مجرد كلمة
الواجب الوطني يحتم علي أي حزب محترم أو أي قيادة سياسية أو برلمانية أو صاحب رأي أو فكر أو نقابي ضرورة مراجعة شاملة للقوانين التي صدرت في غيبة البرلمان كما يحدث في اي دولة محترمة وعدم مراجعة هذه القوانين هو اساءة لتاريخ مصر النيابي كأقدم دولة برلمانية في الشرق الأوسط.. معظم هذه القوانين تم اعدادها من مجموعات ثبت عدم توفيقها في الخروج بقوانين سليمة دستوريا..
ومنها علي سبيل المثال قانون تقسم الدوائر وقانون مباشرة الحقوق السياسية.. كما ان هناك قوانين لم تعرض علي الحوار المجتمعي وقوانين طغي علي اقرارها الطابع الانفعالي مثل الخدمة المدنية والإرهاب والتظاهر.. وقوانين أثارت قلقاً وصراعا مجتمعيا.. ان المراجعة الشاملة لجميع القوانين التي يشوبها عوار دستوري أصبحت أمراً وواجبا وطنياً.. كما ان تفرغ فقهاء القانون والدستور بالاحزاب بإعداد مشروعا ت قوانين تتوافق مع مواد الدستور يعطي رسالة ان هناك من يخاف علي مستقبل هذ البلد تشريعيا.. كما أنه لا يجب ان يقتصر الامر علي القوانين بل يمتد الي مواد الدستور فهناك مواد تنسف الحياة الديمقراطية ونزاهة العملية الانتخابية من أهمها المادة الخاصة بتحديد مدة الاشراف القضائي علي الانتحابات.. فللاسف قد حددت لجنة الخمسين مدة الاشراف القضائي لعشر سنوات فقط.. فيجب ان تترك المدة مفتوحة.. فغباء نظام ما قبل 25 يناير تمثل في قيامه بإلغاء الاشراف القضائي الكامل ضمن التعديلات الدستورية في 2007.. وقد اعترف أهم اقطاب الحزب الوطني المنحل وامين تنظيمه أحمد عز في حواره التليفزيوني بان الخطيئة الكبري كانت الغاء الاشراف القضائي رغم ان الرجل لم يكن فقط مهندس الاحتكار في السلع الاستراتيجية بل كان مهندس اقرار التعديلات.. فيكفي الاحزاب المصرية التي تشارك في الانتخابات ان تنتهي من اعداد أجندتها التشريعية.. ورؤيتها الرقابية لعرضها علي جماهير الناخبين.. كبرنامج عمل لهيئتها البرلمانية في المجلس القادم.. في عهد ما قبل 25 يناير كان يتم سلق القوانين ويتم اقرارها بسرعة الصاروخ بعد حشد أعضاء الحزب الحاكم للموافقة وظل هذا الامر سنوات طوالاً، ولكن كان الله رحيما بمصر عندما كان يجلس علي منصة القضاء الدستوري ذلك العملاق والفقيه الدستوري المستشار عوض المر.. الذي اذاق نظام ما قبل 25 يناير كل المرار بسبب سلق القوانين ومخالفته لمواد الدستور، وترك هذا الرجل مبادئ وأحكاماً وسوابق من شأنها ان تعدل الحال المائل في الاسهال التشريعي بشكل لم يسبق له مثيل.. ان الاحزاب عندما تفرغها من مضمونها ومن دورها في ترجمة مبادئها ولوائحها سرعان ما ينفض عنها الناس باحثين عن حركات أكثر فاعلية.. فتفريغ الأحزاب والمعارضة من دورها الذي تؤديه طبقا لحاكمية مواد الدستور وقوانينه يؤدي الي نبت تيارات ثورية لا تعرف الا قانونها الذي لا يعترف بدستور أو قانون عبث به من خلال سطور النفاق وابواق الزور وكهنة كل نظام حكم من فراعين مصر.. ان أكبر غباء لنظام مبارك وفساد أركان حكمه رغم اني لا أنكر دور الرجل في حرب اكتوبر والهامش الديمقراطي في بداية عهده.. انه لم يستثمر فترة حكمه التي خلت من الحروب ان يتبني رؤية ديمقراطية وتقوية الاحزاب وتهيئة المناخ لانطلاقها بدلا من قيام نظامه بتخريب وتدمير دور الأحزاب.. فمن أهم أسباب استقرار العالم المتحضر والأوروبي والأمن القومي تبادل السلطة وقوة الأحزاب وحقوق الإنسان لشعوبها وأحدد لشعوبها.. لكن للأسف عندنا نصنع كيانات وهمية وأحزاب سلطة وتاريخ الأمم وجغرافية العالم تشهد بان أحزاباً ولدت من رحم السلطة لم تعرف استمراراً أو انظلاقاً بأمة بل مصيرها مرتبط برموز سلطتها والتي ولدت من رحمها.. فموعد انتهاء هذه الكيانات المصطنعة هو يوم ترك صانعيها لمقاعد السلطة.. إن الأمة تنتظر من الأحزاب الجادة ان تقوم بوضع وإعلان أجندتها التشريعية ورؤيتها الرقابية.. وان لم تقم هذه الأحزاب بدورها فانها بذلك تساهم في احباط الأمة.. يا سادة.. ان تستمد شرعية وجودك من الأمة افضل من ان تنتظر عطف ورضاء نظام الحكم أياً كان النظام وأياً كان الحاكم.. فصالح البلاد ان تواجه السلطة باخطائها وهي في قمة سلطتها وليس بعد رحيلها.