رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فين؟

 

 

(المفترض فى بلد يتعرض لأسوأ موجة حر، أن تكون المنظومة الصحية فى حالة استنفار.. أن يكون الأطباء ملائكة رحمة، لا ملائكة عذاب!)

«مصر دخلت النار».. هكذا نسخر ونتّريق.. كتبت مقالاً منذ أسابيع عنوانه «أكتب لكم من الفرن».. لم نكن قد وصلنا بعد إلى الجحيم.. مع ذلك وزارة الصحة لم تعلن حالة الطوارئ.. لم توقف الإجازات.. النقابة لم تنصح الأطباء بفتح العيادات أيام الخميس والجمعة، باعتبارهم ملائكة الرحمة.. كل شىء عادى.. حين تذهب إلى برج الأطباء، لن تجد عيادة واحدة منورة.. لن تجد طبيباً واحداً، وعليك أن «تستسلم» للموت!

بيان الوزارة أكد أن حالات الوفاة، كسرت حاجز التسعين وفاة.. منهم 3 حالات يوم السبت فقط، وإصابة 206 حالات فى المحافظات.. أرقام رهيبة.. أحكى لكم قصة شاب جاء من أقصى المدينة يسعى.. يسأل بلهفة «مفيش دكتور جلدية».. ليه؟.. تعبان.. الحر القاتل يأكل لحمه.. تطوع مدير الأمن ببرج الأطباء، واتصل بطبيب يسكن فى نفس البرج.. وعندما نزل الطبيب مشكوراً، هرب المريض، بعد سمع رقم «الفيزيتة»!

ارحموا من فى الأرض، يرحمكم من فى السماء.. كان الطبيب يطلب رقماً كبيراً.. قال إنهم فى باب اللوق يكشفون بثلاثمائة جنيه.. إضافة إلى مبلغ آخر فى الاستشارة.. فين بقى ملائكة الرحمة؟.. أومال ملائكة العذاب يبقوا إيه؟.. هروب شاب مريض بلا علاج تحت وطأة «الفيزيتة» جريمة.. إغلاق العيادات فى هذا التوقيت كارثة.. المبالغات فى الأجر مصيبة.. الصمت من جانب الوزارة، وتنظيم المهنة، والنقابة، جريمة أيضاً!

 

«الحكاية بقت كومبينة»!

المفترض فى بلد يتعرض لأسوأ موجة حر، أن تكون منظومته الصحية فى حالة استنفار.. أن تكون دار الحكمة فى حالة طوارئ.. أن يكون الأطباء ملائكة رحمة، لا ملائكة عذاب.. الأصل هو علاج المريض.. بعد ذلك البحث عن العائد.. الكشف وحده أصبح عبئاً فما بالكم بالعلاج؟.. وإذا ذهبت للصيدلية ستجد الصيدلى يعطيك البديل الاستثمارى.. أو الطبيب نفسه يكتبه لأنه متفق مع شركة الأدوية.. يعنى «بقت كومبينة»!

«أنصحك لا تمرض فى أيام الخميس والجمعة».. اطلب إجازة.. قل للمرض فوت علينا بكرة.. ربما يأتى يوم السبت فى ظروف أحسن.. قد يكون عندك أكثر من بديل.. مستشفى او عيادة.. طبيب ابن حلال.. لكن المرض يوم الخميس يشبه أمر الاعتقال.. تنتظر حتى يوم السبت لتعرض على النيابة.. لا الطبيب سوف يرحمك ولا الصيدلى.. بعض الصيادلة الآن أكثر رحمة، أصبحوا يصفون العلاج ويعطون الدواء حسب الحالة!

أين وزارة الصحة مما يجرى؟.. لماذا لا تعيد النظر فى هذه المنظومة؟.. هل من حق الأطباء أن تكون الإجازة خميس وجمعة؟.. أفهم أن الطبيب الذى يفتح عيادة ويأخذ رخصة، لا بد أن يكون فى خدمة المجتمع.. وزارة الصحة ينبغى أن تعرف متى تكون الإجازة فى الترخيص؟.. عليها أن تنظم المسألة.. عليها أن تقسم التراخيص طبقاً للإجازة.. هذا ليس عبثاً ولا جنوناً.. العبث هو ان تكون المسألة بلا ضابط ولا رابط!

المافيا أكبر من القانون!

هناك انطباع بأن أى واحد عاوز يعمل أى حاجة بيعملها.. معناها أن الوزارة ليست موجودة بالفعل.. معناها أن المافيا أكبر من القانون.. وأكبر من الإنسانية ومن الرحمة.. منظومة الصحة من أول الطبيب إلى الصيدلى إلى التمريض إلى شركة الأدوية فى ناحية، والمريض فى ناحية أخرى.. كأنها محلات جزارة.. المريض الشاب الذى نجا بنفسه تصور أن خمسين جنيهاً تكفى.. اكتشف أنه يحتاج 250 جنيهاً للكشف والعلاج!

لا توجد عدالة فى علاج الفقراء.. كل واحد بقى ومقدرته.. «اللى ممعهوش ما يلزموش».. ناس بتتعالج فى مستشفيات فندقية.. وناس بتتعالج فى حظائر ماشية.. وإذا أعوزتك الظروف القهرية للعلاج، كان الطبيب أشبه بالجزار.. وإلا الرد الجاهز «خليه يروح مستشفى».. طب فين ايام الخميس والجمعة؟.. كيف لا تتدخل الوزارة لتنظيم المهنة؟.. هل تخشى من ثورة الأطباء؟.. ألا يكفى اننا رضينا بالهم، و«الهم مش راضى بينا»؟!

 

آخر كلام!

زمان كانت الناس تموت من البرد.. الآن تموت من الحر والبرد معاً.. موجة الحر قاتلة عن موجة البرد.. كنا نستمتع بأن بلادنا بلاد الشمس.. الآن أصبحت لعنة.. ننظر إليها من خلف النوافذ.. لا نجرؤ على الاقتراب من اشعتها.. الأرقام تشير إلى وفاة أكثر من تسعين حالة.. معناه أنها كوليرا العصر.. هل يستلزم الأمر استنفار وزارة الصحة؟.. هل يستلزم الأمر إعلان نقابة الأطباء حالة الطوارئ؟.. نريدهم ملائكة رحمة فعلاً!