تأتي زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للعاصمة اليونانية أثينا لعقد قمة ثلاثية مصرية يونانية قبرصية بجانب بحث العلاقات المشتركة بين الجانبين علي الصعيد الاقتصادي والسياسي والعسكري في وقت بالغ الأهمية بالنسبة للدولتين حيث ترتبط مصر واليونان بحدود بحرية مشتركة بجانب علاقات تاريخية تعود الي عصر الإسكندر الأكبر الذي أسس مدينة الإسكندرية قبل الميلاد بنحو 300 عام وقد امتزجت الحضارة والثقافة اليونانية مع المصرية عبر التاريخ منذ مجيء الاسكندر الي مصر في تسلسل متصل من التناغم والتقارب بين الشعبين في الثقافة والعادات والتقاليد .
وفي العصر الحديث ترتبط مصر بعلاقات دبلوماسية مع اليونان منذ عام 1833م وتوجد جالية يونانية كبيرة كنت تعيش في مصر ومازال عدد كبير منها يعيش في مصر في القاهرة والإسكندرية ومدن القناة وغيرها من المدن المصرية وقد خرج من هذه الجالية عدد من الوجوه البارزة الي العالمية ومنهم الشاعر كفافيس والذي يوجد متحف يحمل اسمة في مدينة الإسكندرية يعتبر من اهم مقاصد السياحة اليونانية للمدينة والمطرب العالمي الراحل ديميس روسس الذي ولد أيضا في مدينة الإسكندرية وانطلق منها الي العالمية وكان دائما يفخر بانة مولد في مصر .
أيضا تحتوي مصر علي عدد من اهم المزارات والأماكن الدينية والاثرية اليونانية ومنها بطريركية الروم الأرثوذكس < البطريركية="" اليونانية=""> حيث يوجد مقر بابا الإسكندرية وسائر افريقيا للروم الأرثوذكس في مدينة الإسكندرية وهو في ترتيب القيادات الدينية يسيق رئيس أساقفة اليونان في المكانة والترتيب بجانب وجود دير سانت كاترين الذي يعتبر من اهم الاثار والمزارات اليونانية والعالمية في مصر حيث يقصده الالاف كل شهر من جميع انحاء العالم للزيارة ومن اهم المزارات اليونانية في مصر أيضا دير مار جرجس للروم الأرثوذكس بمصر القديمة ومتحف الشاعر كفافيس بالإسكندرية والمتحف اليوناني الروماني في الإسكندرية بجانب وجود العديد من الأندية اليونانية البحرية والنيلية في مصر وهي أمور تجعل من مصر مقصد للسياحية اليونانية والقبرصية بشكل كبير اذا تم استغلالها الاستغلال الأمثل عن طريق تسويقها سياحيا .
أيضا الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها اليونان حاليا أدت الي فرض ضرائب باهظة مما ادي الي هروب رؤوس الأموال الي العديد من الدول المجاورة مثل رومانيا والتشيك مما يمثل خطر علي الاقتصاد اليوناني والشراكة الاقتصادية بين مصر واليونان وقبرص ستؤدي الي إقامة منطقة اقتصادية حرة تريد مصر إعادة التفاوض عليها والتعاون في استغلال الثروات البحرية الموجودة في الدول الثلاثة .
والتعاون المشترك بين مصر واليونان وقبرص سيؤدي الي زيادة الاستثمارات بين الدول الثلاثة مما يصب في مصلحة البلدان الثلاثة حيث تبلغ الاستثمارات اليونانية في مصر 3 مليارات دولار وهو ما يجعلها تحتل المركز الخامس بين دول الاتحاد الأوروبي التي تستثمر في مصر ومن المتوقع زياده حجم الاستثمارات الي خمسه اضعاف واليونان تعطي اهميه لتوقيع اتفاقيه لمنطقه اقتصاديه بين اليونان ومصر كما بلغ عدد المشروعات الاستثمارية اليونانية في مصر 104 مشروعاً منها 53 شركة رئيسية وتتوزع المشروعات الاستثمارية اليونانية في عدد من القطاعات الإنتاجية والخدمية .
وقد أصبحت مصر تاسع شريك تجارى لليونان على مستوى العالم وذلك يرجع إلى التعاون القائم بين ميناء بيرايوس اليوناني وقناة السويس لتنشيط التجارة في حوض البحر المتوسط وقد نمت الاستثمارات اليونانية في مصر بشكل كبير منذ عام 2004م في أعقاب عمليات الاستحواذ التي حققتها شركات الإسمنت اليونانية والتوسع غي صناعة الورق بالإضافة إلى الحصول على حقوق التنقيب عن النفط واستخراج الغاز وفي عام 2005م استحوذ بنك بيريوس اليوناني على حصة حاكمة في البنك التجاري المصري مع نشاط مكثف من البنك الأهلي اليوناني الذي فتح عدد من الفروع في مصر .
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 500 مليون دولار وبلغت الصادرات منها نحو 20% حيث ارتفع حجم التجارة البينية خلال النصف الأول من عام 2013 يقيمة 221 مليون يورو مقارنة بعام 2012م حيث بلغت القيمة 191 مليون يورو بنسبة زيادة بلغت 15.7% وتعتبر المواد الغذائية مثل البطاطس والبرتقال والأرز هي أساس التبادل التجاري بين البلدين وارتفعت أيضا الواردات البترولية من اليونان بشكل ملحوظ خلال عام 2013م لتبلغ 123 مليون يورو بينما بلغت خلال عام 2012م نحو 42 مليون يورو وقد أدى ذلك إلى ارتفاع حجم تجارة السلع البترولية بين البلدين من 124 مليون يورو خلال عام 2012م إلى 150 مليون يورو عام 2013م .
التعاون الاقتصادي بين الدول الثلاثة وخصوصا في مجال الغاز والنفط في البحر المتوسط بجانب التعاون العسكري سيؤدي الي تقليص النفوذ التركي في البحر المتوسط بجانب انه سيمثل حائط منيع للحلم التركي في نفوذ عسكري واسع في البحر المتوسط وعلي قبرص الذي مازلت تركيا تحتل جزء كبير منها حتي الان .
أخيرا ... زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للعاصمة اليونانية أثينا وعقد القمة الثلاثية المصرية اليونانية القبرصية سيمثل إعادة رسم للخريطة السياسية والعسكرية والاقتصادية في منطقة البحر الأبيض المتوسط قائمة علي تحالف قوي يقام علي روابط تاريخية وحاضر ومستقبل مشترك .