عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فين؟

(للأسف هذا ما كنا نعانيه فى بلادنا ومازلنا.. كان الغرب يطالبنا بحقوق الإنسان.. وكانت أمريكا تطالبنا بالتصالح مع الإرهابيين.. فهل تتصالح فرنسا مع جماعات الإرهاب؟!)

لن تنسى «مدينة النور» ما جرى.. لن تنسى حالة الرعب، التى ضربت أركان باريس وفرنسا، بل وأوروبا كلها.. لكن يبقى الرعب القادم، أخطر ما يمكن ان تعيشه الجاليات العربية والمسلمة.. كل من يقول «الله أكبر».. ليس لأنهم ضد هذه الكلمة فى حد ذاتها، ولكنها آخر ما سمعوه قبل المذبحة، فقد كان الإرهابيون يرددونها.. الآن لا يستطيع كل من يقولها، أن يخرج من بيته، خشية الاعتقال الفورى من أجهزة الأمن!

بالتأكيد عاشت باريس واحدة من أكثر الليالى العصيبة فى تاريخها.. اصوات انفجارات وطلقات رصاص، وبنادق آلية ورهائن وتكبيرات.. ثم أشلاء وجثث وجرحى، وسارينة الإسعاف تمزق صمت ليل باريس.. ليس احد أفلام هوليوود، لكنها لعبة مخابرات كبرى، استهدفت عدة رسائل بعينها.. منها إيجاد معسكر واضح فى التعامل مع قضايا المنطقة، وإعادة النظر فى التحالف ضد الإرهاب، وعزل بعض الأطراف عن اللعبة!

 الأدوات هذه المرة كانت باستخدام خفافيش الظلام.. ومن عجب أن يخرج هولاند ليتهم داعش قبل نتائج التحقيقات.. وهكذا ارتاح أوباما وأردوجان وكاميرون.. من حق هؤلاء بعد هذا التصريح أن يقدموا العزاء، وأن يقفوا فى الصف ويتقبلوا العزاء إلى جوار هولاند.. يقتلون القتيل ويمشون فى جنازته.. يخططون لهجمات على باريس ويدربون عليها صبيانهم، ثم يسارعون بالإدانة فوراً، وبعدها بتقديم «واجب العزاء»؟!

الأخطر من إطلاق الرصاص!

قولاً واحداً ما حدث «لعبة مخابرات».. داعش مين وبتاع مين؟.. قولاً واحداً اصابع أمريكا وانجلترا فيه.. يبقى أن نعود إلى ما اشرت إليه من رعب قادم.. أتحدث عن الإجراءات الفرنسية، فهى الأخطر على الإطلاق.. إعلان حالة الطوارئ ثم اعتقال عشوائى دون إذن مسبق، وإلغاء المظاهرات، ثم عقد محاكمات عسكرية، وترحيل من يتم ضبطه وتوقيفه.. هذا هو الأخطر لما فيه من «ضحايا جدد».. ربما يكونون أبرياء فعلاً!

لم يقل «هولاند» المقولة الشهيرة «لا تحدثونى عن حقوق الإنسان»، لكنها جعلها حقيقة على الأرض.. فقد اتخذ اجراءات خطيرة وغير مسبوقة لحماية فرنسا والفرنسيين.. كان من نتائجها إشاعة حالة من الفزع بين العرب والمسلمين.. فقد التزم أبناء الجاليات العربية فى البيوت، خشية القبض عليهم او ترحيلهم.. خاصة ان تعليمات قد صدرت لسكان باريس بعدم الخروج من منازلهم، إلا لضرورة مطلقة!

هذا هو الرعب الذى أعنيه، فربما كانت ليلة الرعب  أخفّ وطأة..  الأخطر هو القادم.. لأن الرعب سوف يضرب أجهزة الأمن، وسوف يؤدى إلى حالة ارتباك، وقد يحول مدينة النور إلى مدينة اشباح.. هذه الصورة قد يترتب عليها وقف رحلات الطيران، وإجلاء رعايا كثير من الدول.. بالتأكيد هناك مقيمون «منزعجون ومضطربون للغاية» كما ذكر المراقبون. هذا هو الخطر الذى أعنيه، وهو اشد اثراً من إطلاق الرصاص!

هل تتصالح فرنسا مع الإرهابيين؟!

قلبى مع الشعب الفرنسى لا شك، فما تعرّض له ماساة إنسانية بمعنى الكلمة.. بدأت بترديد (الله أكبر)، بينما تناثرت بعده الجثث والأشلاء فى كل مكان.. للأسف هذا ما كنا نعيشه فى بلادنا مع الإرهابيين، ومازلنا حتى الآن.. وكان الغرب يطالبنا بحقوق الإنسان، وإلغاء قانون التظاهر وإلغاء حالة الطوارئ.. وكانت أمريكا تطالبنا بالتصالح مع الإرهابيين.. الآن خرسوا جميعاً أمام الإجراءات التى اتخذها هولاند وعنده حق!

أجهزة الأمن تتصرف الآن بطريقة مختلفة.. تبدا من التوقيف والاعتقال، وتنتهى بالترحيل دون إذن أو محاكمة.. تتعامل مع المقيمين على الهوية.. امسك مسلم.. امسك عربى.. امسك مصرى.. بلا تمييز.. ولم نعد نسمع المقولة الشهيرة: المتهم برىء حتى تثبت إدانته.. راحت عليها.. ليست هناك رفاهية الفذلكة.. يقولون ذلك فى أوقات الفراغ.. يرددون ذلك عندما يكون الأمر لا يعنيهم أبداً، وعندما تكون أيديهم فى الماء البارد!

آخر كلام!

لا شك أن باريس شهدت الجحيم بعينيها.. وانقلبت الأفراح إلى مآتم.. مشهد الجثث يدمى القلوب.. السؤال: من فعل هذا بهم؟.. الكلام عن «داعش» تبسيط مخل للأمور.. إنها لعبة مخابرات كبرى.. فتشوا عنها.. ستعرفونها بسهولة.. ستعرفون أنه ثمن غال لموقف سياسى.. هؤلاء يتصرفون بلا رحمة، ثم يقدمون واجب العزاء، ويتحدثون عن الإنسانية وحقوق الإنسان.. وربما عن «التصالح» مع الإرهابيين «فى وقت لاحق»!