نظرة تأمل:
اذا كان الإعلام في مفهومه الواسع هو عملية الاتصال الجماهيري فإن الانتخابات تعتمد بشكل أساسي علي العملية الاتصالية بين الناخب والمرشح وتقييم هذه العملية من حيث النجاح او الفشل هو الذي يحدد مصير المرشح هل سيتمكن من الحصول على مقعده في البرلمان ام سيخفق ويخرج من السباق الانتخابي؟ وفي السابق قبل اجتياح ما يمكن تسميته سطوة وهيمنة الإعلام كانت الانتخابات تتم معتمدة على الاتصال المباشر بين المرشح والناخب ولكن مع تعقد العلاقات في المجتمع واتساع نطاق الدوائر الانتخابية وزيادة الوعي الانتخابي لدى جمهور الناخبين كان من الضروري وجود بديل للاتصال المباشر وفعلا تم استبداله بالاتصال الجمعي وأصبحت ادواته الميديا او وسائل الإعلام خاصة الإعلام المرئي أو التليفزيون الذي مازال يحتل الصدارة في توجيه الرأي العام وتشكيل الوعي لدى المتلقين رغم وجود وسائل مستحدثة تعرف بالإعلام الجديد ومنها السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت العنكبوتية وكلاهما التليفزيون والاعلام الجديد اضحا يمثلان جناحا التأثير في الرأي العام سواء بالحق أو بالباطل وتزداد عملية التأثير الإيجابي كلما زاد وعي المجتمع بحقوقه السياسية وارتفع منحنى الديمقراطية وتزداد عملية التأثير السلبي لوسائل الإعلام كلما انخفض وعي المجتمع وزادت الفاقة وانخفض منحنى الديمقراطية.
ويعد التليفزيون الوسيلة الأكثر انتشارا وتأثيرا في المجتمعات الآخذة في النمو مثل المجتمع المصري ومن المفترض أنه وسيلة اتصال جماهيري ينحصر دوره خلال العملية الانتخابية في التوجيه والإرشاد وتبصير الناخبين بحقوقهم السياسية وتقديم الأخبار التي تساعد المرشحين على الالتزام بمعايير الدعاية الانتخابية وشرح حقوقهم وواجباتهم وفقا لما يقره الدستور والقانون ونلاحظ أن اعلام الدولة كان هو دائما الملتزم بهذه الوظيفة على مدار السنوات الماضية وعندما تم السماح بإنشاء قنوات فضائية خاصة زادت سطوة الإعلام وانتقلت وظيفته من مجال التوجيه والإرشاد والأخبار الى مجال جديد هو صناعة الرأي، بل نقول بصراحة التجارة في تشكيل الرأي لصالح هذا أو ذاك وهذا اكثر الصور فجاجة عندما نكون امام إجراء انتخابات ويجري هذا على حساب الناخب بشكل مباشر وتتم بالتالي عملية تجريف الوعي أو تزييفه ورغم أن هذه الجريمة بحق المجتمع تقترف على مستويات عدة إلا أن الإعلام هو الشريك الأصلي فيها لأنه الناقل المباشر للمتلقي الضحية أو المجني عليه وتأخذ هذه الصورة أشكالا مختلفة منها برامج تجمل صورة المرشح او برامج تناقش إنجازاته أو برامج تدعو مباشرة الى انتخابه والأخطر ان يكون هذا المرشح من مالكي الوسيلة الإعلامية.
وأتصور أن الإعلام الاجتماعي او ما اصطلح تسميته السوشيال ميديا يعد أمرا اكثر خطورة في التأثير على الرأي العام في الانتخابات لأن التليفزيون سواء كان عاما أو خاصا تحكمه ضوابط تتراوح بين التشدد فيها الى التساهل في التعامل معها، كما أوضحنا من قبل، أما شبكة المعلومات الدولية فهي مفتوحة بلا ضوابط إلا المعايير الاخلاقية التي يلتزم فيها المتصفح على مواقع التواصل الاجتماعي وأهمها تويتر وفيسبوك فهناك ملايين الحسابات والصفحات الشخصية من حق أصحابها ان يكتبوا ما يرونه في أي وقت يشاءون سواء كان بالحق أو الباطل بالصدق أو الكذب وتلك خطورة هذه المواقع التي كلما مر الوقت أصبحت لها شعبية وتأثير بين جماهير الناخبين الذين سيتأثرون حتما بكل ما يكتب فيها من أخبار وتعليقات وآراء ودعونا نتوقف قليلا أمام بند الأخبار على هذه المواقع في الميديا التقليدية هناك مصادر للأخبار ولها شروط حيث تعتبر الثقة الشرط الأهم في المصدر لانها تعبر عن درجة صدقية الخبر ولهذا كنا نحذر محرري الأخبار من اعتبار مواقع التواصل الاجتماعي مصدرا للاخبار كل ما كنا نوجه به هو اعتبارها مؤشرا لقصة إخبارية ما قد تصدق او لا تصدق ومن هنا لايدخل الفيسبوك أو تويتر ضمن مصادر الأخبار.
كلمة أخيرة، إن دور الإعلام في الانتخابات البرلمانية اذا كان هدفه بناء مجتمع ديمقراطي فلابد أن يتسم الأداء الإعلامي بالعدالة والحيدة والمساواة.