسوف أشير إلى مثل صارخ وهو سيطرة الإعلان (بالنون) على الإعلام (بالميم) وشتان بين النون والميم حيث يتحكم المعلن أو الوكالة الإعلانية فى المحتوى الإعلامى ولا يخضعها لأى معايير مهنية أو قيم تحريرية ما يهمه تقديم شكل مبهر وموضوع مثير!!