نظرة تأمل:
إعلامنا المصري في القنوات الخاصة مشغول بنشر الفضائح وخلق المشاكل وتضييع الوقت في اتجاه التسطيح الفكري وتجريف وعي المتلقي وتناسى ملامح واقع مؤلم في منطقتنا ولا نرهق أنفسنا لقراءة متأنية له لعلنا نستطيع رسم أبعاد الصورة التي يجب التعامل معها صورة شعب وأمة وعالم ملامحها قد تكشف لنا حجم المؤامرة التي حيكت وتحاك خيوطها للقضاء على العالم العربي وفي مقدمته قلبه النابض مصر هكذا تعلمنا منذ نعومة اظفارنا عندما كانت لدينا منظومة للتربية قبل التعليم أن مصر هي قلب العرب ولا عروبة بدونها .
ولكن يبدو أن البعض آثر إلا أن ينظر الى مواقع أقدامه فقط وقام بغض الطرف عن دولة اسمها اسرائيل تحولت الى مثال للتحضر والمدنية ودول عربية حولها في العراق وسوريا وليبيا واليمن الى خرائب وأطلال فيما ينشغل البعض الآخر عندنا بكيفية التناغم مع أهداف الخارج الذي يتربص بنا ويريد ان يتحرك هذا البعض ضد حركة تطور التاريخ وهو الحفاظ على حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ونتذكر انه كان هدفهم في الداخل والخارج حتى قبل ثورة الـ 30 من يونية 2013 أن تسقط الدولة المصرية.
وبعد نجاح هذه الثورة الشعبية التي ترجمت إرادة المصريين زاد التربص وتغولت المشاعر ليس لشىء سوى منع نهوض الأمة من كبوتها وتمثل ذلك في مرة بمحاولة ضرب الاقتصاد ومرة أخرى التشكيك في قدرة الحكم على الانجاز ومرة ثالثة افتعال ازمات غير حقيقية وتزامنت مع كل هذا محاولات مضنية لتشوية صورة مصر والعرب والمسلمين في ذهنية الآخر خارج الحدود بينما نحن في داخلها مازلنا نكلم أنفسنا ولا يتعدى صوتنا حدودنا وحتى حديثنا عبر وسائل إعلامنا لا ننصت له أو نعيه إنما نحن أمام حوار طرشان يتناول موضوعات غريبة لا تساعد أحدا على الاستيعاب أو الفهم.
من هنا ينزلق الإعلام تحديدا في مستنقع الفوضى وتصبح الإثارة بكل ماتحمله من معان سيدة الموقف الإعلامي ولا أحدا يحاسب احدا ولا أحدا يطبق معايير وقيم الأداء الاعلامي. وكنت اتصور أن ثورة يناير عندما قامت ستغير أوضاعا وتقيم نظما جديدة من بينها النظام الإعلامي الجديد لكن يناير اختطفت جهارا نهارا عندما اختفى الثوريون الحقيقيون وساد المشهد أصحاب البطولات الزائفة ما انعكس على الإعلام فسيطر على مجرياته أصحاب المصالح وأشباه الاعلاميين والدخلاء على مهنة أصبحت مهنة من لا مهنة له.
ومن بين تفاصيل الصورة خرجت الجماهير تطالب من جديد بالتغيير وتسترد ثورة ضاعت معالمها في ظل حكم الإخوان الذي أدخل البلاد الى دوامات عدم الاستقرار وقذف بها الى نفق مظلم لولا أن قامت ثورة من جديد في 30 يونية في لحظة تأكد خلالها أن مصر ستظل محروسة بإذن الله.
ويقر الشعب دستورا للبلاد ويتم انتخاب رئيس للجمهورية فوضه الشعب والتف حوله ومنحه ثقته ثم انتخب برلمانا من المفترض أنه من وظائفه أن يراقب ويحاسب ويشرع ولكن الوظيفة الأهم انه مع السلطة التنفيذية والقضائية يحمون الاستقرار ويواجهون كل اشكال التآمر من الداخل والخارج .
على أي حال تكتمل الاستحقاقات بينما الإعلام يظل على حاله رغم أن بيان الثالث من يولية الذي رسم خريطة المستقبل حدد أن الإعلام هو الاستحقاق الرابع وينتظر جموع الإعلاميين في اعلام الدولة والإعلام الخاص، هذا الاستحقاق الذي يتمثل في انشاء المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع ونقابة الاعلاميين وميثاق الشرف الاعلامي.
وأخشى ان ينعقد مجلس النواب ويظهر من له مصلحة لإبقاء الوضع على ما هو عليه ويؤخر إنقاذ الإعلام من حالة الفوضى والانفلات التي يعانيها ونظل ندور في حلقة مفرغة وننتقل من الفوضى الى مزيد من الفوضى دون إدراك أن استمرار هذا التردي الإعلامي سيدعم خيوط المؤامرة التي يحاول البعض الترويج لها والعمل على تنفيذها وليس دعاوى 25 يناير القادم سوى جزء منها!!