رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

تعرف على معنى آية ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله

كتاب الله
كتاب الله

التأمل فى كتاب الله من أسباب زيادة الإيمان وتحدّثت سورة فاطر عن معاندة الكافرين لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- واستكبارهم وإعراضهم ودعاويهم الباطلة، ومن الآيات التي جاءت في هذا السياق قوله تعالى: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}.

 

وقد جاءت هذه الآية من سورة فاطر وهي الآية رقم 43 منها بعد إخبار الله تعالى عن الكافرين بأنّهم أقسموا إذا جاءهم نذير سوف يؤمنوا برسالته وسيكونون من أهدى الأمم، ولكن عندما دعاهم رسول الله للحق استكبروا وأعرضوا وحاربوه بشتّى أنواع المحاربة، فقسمهم هذا ليس إلّا استكبارًا على الخلق فقد أرادوا به المكر والخداع، ولكنّ مكرهم هذا سيحيق بهم ويدمرّهم فالمكر السيئ لا يحيق إلّا بأهله، وسنّة الله في الماكرين ماضية وطريقته في عقابهم لن تتبدّل أو تتحوّل.

 

وقد قال الإمام الطبري عند تفسيره لهذه الآية الكريمة، أنّ الكفّار نفروا في الأرض تكبرّا وجبروتًا وخديعةً سيئة، وذلك أنّهم عمدوا إلى صدِّ ضعفاء الناس عن الدخول في دين الإسلام واتباع النبي، ومعنى المكر في هذه الآية أي: الشرك، وقال قتادة أنّ "مكر السيئ"، هو الشرك، وقد أُضيف السيئ إلى المكر من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، كقول "حق اليقين"، ومعنى "لا يحيق المكر السيئ إلّا بأهله"، أي أنّ مكروه المكر لا يحل ولا يقع إلّا على أهله وأصحابه الذين مكروه، وقوله: "فهل ينظرون إلّا سنّة الأولين"، أي: فهل ينتظر هؤلاء المشركون من قوم النبي محمد إلّا أن تأتيهم سنّة الله في عاجل الدنيا فيقع بهم العقاب الأليم بسبب كفرهم وشركهم، فسنّة الله أن يوقع العذاب بمكذبي رسله من الأمم السابقة، وهذا لا يتغيّر لأنّ الله إذا قضى أمرًا فلا مردّ لقضائه سبحانه.[٧] وفي تفسير ابن كثير لهذه الآية الكريمة أنّ هؤلاء قد استكبروا عن اتباع آيات الله، ومكروا بالناس من خلال صدّهم عن سبيل الله القويم، ولكنّ مكرهم هذا سيعود وبالًا عليهم دون غيرهم، كما جاءت بعض الآثار عن رسول الله تُحذّر من المكر السيئ وتُبيّن أنّه يعود على أهله بالخسران وسوء العاقبة، كما قال محمد بن كعب القرظي: ثلاثٌ من فعلهن لم ينجُ حتّى ينزل به من مكرٍ

أو بغي أو نكث، وتصديقها في كتاب الله، {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}، وقوله تعالى في سورة يونس: {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم} وقوله تعالى في سورة الفتح: {فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ}، ثمّ تأتي بقية الآية الكريمة لتبيّن أنّ هؤلاء لا ينتظرون سوى عقوبة الله لهم على تكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره، فهذا لا تغيّر ولا تبدّل فيه، وهو جارٍ في كل مكذّب، ولا يستطيع أحد أن يكشف عذاب الله عن نفسه أو غيره.

 

وقال ابن عاشور أنّ المكر هو إخفاء الأذى، وهو سيئ لأنّه منافٍ للأخلاق الكريمة، فوصفه بالسيئ وصف كاشف وملازم له، ومكرهم هذا كان بالرسول وأتباعه فهم يقابلون من أراد صلاحهم ونفعهم بضرّه وإضمار الشر له، ومعنى يحيق: أي ينزل بالإنسان شيءٌ مكروه ويُحيط به إحاطة سوء من جميع الجهات فلا يقع أثره إلّا على صاحبه، أمّا عن "ال التعريف" في كلمة المكر فقد تكون للجنس أو للعهد، فإذا كانت للجنس فيكون المراد كل ماكر وكل مكر فيدخل فيه جميع من أراد بالمسلمين سوءًا من الكفّار والمشركين، أمّا إذا كانت للعهد فيكون المعنيون هم الكفّار الذين عاندوا رسول الله وكذبّوه وحاولوا صدّ خلق الله عن اتباع نبيّه، وهم مع قسمهم بأنّهم سيتبعون النذير عندما يأتيهم فقد ازدادوا نفورًا وتكذيبًا عند وجوب إبرائهم لقسمهم، ولكنّ الله توعدّهم بأنّ مكرهم هذا سينقلب ضرًّا عليهم وسيسلط عليهم رسول الله على غفلةٍ منهم كما حصل يوم بدر وفي فتح مكة، فالله تعالى يُدافع عن رسوله وعن المؤمنين.