هل هناك إنجاب فى الجنة؟
الايمان بالغيب من صفات المتقين والجنة اعدها الله للمتقين و قال الشيخ عطية صقر رحمه الله يقول الله سبحانه: {إن أصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون . هم وأزواجهم فى ظلال على الأرائك متكئون} يس : 55 ، 56 قال المفسرون : إن الشغل هو المتعة التى تكون بين الأزواج والزوجات ، ونسب هذا التفسير إلى ابن عباس رضى الله عنهما ، بل نسب إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث رواه أبو يعلى والطبرانى والبيهقى ، وجاء فى ذلك حديث أخرجه البزار والطبرانى وغيرهما" أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا" .
وفى مجال الحديث عن هذه المتعة تحدث العلماء عن أثرها فى الإنجاب والتوالد ، فذكر العدوى فى كتابه "مشارق الأنوار ص 186" أن العلماء اختلفوا فى ذلك ، فقال بعضهم هناك توالد ونسل ، مستدلين بحديث رواه الترمذى بسند حسن "المؤمن إذا اشتهى الولد فى الجنة كان حمله ووضعه وسنه فى ساعة كما يشتهى" قال الترمذى : اختلف أهل العلم فى هذا ، فقال بعضهم : فى الجنة جماع ولا يكون ولد، وهو مروى عن طاوس وعن مجاهد والنخعى، وقال إسحاق بن إبراهيم فى هذا الحديث :
إذا اشتهى ولكن لا يشتهى .
وقال جماعة : فيها الولد إذا اشتهاه الإنسان .
فالخلاصة أن هناك رأيين فى التوالد ، قال بعضهم : لا توالد، وقال بعضهم الآخر: فيه توالد ولكن إذا اشتهى الرجل ذلك ، ويكون الحمل والوضع والسن -الذى يريده الإنسان طفلا أو شابا مثلا- فى ساعة أى زمن وجيز، وهذا الكلام قيل : إنه موقوف لم يرفع إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، وقيل : مرفوع إليه بإسناد حسن ، أو كالمرفوع إليه لأنه لا مجال فيه للرأى .
ومثل هذه الأمور الغيبية لا يقبل فى اعتقادها إلا الدليل القوى بدرجة خاصة من القرآن والسنة فى قطعية الثبوت والدلالة، فالأولى ترك الجدال فيها ، وسنعرف ذلك عند دخول الجنة إن شاء الله . وطريق ذلك الإيمان والعمل الصالح . هذا، وعلى رأى من يقولون : ليس فى الجنة توالد ونسل فمن أين يجىء الولدان المذكورون فى القرآن بأنهم من متعة الجنة؟ .
يقول الله سبحانه فى أهل الجنة {على سرر موضونة . متكئين عليها متقابلين . يطوف عليهم ولدان مخلدون . بأكواب وأباريق وكأس من معين } الواقعة : 15-18 وجاء ذكر الولدان فى مواضع أخرى من القرآن .
ففى بعض الأقوال أن الله
أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة . قال الحسن : لم تكن لهم حسنات يجزون بها، ولا سيئات يعاقبون عليها، فوضعوا هذا الموضع . ثم قال القرطبى بعد ذكر هذه الأقوال : والمقصود أن أهل الجنة على أتم السرور والنعمة ، والنعمة إنما تتم باحتفاف الخدم والولدان بالإنسان .
وفسر كلمة { مخلدون } بأنهم لا يموتون ، أو لا يهرمون ولا يتغيرون ، أو مقرطون أى لابسون للقرط كما قال سعيد بن جبير، حيث يقال للقرط الخلدة، ولجماعة الحلى الخلدة، وقيل هم مسورون ، وقيل ممنطقون أى لابسون للمناطق وهى الأحزمة، " تفسير القرطبى ج17 ص 202،203" يقول ابن كثير "ج 8 ص 317. " :
إن أنواع الحلية التى تكون على الولدان دليل على أنهم صغار، لأن الكبار لا يليق بهم ذلك ، وقد جاء فى وصفهم قوله تعالى {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا} الإنسان : 19 يقول ابن كثير أى إذا رأيتهم فى انتشارهم فى قضاء حوائج السادة وكثرتهم وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم ، حسبتهم لؤلؤا منثورا، ولا يكون فى التشبيه أحسن من هذا ، ولا فى المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن . هذا والتمتع بالولدان هو كالتمتع بالخدم من حيث وجودهم مع الإنسان على غرار ما كان فى الدنيا ، وليس تمتعا كما ظن بعض المتحدثين فى الدين بلا علم أو ببواعث ليست لائقة.