رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

اللواء حسام سويلم: مصر تخوض معركة العبور الثالث

حرب أكتوبر
حرب أكتوبر

العبور الأول فى 1973 والثانى القضاء على الإرهاب.. والثالث معركة البناء والتنمية

حرب أكتوبر ركيزة استراتيجية للبناء فى الجمهورية الثالثة

تحويل تلال الحزن فى 1967 إلى طاقة عمل جبارة

مصر تقوم بإجراءات مضادة أذهلت إسرائيل

مقدمة

تخوض مصر اليوم شعباً وجيشاً معركة العبور الثالث.. بعد معركة أكتوبر المجيدة، ومعركة القضاء على جماعة الإرهاب والتطرف ضد جماعة الإخوان وغيرها من المنظمات الإرهابية، ويتمثل العبور الثالث فى معركة التنمية والتطوير من خلال العديد من المشروعات التنموية.. وأبرزها القناة الثانية وشبكة الطرق والمدن الجديدة، واستزراع مليون فدان والمثلث الذهبى، واستئناف مشروع توشكى، فضلاً عن استعادة مكانة مصر سياسياً واستراتيجياً على المستويين الإقليمى والدولى وهو ما عزز من مكانتها الدولية وأسام كثيراً فى تحقيق غاياتها وأهدافها القومية، وتأمين مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية.

لماذا حرب أكتوبر مفخرة لكل مصرى؟

1ـ جرت بإرادة مصرية خالصة، وضد إرادة الدول الكبرى، وفى ظل ظروف محلية صعبة من حيث الأزمة الاقتصادية الصعبة التى كانت تمر بها مصر وروح معنوية منخفضة، فضلاً عن خلل فى الميزان العسكرى لصالح إسرائيل على المستويين الكمى والنوعى.. حيث كانت معظم الأسلحة التى فى أيدى الجيش المصرى آنذاك أسلحة قوات روسية دفاعية ومتقادمة مقارنة بما فى يد إسرائيل، حيث كانت تتمتع بتسليح غربى «أمريكى» حديث هجومى الطابع خاصة مجال الطيران والمدرعات.

2ـ كانت الأولى فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى بمبادرة مصرية، وليست رد فعل لعمل إسرائيلى كما كان الوضع سابقاً.

3ـ تم خوضها بأسلحة دفاعية وليست هجومية، وتطويع الأسلحة الدفاعية لاستخدام هجومى تمثل فى الصواريخ أرض جو، والصواريخ المضادة للدبابات.

4ـ تم التغلب على العقبات الطبيعية والصناعية التى فعلتها إسرائيل.. مثل خط بارليف، والسد الترابى وصعوبة طبيعة وهى قناة السويس بأساليب مصرية مبتكرة أبهرت العالم.. مثل مدافع المياه لهدم الساتر الترابى شرق القناة، واستخدام قوارب المطاط بكثافة بواسطة المشاة، والصواريخ المضادة للدبابات لتدمير الدبابات الإسرائيلية بشكل مفاجئ فى الموجات الأولى للهجوم ما أتاح الفرصة لموجات العبور من إنشاء أول رأس كوبرى شرق القناة، كذلك ستائر الصواريخ أرض/جو لتدمير الطائرات الإسرائيلية وتوفير حماية لموجات هجوم القوات المصرية، ونجاحها فى تدمير 15 طائرة فى الساعات الأولى من الهجوم ما دفع قائد الطيران الإسرائيلى لمطالبة طائراتها بعدم الاقتراب من القناة لمسافة 15 كم، وكان كل ذلك فى إطار عقيدة إيمانية راسخة فى الوجدان المصرى تمثلت فى قوله تعالى «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم»، فلم يتوان المصريون فى توظيف كل إمكاناتهم وثرواتهم المتاحة والممكنة فى أيديهم وأيدى إخوانهم العرب للاشتراك فى هذه الحرب، بما فى ذلك استخدام سلاح النفط فى هذه المعركة للضغط على الدول الغربية لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضى العربية.

متطلبات حرب أكتوبر:

1ـ استحالة بقاء الاحتلال وفرض الأمر الواقع الإسرائيلى على مصر.

2ـ حق مصر الأساسى فى تحرير أراضيها.

3ـ إثبات فشل نظرية الأمن الإسرائيلى، خاصة فى بعدها الخاص بالحدود الآمنة، حيث تكبدت إسرائيل على الحدود التى كانت تظنها آمنة «فى سيناء والجولان والضفة الغربية وغزة» أكثر من 10٫000 جندى خسائر ما أفقد إسرائيل حجتها فى أن هذه المناطق آمنة، كما ثبت فشل وخطأ التمسك بشرم الشيخ بعد أن منعت مصر المملاحة فى خليج العقبة بوجودها العسكرى البحرى فى مضيق باب المندب بالتعاون مع اليمن الجنوبى آنذاك.

4ـ استيعاب دروس هزيمة حرب 1967 والقضاء فى أسبابها خاصة فيما يتعلق بإعداد القوات المسلحة المصرية- عملياً وتدريبياً وتسليحياً، مع ترشيد عملية اتخاذ القرار السياسى العسكرى والتخطيط العسكرى، وتنفيذ ما تم التخطيط له، والإشراف على ذلك على أعلى المستويات «بتعدد لجان التفتيش» والتدريب على عمليات العبور والقتال شرق القناة، حيث تم تدريب جميع القوات فى الجانب الغربى من جزيرة البلاح وفى منطقة القناطر الخيرية.

5ـ إصلاح «المعادلة المقلوبة» كيف يمكن لـ5 ملايين إسرائيلى أن يتغلبوا على 60 مليون مصرى؟! واستثمار التفوق البشرى المصرى لأقصى درجة، باعتبار معادلة رياضية تقول إنه يمكن للتفوق الكمى أن يحرز انتصاراً عند مستوى معين ضد التفوق الكيفى المعادى.

6ـ ترشيد عملية صنع القرار السياسى والعسكرى بإشراك نخبة من السياسيين والاستراتيجيين فى التخطيط وصنع القرار، ثم الإشراف على تنفيذه ومتابعته وتصحيح أى أخطاء عند التنفيذ من خلال المراقبة الدقيقة لعملية التنفيذ.

7ـ تحويل تلال الحزن التى واكبت وأعقبت هزيمة 1976 إلى طاقة عمل جبارة لتغييرها وأن تكون هزيمة للسلاح فقط وليس هزيمة للنفس.

8ـ توفير قدر أكبر من المعلومات عن قواتنا.. والمستويات التى وصلت إليها من التدريب والإعداد القتالى، وذلك من خلال لجان التفتيش فى كل المستويات، بحيث تشمل كل جوانب إعداد الفرد والسلاح والمعدة، كذلك إعداد الأرض والشعب للحرب، حيث تم استغلال وإعداد جميع الطرق الاستراتيجية لتكون بمثابة ممرات إقلاع وهبوط للطائرات مجهزة بالتحصينات اللازمة للطائرات والرادارات والمعدات الأخرى وتجهيزها بالوقود وغيره من المواد الضرورية.

9ـ وأخيراً.. اعتبار حرب أكتوبر حلقة فى سلسلة الصراع العربى الاسرائيلى وأنه صراع حضارى ممتد له ما بعده، وتربية الأجيال القادمة على تقبل هذه الحقيقة والاستعداد لمواجهتها.

الإعداد السياسى للحرب

1ـ تمت إعادة العلاقات المصرية- العربية بعد انقطاعها فترة، كما تم تأمين مشاركة سوريا فى الحرب لكسر نظرية الحرب الإسرائيلية بعدم خوض الحرب على جبهتين، حيث تم إجبارها على تقسيم جيشها إلى الجبهتين المصرية والسورية ما أضعفها فى الجبتهين ما أدى إلى زيادة الكفاءة النوعية للقوات المسلحة خاصة مع ما واكب ذلك من ظهور أنظمة تسليح ومعدات تكنولوجية عالمياً الأمر الذى تطلب توافر كوادر بشرية على مستوى عالٍ من الكفاءة النوعية.

2ـ إشراك عدد كبير من الدول العربية فى الحرب سواء فى المرحلة الابتدائية للحرب أو فى عمق العركة لتوفير عمق استراتيجى للدول العربية المشاركة فى الحرب.

3ـ استخدام سلاح النفط بواسطة الدول العربية المنتجبة للنفط للضغط على الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية لإيقاف دعمها لإسرائيل، وهذه أول مرة يدخل سلاح النفط فى معارك الصراع العربى الإسرائيلى.

4ـ نجحت القوات المصرية فى التنسيق مع دولة اليمن «الجنوبية آنذاك» لمنع إسرائيل من استخدام خليج العقبة فى الحصول على احتياجاتها من النفط «خاصة من إيران» وعرقلة ملاحتها البحرية فى هذه المنطقة.

الإعداد العسكرى:

1ـ تمت إعادة هيكلة تشكيلات الجيش المصرى فى قيادتين تعبويتين «الجيش الثالث وتحددت مسئوليته فى المنطقة من الدفرسوار شمالاً إلى ميناء الأدبية جنوب السويس جنوباً، والجيش الثانى من رأس العش جنوب بورسعيد شمالاً إلى الدفرسواز جنوباً وخمس مناطق عسكرية «منطقة بورسعيد، المنطقة الشمالية، والمنطقة ا لغربية، والمنطقة الجنوبية، ومنطقة البحر الأحمر».

2ـ بناء عشرة «10» فرق عسكرية بدلاً من 4 فرق فقط قبل حرب 1967، وإدخال المؤهلات العليا والمتوسطة فى الوعاء التجنيدى.

3ـ بناء قوة دفاع جوى مستقلة تتكون من 130 كتيبة صواريخ أرض/جو سام2 و3 بالإضافة إلى لواء صواريخ أرض/ جو سام 6، وكان يتم تدريبها خلال مرحلة حرب الاستنزاف فى مصر وروسيا فى وقت واحد فى محاولة لتعويض رفض روسيا إمدادنا بالمقاتلات والقاذفات اللازمة لخوض الحرب.

4ـ تطوير القوات الجوية على كل أصعدتها ومستوياتها بما مكن مصر من تحويل 200 مقاتلة وبمعدل 1٫5 طيار لكل طائرة و25 مطاراً وممرات جوية فى الطرق الاستراتيجية التى يمكن الاستفادة بها فى الاقلاع والهبوط قبل الحرب.

5ـ التغلب على عناصر التفوق الإسرائيلى بإجراءات مضادة تعد ابتكاراً مصرياً أذهل الإسرائيليين، وعلى اعتبار أن لكل مشكلة حلاً،على أساس استغلال عناصر التفوق المصرى «خاصة البشرية» لتعظيمها، وذلك ببناء عدد إضافى من فرق المشاة والميكانيكية والمدرعة، وزيادة أعداد كتائب المدفعية والصواريخ بعيدة المدى لتعوض النقص فى الطائرات «200 مدفع وراجمة صواريخ»، وفى مواجهة التفوق الإسرائيلى والاستخبارات السياسية والعسكرية، حيث لم يكن ممكناً إخفاء استعداداتنا للعبور والهجوم لوجود اتصال بالعدو لا يفصله سوى عرض قناة السويس 160م، لجأنا إلى الخداع بأبعاده السياسية والاستراتيجية والتكتيكية لصرف أنظار العدو عن احتمالات هجومنا، وهو ما عبر عنه موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك بقوله «كنا شايفين ومش فاهمين».

6ـ وفى مواجهة صعوبة تحصينات خط بارليف تم لجوء المصريين إلى ابتكار أسلوب (مدافع المياه) الذى كان فى حد ذاته مفاجأة الحرب بالنسبة لإسرائيل حيث تمت إذابة كل الساتر الترابى الذى أقامته بارتفاع 20 متراً فوق الشط الشرقى للقناة وفتح أعداد كبيرة من الممرات فيه لعبور المعدات الثقيلة، فضلاً عن استخدام السلالم الخشبية لتسلق جنود الموجات الأولى للعبور رغم ثقل الأسلحة والذخائر والمعدات والمهمات والمؤن التى يحملها الجندى أثناء تسلقه الساتر الترابى والتى وصلت إلى نحو 30 كجم، وهو ما يؤكد الكفاءة المبدئية والإيمانية للجندى المصرى، وكان يهتف وهو يتسلق الساتر الترابى (الله أكبر).

7ـ تم تكليف قوات من الصاعقة والمظلات بالوجود فى العمق الإسرائيلى على عمق 80 كجم شرق القناة لتعطيل تقدم الاحتياطات الاستراتيجية للعدو «2 لواء مدرع قوامهما 220 دبابة»، ونجحوا فى ذلك ما مكن المعدات الثقيلة لقواتنا من العبور ليلاً بسلام ودون خسائر تذكر بحث كانت مستعدة لصد هجمات العدو المضادة صباح اليوم التالى 7 أكتوبر وتحت غطاء قوى من الدفاعات الجوية المصرية التى تقدمت ليلاً واتخذت مواقع قريبة من القناة بحيث تمكنت من صد هجوم العدو الجوى صباح يوم 7 أكتوبر، وارتفعت به خسائر حسية كانت بمثابة مفاجأة للعدو خاصة فوق قاعدة المنصورة الجوية وبورسعيد.

8ـ تم حساب توقيت بدء الهجوم بدقة من يحث كونه غير تقليدى «بعد ظهر يوم 6 أكتوبر الساعة الثانية ظهراً» على عكس معظم الحروب التى تبدأ فى صباح أيام القتال، وساعد ذلك على تنفيذ التمهيد النيرانى بالمدفعية والطيران ومراقبة وتصحيح النيران وعبور الموجات الأولى وتسلق الساتر الترابى وهى تحمل الصواريخ المضادة للطائرات استعداداً لمواجهة هجمات العدو المضادة الأولى خلال 1- 2 ساعة من بدء عملية العبور وخلال ساعات النهار، ثم مع حلول الظلام ومع إسقاط المعدات الهندسية «الكبارى الثقيلة» وتركيبها وبدء عبور الدبابات والمدفعية وغيرها من مركبات القتال والمعدات الثقيلة أثناء الظلام حتى لا تتعرض لنيران طيران العدو وتكون جاهزة فى مواقعها القتالية مع طلوع نهار اليوم التالى للقتال، وقد فوجئت مدرعات العدو التى شنت أولى جهماتها المضادة بنيران الصواريخ المضادة للدبابات المصرية، ورصد اللاسكى صيحاتها بقياداتها «احذروا الكرات النارية الطائرة لأن ذلك أول استخدام للصواريخ المضادة للمدرعات فى الحروب الحديثة.

9ـ استمرار عمليات التفتيش للتأكد من استعداد القوات للحرب بجميع أفرعها.

إعداد: الدولة والأرض للحرب

ـ تم إعداد الدولة لخوض حرب تطول مدتها إلى 45 يوماً، وذلك من حيث تخزين مواد التموين والوقود والحبوب التى تم استيرادها من الخارج والمهمات اللازمة للشعب والجيش وتلبية احتياجاته، واستنفرت كل أجهزتها لمواجهة متطلبات الحرب، وقد بدأ التخطيط لإعداد الدولة للحرب عقب هزيمة 1967 مباشرة، بحيث يكون اقتصاد الدولة اقتصاد حرب قادراً على مواجهة التزاماتها على المستويين

المدنى والعسكرى كذلك إعداد أراضى الدولة لتكون مسرحاً للعمليات يتعين الدفاع عن كل متر فيها، هذا إلى جانب إعداد الشعب عسكرياً ومعنوياً للحرب، بتدريب احتياطيات كافية من الشباب عسكرياً توقعاً للدفع بهم لمساندة الجيش فى معاركه، خاصة إذا قرر العدو أن يوسع العمليات العسكرية لتشمل كل العمق المصرى ولا تقتصر فقط على مسرحها فى سيناء، ولذلك تم تشكيل قيادة خاصة بالقوات المسلحة لقيادة الجيش الشعبى لتولى هذه المهمة. كما تشكل فى وزارة الدفاع جهاز خاص لتولى مهمة الاتصال بالوزارات المدنية وللتنسيق معها، ووضعت كل وزارة خطتها لخدمة المجهود الحربى مع الاستعداد لمواجهة حصار بحرى قد يفرضه العدو على الموانئ الرئيسية فى البحرين الأبيض والأحمر، إلى جانب تأمين السدود والقناطر الرئيسية ومحطات القوى لضمان استمرار الإمداد بالطاقة الكهربائية واستمرار عمل شركة مصر للطيران أثناء الحرب، مع المراجعة الدائمة لخطط الطوارئ بين القوات المسلحة والأجهزة المدنية، وتمت إعادة تسكين مواطنى مدن القناة فى مدن أخرى مؤقتاً فى العمق المصرى، وبلغ حجم شبكة الطرق التى أنشئت 2000 كم.

...

ـ أجريت عملية ترشيد لصنع القرار السياسى العسكرى بإشراك عدد من الخبراء السياسيين والاستراتيجيين والعسكريين لمناقشة خطة الهجوم وتعديل ما يتطلب التعديل، كما أجريت بروفات عملية بجميع القوات التى شاركت فى العبور فى الفرع الغربى من قناة السويس غرب جزيرة البلاح وفى منطقة القناطر الخيرية للتأكد من جاهزية القوات للحرب، كذلك مباريات حربية ذات جانبين تم فيها تمثيل العدو الإسرائيلى وعرض جميع خياراته فى الحرب للدفاع عن سيناء للتحسب بإجراءات مضادة من جانبنا، وكيف سيمكن مواجهة مخططات العدو لتدمير قواتنا الجوية وإخراجها من المعركة مبكراً بجانب قوات دفاعنا الجوى ومنعه من تحقيق السيادة الجوية مرة أخرى، وكسر نظرية الأمن الإسرائيلى التى تنص على عدة أساسيات أبرزها عدم السماح بشن حرب على أكثر من جبهة واحدة، وتقليص زمن الحرب إلى أقل فترة ممكنة، وعدم السماح بحرب طويلة الأجل والاعتماد على الذراع الطولى للقوات الإسرائيلية والمتمثلة فى القوات الجوية والمدرعة مع عدم المساس بالعمق الإسرائيلى، فجاءت حرب أكتوبر لتكسر كل ذلك.. حيث امتد زمن الحرب لأكثر من 20 يوماً- من 6 إلى 21 أكتوبر، وإجبار إسرائيل على توزيع قواتها على الجبهتين المصرية والسورية، كما تم تحييد القوات الجوية والمدرعات الإسرائيلية بالاستخدام الفعال لوسائل الدفاع الجوى المصرى الذى أعلن ديان ندمه على عدم تدميرها فى مراحل بنائها الأولى واعتبرها غلطته الكبرى، بل تمكنت قواتنا الجوية من خوض عدة معارك جوية فوق قاعدة المنصورة الجوية وبورسعيد أسقطت فيها عدة مقاتلات إسرائيلية، كما تم بناء الدفاعات الجوية لبورسعيد ليلاً عدة مرات بعد تركيز الطائرات الإسرائيلية الهجمات عليها كل أساس أن بها صواريخ أرض/ أرض مصرية تطول إسرائيل.

إشراك الطاقات العربية فى الحرب

ـ إلى جانب ارتكاز خطة الحرب على أساس إدارة مصر للصراع المسلح ضد إسرائيل اعتماداً على الإمكانات المصرية الذاتية بالاشتراك مع سوريا فى الجانب العسكرى، إلا أن الخطة أتاحت الفرصة لاستغلال الطاقات العربية الأخرى بالطريقة التى تراها كل دولة عربية طبقاً لظروفها وإمكاناتها، وكان شعار «قومية المعركة» قد أخذ يقوى فى جنبات الدول العربية، وقدمت مصر توصياتها فى هذا الشأن للدول العربية، بما فى ذلك استخدام قوات المنظمة الفلسطينية فى عمق إسرائيل.. وبذلك أمكن إشراك سرب مقاتلات عرقية «هوكرهنتر» فى الضربة الجوية، وتمركز كتيبة صاعقة كويتية فى منطقة غرب البحيرات المرة لسد الثغرة بين الجيشين الثانى والثالث، وتركز سرب مقاتلات ليبى «ميراج» فى مصر، كما وصلت قوات من الجزائر والسودان ودول أخرى أثناء الحرب لتقوية العمق الاستراتيجى المصرى، وتم الاتفاق مع اليمن على تمركز ثلاث قطع بحرية فى مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر لإغلاقه فى وجه الملاحة الإسرائيلية المتجهة إلى إيران، وكان أبرز مظاهر التعاون العربى اتفاق مصر والسعودية على إيقاف تصدير النفط إلى الدول الغربية المساندة لإسرائيل، وأبرزها الولايات المتحدة إذا ما تطلب ذلك الموقف الاستراتيجى أثناء الحرب للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضى العربية المحتلة.

إنهاء مهمة المستشارين السوفيت

ـ ولحرص القيادة المصرية على أن يكون تخطيط الحرب وإدارتها مصرياً خالصاً حرصت على إنهاء مهمة المستشارين السوفيت الذين كانوا موجودين قبل الحرب، وعزز من هذا الموقف المصرى أن الاتحاد السوفيتى لم يستجب لكل مطالب مصر العسكرية اللازمة للحرب، خاصة أن مجالات تطوير القوات الجوية والدفاع الجوى ضرورية للحرب، وأعلنت مصر أنها ستحارب بما لديها من أسلحة ومعدات ورغم المردود السلبى لهذا القرار على صعيد العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتى، إلا أن حرص مصر على أن يظهر التخطيط وإدارة الحرب مصرياً خالصاً دفعها لاتخاذ هذا القرار إلى جانب خشية مصر أن يكون بين المستشارين السوفيت من يكون عميلاً لإسرائيل، وقد صدق تحسب مصر لذلك فعلاً حيث تخلف بعضهم وذهب إلى إسرائيل.

لماذا حتمية الحرب ولم يكن هناك بديل عنها

ـ بمجىء عام 1973 كان من الضرورى بحث عامل الوقت وتأثيره على المشكلة بكل أبعادها بعد سكون دام نحو سنتين منذ مبادرة روجرز وزير خارجية  أمريكا فى أغسطس 1970، والتى استغلتها مصر لتعزيز قواتها العسكرية خاصة الدفاع والقوات الجوية اللتين كان يتم بناؤمها من جديد فى مصر وروسيا فى وقت واحد، كما أن مصر كانت قد استنفدت كل المحاولات

السياسية للخروج من حالة اللا سلم واللا حرب فى الوصول إلى حل عادل لمشكلة الشرق الأوسط، وكانت إطالة زمن هذه الحالة ستترتب عليها سلبيات عديدة فى الأمور المحلية والإقليمية والدولية، حيث بدأ اليأس يتسرب لنفوس عامة الشعب بعد أن مضت أعوام الصمود والحسم التى وعدت بها القيادة السياسية الشعب دونما حل للمشكلة لا سياسياً ولا عسكرياً.

- وعلى الصعيد العربى كان سيترتب على التأخر فى الحسم فقدان الاهتمام العربى بالمشكلة، أما على الصعيد الدولى فقد ظهر فى موسكو من يشكك فى جدوى الصداقة المصرية السوفيتية، وبالتالى استمرار مساندة السوفيت لمصر، وخطورة ذلك على استمرار المساندة العسكرية السوفيتية لمصر، أما بالنسبة لأمريكا، فلم يكن متوقعاً منها تقديم أى مساعدة لمصر، بل طالبتها بالتفاوض مع إسرائيل مباشرة لحل المشكلة.

- أما على الصعيد المحلى المصرى، فقد كان استمرار التعبئة العسكرية للأفراد المجندين أكثر من ذلك، حيث وصلت مدة خدمتهم العسكرية فى عام 1970 إلى تسع سنوات لمن كان له الحق فى الخروج من الخدمة فى عام 1967 حينما بدأ تجنيدهم فى عام 1964 ولكن ظروف الحرب أجبرتهم على البقاء، كما أن نسبة المجندين بلغت فى عام 1973 نحو 65٪ من ذوى المؤهلات العليا والمتوسط وكان عدد المجندين يزداد عاماً بعد عام إلى أن وصل إلى أكثر من نصف مليون من الشباب، وكان استمرار هذا الوضع يشكل ضغطاً متزايداً على الجبهة الداخلية يوماً بعد يوم لأن هؤلاء الشباب تركوا أعمالهم المدنية التى كانت تشكل مصدر رزقهم وعائدهم كما برز عنصر آخر خطر تمثل فى تقليص كفاءة الأسلحة والمعدات من المركبات مع استمرار التدريب المكثف عليها فى حين أنها ستكون هى الأسلحة والمعدات التى سيتم خوض الحرب بها، ولا يوجد غيرها حيث لم يكن هناك معدات للتدريب وأخرى للقتال.

وللحديث بقية