رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

للسيسى اليوم ملايين ــ أنا منهم ــ يُشيدون بإعجازه المُدهِش فى شق قناة جديدة فى عام واحد، هو عامه الأول فى حُكم مصر. ولعبد الناصر الذى أمم القناة عام 1956، ناصريون يُفتشون فى التاريخ عن أى مناسبة يُشيدون فيها بصنيعه، مهما كانت نتائجه. حتى مُبارك، وجد ملايين من محبيه وأبنائه، يذكرون له تفريعات القناة التى «تمت» فى عهده، ويتباهون بها. وعلى الرغم من عظيم صنع السادات فى القناة، فليس له «ساداتيون» أو جماعة «آسفين يا أنور» تُشيد وتتباهى بما فعله فى القناة، التى أغلقتها حرب يونيو 1967 وما بعدها. ولعل ذلك مادفعنى اليوم، ومصر والعالم يحتفل معها بافتتاح «قناة السويس الجديدة»، أنْ أذْكُر للسادات العظيم أنَّه، بعد حرب أكتوبر بعشرة أيام فقط، وكانت نيران المعارك مع العدو مُشتعلة على جبهة القتال، ودوى القنابل والدانات مازال يرج أرض سيناء، قد ألقى خطابًا تاريخيًا أمام مجلس الشعب فى 16 أكتوبر عام 1973،  قال السادات فيه يومها: «إننا على استعداد هذه الساعة، بل هذه الدقيقة أن نبدأ فى تطهير قناة السويس، وفتحها أمام الملاحة البحرية العالمية.. ولقد أصدرت قرارًا لرئيس هيئة قناة السويس بالبدء فى هذه العملية».. قال السادات ذلك ليوجه للعالم رسالة أنه يُحارب من أجل الخير لكل العالم، ومن أجل السلام الذى مات من أجله..

وبدأت هيئة قناة السويس فورًا فى تطهير القناة مما استقرَّ فى أعماقها وعلق فيها وسدَّها. ومن تلك العوائق التى تم رفعها وإزالتها: السفينة الإسماعيلية، والسفينة مكة، والكراكة 23، والكراكة ناصر، والكراكة 15 سبتمبر، والكراكة 22، والقاطرة مُنجد، والقاطرة بارع، والناقلة مجد، و500 قطعة بحرية متوسطة، بالإضافة إلى سد الدفرسوار الخرسانى الذى أقامته إسرائيل؛ ليربط ضفتى القناة ويعلوه طريق مرصوف بعرض 20 مترًا لعبور قواتها من وإلى «الثغرة»، بالاضافة أيضًا إلى حواجز وسواتر رملية، منها خط بارليف. ومن العوائق الخطرة التى تم رفعها، 686 ألف لغم، و 42 ألف لغم مائى وصاروخ وقذيفة وقنبلة وعبوة ناسفة، و62 قنبلة طائرات، و175 طن ذخيرة، و567 صندوق ذخيرة كانت فى قاع القناة، و3 طائرات، و3 سفن محملة بالمتفجرات، كانت غارقة فى غاطس السويس، وعدد 154 وحدة عائمة. وتم رفع أنقاض وإعادة بناء جميع المبانى الإدارية، والمستشفيات، ووحدات الكهرباء، والمكاتب، والمعامل، والطرق، والانهيارات التى حدثت على جانبى القناة. ويعتبر الخبراء أن عملية تطهير القناة كانت عملًا كبيرًا وخطرًا واعجازًا، لا يقل عن عملية شقها فى عهد الخديو إسماعيل..

وبذكائه الخارق، اختار السادات ذكرى «هزيمة الخامس من يونية» وافتتح قناة السويس فى ذات اليوم من عام 1975، بعد أن أغلقتها الحروب 8 سنوات كاملة، وحوَّل ذكرى الهزيمة إلى ذكرى نصر وافتخار..

وأكاد أرى اليوم الرجل العظيم أنور السادات ـ كما كان فى ذلك اليوم منذ أربعين عامًا وشهرين ـ وهو فى لِباس البحرية وزيِّها الأبيض، يجوب القناة باليخت «المحروسة»، يمْخُر عُبَاب البحر، وكأنه عريس فى يوم عُرسِه. تغمره الفرحة والبهجة.. رَحِمَ الله أنور السادات الذى ظلمناه حيًا وظلمناه ميتًا..