عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شعاع

التصالح مع الحر، هل يمثل جريمة، أم أنه مطلب عقلاني ووطني؟.. طالما أننا كبشر غير مؤثرين علي موجة الحر، وغير قادرين علي إجبار الموجة علي الانكسار، وعودتها إلي معدلاتها الطبيعية، وتلبية رغبة جموع المصريين، وردد البعض «ساخرين» بضرورة اتخاذ موقف رسمي محدد، من دولة الهند، بعد أن تبين أن منخفض الهند الموسمي، هو السبب الرئيسي في «الساونا» التي نعيشها، رأي ثالث يرفض التصالح، مطالباً جموع المصريين، برفض أي مبادرة للتهاون مع الحر، بعد أن قتل ما يزيد علي مائة مواطن، وإصابة أكثر من ألف ونصف.

رجال الدين عندهم قولان، فريق منهم لا يعتبر سب الريح أو الحر مثلاً سباً للدهر، وإنما يعتبر من وصف الحال، وهو مباح ولا يقع قائله في الكفر ولا سيما عند وصف الدهر بالشدة والرخاء والخير والشر، وفريق آخر يعترض علي سب الدهر باعتبار أنه هو الفاعل، كأن يعتقد أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير والشر، ويقولون إن هذا شرك، لأنه اعتقد أن مع الله خالقاً، لأنه نسب الحوادث إلى غير الله.

إذن، من الأوفق، أن نبتعد عن سب الحر، أو نعترض عليه، حتي لا ندخل في تباينات دينية واجتماعية، نحن في غني عنها، ونبدأ مثل غيرنا من العقلاء، التعامل مع الحر، وتصريف شئوننا، بشكل طبيعي، ودون تعصب، وعدم رضاء، بمعني آخر نتصالح معه، ونعتبر ممن سبقونا، نقتدي بهم، حيث نجوا من الهلاك والتعب، ولم تتأثر مناحي الحياة عندهم، في وقت لم يكن لديهم - أقصد أجدادنا - وسائل لمكافحة الحر، مثل التكييف، والمروحة، والثلاجة، والمبردات، والحمامات المنزلية المجهزة، لم نقرأ في كتب التاريخ، أن أجدادنا تأثروا بارتفاع درجات الحرارة، عند بناء الأهرامات قبل أكثر من 5000 سنة، ولم تتأثر المشروعات القومية الكبري بالحر، سواء في حفر قناة السويس الجديدة، ونعرف أن أكبر عملية تكريك في العالم جرت في بداية وخلال فصل الصيف الجاري، أيضاً في بناء السد العالي، وقيل إن درجة الحرارة تعدت في أسوان الـ 45 درجة حينذاك.

يبدو أن الرفاهية باعدت بيننا وبين الحر، والمؤسف أن الشباب أكثر الفئات شكوي من الحر، لذلك ربما تجد المقاهي مليئة بالشباب ليلاً، حيث اعتدال الحرارة، وخالية بالنهار ليس لأن الشباب في مواقع العمل، بل لأنه نائم، واأسفاه، لا نريد أن يذكرنا التاريخ بأن مصر في 2015، ارتبكت الحياة فيها، بسبب «شوية حر»، وأن الحكومة أعلنت الطوارئ، وزاد عدد المتوفين، والمصابين، وبقي السؤال: هل السبب الوحيد للموت هو الحر؟.. أم هناك أسباب أخري?

الحر، أثر علي سلوكيات البشر، تر ي حالة من العصبية بين الناس، في المواصلات، في الشارع، في الأسواق، في العمل، في المنزل، الأعمال تتأجل، بسبب الحر، التزويغ من العمل بسبب الحر، ومن قبل التزويغ بسبب شهر رمضان، وفوق كل ذلك، إذا حضر الموظف غالباً لا يعمل، تجده متظاهراً، محتجاً، ناقماً، وعند العمل لا تجده، المدهش أن الارتباك الواضح لدي عدد من المسئولين، والتصريحات الخائبة حول تسبب الحر في عدد من المشاكل، كقلة النظافة وانقطاع الكهرباء، والمياه، كل ذلك ساعد الناس علي التكاسل، والبحث عن شماعة، تسمح لهم بالتزويغ إن صح التعبير.

صار الناس، متابعين بدقة، لأحوال الطقس ودرجات الحرارة، وصارت نشرات الأخبار تولي اهتماماً كبيراً لأخبار الطقس، وهناك من ينادي بمنح الموظفين إجازة، إذا ارتفعت الحرارة عن 42 درجة، صرنا شعباً يبحث ويفتش عن الإجازات، ولا يعمل، يفتش عن الامتيازات والبدلات والحوافز، دون أن يقابل ذلك عمل مميز، وهناك من يتابع الطقس، للتنزه، والتصييف، ولا بأس من ذلك، المهم أن الحر لا يعرقل العمل، ربما العكس، يكون حافزاً علي التحدي، هنا التصالح الفعلي، مع الطقس، الحر والبرد لا يمنعان أي شعب من الإنتاج والإبداع، دول جنوب شرق آسيا، المارد الاقتصادي الناشئ، درجة حرارة الطقس فيها تعادل، بل تزيد علي حرارة الجو في مصر، ومع ذلك لم يمنع الشعب من الإنتاج والإبداع، وتكوين تكتل اقتصادي عالمي يشهد له القاصي والداني.

 

 

[email protected]