نظرة تأمل
أمام الحكومة الجديدة ملفات عديدة وشائكة منها على سبيل المثال لا الحصر التعليم بما فيها مشكلة البطالة نتيجة تخريج أعداد من الخريجين بلا عمل والصحة بما فيها تدني مستوى الخدمات الصحية سواء في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة أو معظم المستشفيات الخاصة بالإضافة الى كيفية تطبيق نظام التأمين الصحي على كل مواطن مصري و السياحة بما فيها كيفية تنشيطها بعد أن تراجع أعداد السائحين الأجانب بعد عام 2011 وقانون الخدمة المدنية الجديد بكل ماله وماعليه وإنشاء المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع والمجلس الأعلى للصحافة والإعلام ووقف حالة الفوضى في المشهد الإعلامي التي يبدو انها ستستمر حتى إشعار آخر .
ومن الملفات الصعبة التي مازالت تبحث عن حل لعبة الأسعار وجشع الكثير من التجار وانخفاض قيمة العملة الشرائية ما يجعل مستوى معيشة المواطن يتراجع حتى أصبحت الأغلبية الساحقة من المصريين من محدودي الدخل ثم ملف الوقود والطاقة بالإضافة الى ملفات تتعلق بالسياسة الخارجية وتفعيل دور الإعلام الخارجي وموضوع سد النهضة الاثيوبي والعلاقات المصرية العربية والعلاقات المصرية الافريقية ورغم أن المدة المتوقعة لهذه الحكومة قصيرة إلا أنه لا يجب اعتبارها حكومة انتقالية حتى لا تفقد زخم وحماس العمل كغيرها مما وصفت بالانتقالية في السابق !
وفي اعتقادي أن ملف مكافحة الفساد المستشري في معظم مؤسسات الدولة سيكون الأبرز والأهم على أجندة الحكومة الجديدة ولابد ان نعترف انه ملف معقد ولم تستطع الحكومات المتعاقبة على مدى اكثر من ستين عاما ان تحد من أشكال الفساد المالي والإداري خاصة في المؤسسات التي لها علاقة مباشرة بموارد الدولة مثل وزارة الزراعة والأوقاف أو تلك التي تبتعد عن مراقبة الحكومة المركزية في القاهرة وأقصد هنا مؤسسات الحكم المحلي التي طفح الكيل منها .
ويرى كثيرون أن الفساد هو التربح والرشوة والاستيلاء على المال العام أو إهداره واستغلال السلطة والنفوذ لكن في اعتقادي أن الفساد يتعدى هذه الأشكال الى إهدار وقت العمل وانتشار الواسطة والمحسوبية ما يفسر لنا تراجع مفهوم أهل الخبرة وعودة مفهوم أهل الثقة من جديد ويعتبر مفسدا كل من أساء استخدام الإمكانات المتاحة له ووظفها في غير مجال عمله أو وضع خطة مبهمة الأهداف ما أدى الى ضياع الوقت والجهد والأموال ونلاحظ أن كثيرا من هذه الأشكال قد لا يعاقب عليها القانون ولكن الإدارة الرشيدة الناجحة تستطيع كشفها وتطهير الجهاز الإداري للدولة منها ومن أغرب المواقف نجد قيادات تولت مناصب في الادارة العليا وأثبتت فشلها ورغم ذلك يتم التجديد لها وأرى أن هذا شكل مستتر من الفساد !
وأمامنا مثل واضح، حيث تعتبر معايير تقرير الكفاية السنوي الحالي عاملا مساهما في تكريس حالات الفساد لأن له اوجه تقويم غير موضوعية تعتمد على النواحي الشخصية والتقديرية لمدير المؤسسة الأمر الذي يجعل التقويم انطباعيا يخضع للهوى الشخصي و هذا يأتي في عصر الرقمنة وتحليل قواعد البيانات الحقيقية التي يمكن أن تقدم تقويما موضوعيا وعلميا للموظف بدون تدخل بشري لأنه يحكم على الشخص من معيار الكفاءة والقدرات والمهارات والإنجازات والطريف في تقرير الكفاية الحالي الموجود في كل مؤسسات الحكومة أنه يعتبر من هو أقل من 90% دون المستوى وكل من حصل على هذه النسبة وأعلى وهي كما قلت نسبة تقديرية له الحق في الاستمرار في منصبه ومن حصل على 89% مثلا لا يحق له الترقيه !
واتصور أنه يجب أن تقدم كل قيادة تقريرا سنويا عما أنجزته في العام السابق وتبحث وتقَووّم الإنجازات بمعرفة برامج اليكترونية مخصصة لهذا الموضوع وتقدم في النهاية صورة حقيقية لمستوى خبرة وكفاءة القيادة وهل يمكن أن تستمر في نفس الموقع ام يتم تغييرها وما هو الموقع المناسب لها من واقع الهيكل التنظيمي للمؤسسة؟