رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

نظرة تأمل:

مازلت أرى أن التكامل السياسي والاقتصادي العربي ضرورة لمواجهة التحديات الآنية التي تهدد أمة العرب و هو خيار لا بديل له لإفشال خطط تقسيم العالم العربي التي أضحت تمارس على الملأ من قبل أطراف اقليمية ودولية وقد انتهز البعض حادث التدافع بمنى خلال موسم الحج الاخير لتوظيفه سياسيا ولم يكن هذا إلا شكل من أشكال التآمر على الأمة العربية والإسلامية خاصة المملكة العربية السعودية التي تعد ومصر صمام الأمان والاستقرار للأمن القومي للعالم العربي ولهذا كان من الضروري الحديث عن نظرية المجال الحيوي الذي يعتقد الكثيرون أنه ينحصر في الجانب العسكري فقط ويرتبط بالمساحة الجغرافية حيث يعني نوعا من الامتداد المكاني للحفاظ على المصالح من خلال إعمال القوة القومية للدولة .

 وقد ظهرت خلال الحكم النازي إبان الحرب العالمية الثانية نظرية المجال الحيوي التي تعني حاجة الدولة الى مساحة اوسع كلما زاد نموها وعظمت قوتها وقال منتقدو هذه النظرية في حينه انها تبرر أطماعا استعمارية لتأمين حاجات شعب ما دون النظر الى حاجات الشعوب الأخرى وكانت تهدف المانيا من هذه النظرية تأمين نمو اقتصادها وبعد إنشاء الدولة العبرية عام 1948 كانت اسرائيل نموذجا لتطبيق الفكر التوسعي في نظرية المجال الحيوي ومع مرور الزمن ثبت أن هذه النظرية لم تعد تقبل بمعناها التوسعي ولكن كان لابد من إعادة تفسيرها لتناسب المتغيرات الاقليمية والدولية في القرن الحادي والعشرين ويعتبر الاتحاد الأوروبي نموذجا لنظرية المجال الحيوي في العصر الحالي وهو الربط بين المصالح المشتركة وتوحيد السياسات خاصة الاقتصادية مع الحفاظ على سيادة واستقلال أعضائه.

وهكذا خرجت فكرة المجال الحيوي من نطاق الفهم العسكري الى نطاق التطبيق السياسي والاقتصادي لها ومن ثم اختلفت المجالات الحيوية للدول وفقا لمصالحها واتضح ذلك جليا بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي في اوائل التسعينات من القرن الماضي حيث أصبح العالم بأسره يقع ضمن المجال الحيوي للولايات المتحدة التي تقوم بأداء دور الشرطي الرقيب على الدول الأخرى وتتحدد السياسة الامريكية تجاهها حسب مصالح واشنطن مع هذه الدولة أو تلك من هنا تطور مفهوم نظرية المجال الحيوي وتطورت أدوات التنفيذ، وأصبحت الأدوات الجديدة يظهر فيها وجه الإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الأطفال وحقوق النساء وحقوق السجناء وهكذا، منظومة طويلة من الحقوق تقوم على رأسها جمعيات تحت السيطرة حتى أصبحت سيادة الدولة بالمعني الحقيقي غير موجودة فعلياً وأصبح معنى السيادة أن تربط مصلحة بلدك مع مصلحة دولة كبرى، إذ أصبحت هذه الدول شرٌ لابد منه والحكيم من يخرج بأقل الخسائر.

والسؤال البديهي أين العرب من نظرية المجال الحيوي في إطارها الحديث؟ لابد من التأكيد على أن المنطقة لا تشمل العرب وحدهم فهناك ثلاث قوى اقليمية متربصة إيران وتركيا واسرائيل ولابد من احتشاد عربي في مواجهة هذه القوى التي ترى مجالات حيوية لها لا شك انها تتقاطع مع المجال الحيوي للدول العربية سواء كل منها على حدة أو مجتمعة ومن الطبيعي أن التعاطي مع هذه القوى الإقليمية بوضع عربي يسمى (فرق تسد) أمر ليس في صالح العرب أجمعين فكلما توحدت الرؤي وتكاملت المصالح بين الدول العربية أمكن الحديث عن وجود مجال حيوي قوي للعالم العربي يجبر القوى الثلاث على التراجع عن تهديد المصالح العربية.

ومثال ذلك ما كانت إسرائيل تجرؤ على اقتحام الحرم القدسي الشريف إلا عندما تيقنت من الضعف العربي وما كانت تجرؤ إيران على استمرار احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث إلا عندما تيقنت أن الفعل العربي لن يطال اطماعها وما كان الرئيس التركي أردوغان يجرؤ على مهاجمة النظم العربية إلا بعدما تيقن أنه ليس هناك من يردعه وهنا لابد من التوقف أمام التنظيم العربي الإقليمي المنوط به تنسيق وتفعيل العمل العربي المشترك وهو الجامعة العربية ونرى أنه قد أصابها العجز والضعف وما نتصوره هو إعادة هيكلة الجامعة العربية لأنها المجمع للقوة العربية والمحفز على خلق مجالها الحيوي!