الفقر والعوز.. الأطفال العمال يرون للوفد مرارة الحياة وضياع الطفولة بلقمة العيش
عمل الأطفال جريمة في حق الإنسانية وبراءة الطفولة، يُعاني منها الملايين من الأطفال حول العالم يقدر عددهم بحوالي 160 مليون طفل، منهم 79 مليوناً يعملون في مهن خطرة، وتشكل تلك الظاهرة ضرراً كبيراً يواجه المجتمعات وذلك نتيجة الفقر والعوز الذي يعيشه ملايين الأسر.
اقرأ أيضًا:- أوشلان: مصر تنتصر على كورونا ولدينا مشروعات لحماية الأطفال والحد الأدنى للأجور
وكغيرها من دول العالم، تُعاني مصر من ظاهرة عمل الأطفال ولاسيما في قرى الريف والصعيد، حيث يلجأ الطفل للعمل لمساعدة أسرته في المعيشة، ولكن أين تنفيذ القانون من هذه الظاهرة التي تهدد المجتمع؟، فالأطفال هم المستقبل علينا الاستثمار فيهم ورعايتهم لتنشأة أجيال قادرة على البناء.
وتعد الفيوم من أكثر المحافظات التي ينتشر بها عمل الأطفال، وذلك نتيجة تدني مستوى المعيشة وفقر عدد كبير من الأسر، الأمر الذي دفعهم لاستغلال أطفالهم بتشغيلهم في المصانع المنتشرة بالقرى، والمحال والمطاعم.
وفي جولة لمحررة "alwafd.news" بقرية ترسا في محافظة الفيوم وزيارة جمعية تنمية ورعاية الطفل العامل، التقينا بعدد من الأطفال العاملين، ورصدنا قصصهم.

طفلة في الثانية عشرة من عمرها، نحيفة الجسد وقصيرة القامة لم يكتمل نموها بها، تدعي "م.أ"، تعمل بمصنع عسلية منذ نعومة أظافرها حيث اعتبرتها أسرتها مصدر دخل إضافي فقط وليس لها أية حقوق عليهم، حُرمت من التعليم حتى تتفرغ للعمل ومساعدة الأسرة التي لديها ولدين آخريين يعملون أيضًا كشقيقتهم الصغرى.
قالت "م.أ": بروح المصنع الساعة 6 الصبح ودوري وضع العسلية في مكن التغليف، وبفضل واقفة على رجلي من الصبح لحد الساعة 4 العصر وليا نص ساعة راحة للغداء.
بحب المصنع عشان بهزر مع صحابي، هكذا عبرت "م.أ"، عن وحدتها في المنزل الذي يخلوا من الونس والدفأ بسبب عمل جميع أشقائها، ولكن لم يمنعها ذلك من الخوف الشديد الذي تتعرض له عند رؤية صاحب المصنع الذي دائمًا يتعامل مع الأطفال العاملين بالعنف، فهو لم يفكر في شيء سوى مصلحة عمله فقط.
"برجع من المصنع اترمي على السرير من كتر التعب"، بلهجة قهر وحزن شديد قالت "م.أ" تلك الكلمات التي تعبر عن مرارة الحياة التي تعيشها، وبعيون شاردة أجابت على سؤال نفسك في أيه؟: نفسي في حاجات كتير أوي محتارة فيها من كترها.
أما عن الطفل "أ.م"، في الصف السادس الابتدائي، قال: بشتغل في مطعم كريب ودوري تنظيف المحل فقط، ودايما صاحب المطعم يضربني ويزعقلي ويطردني ولكن مقدرش أسيب الشغل لأن أهلي فقراء ومحتاجين الفلوس.
والتقطت الطفلة "هـ.س" طرف الحديث: وأنا عندي 12 سنة وبشتغل في مصنع شيكولاته، ومثلها مثل الطفلة "م.أ" وجدت في العمل المصنع جو الونس والتسلية مع زملائها بسبب عمل أشقائها أيضًا وعدم وجودهم بالمنزل طوال اليوم.
بقبض في اليوم 30 جنيه
اقرأ أيضًا:- العمل الدولية تنظم زيارة ميدانية لجمعية تنمية ورعاية الطفل العامل بالفيوم
ولم تنته مهمة "هـ.س"، عند خروجها من المصنع ولكن بعد عودتها للمنزل تبدأ رحلة مشقة أخرى بمساعدة والدتها في أعمال المنزل وطهي الطعام وتنظيف الأطباق والأواني، حتى نهاية اليوم لتجلس أمام التلفاز وقت قليل حيث يعد ذلك وسيلة الترفيه الوحيدة بالنسبة لها.
أما عن حكاية "م.م"، طفل في الرابعة عشر من عمره بالصف الثالث الإعدادي، كل طموحه أن يصبح لاعب كرة قدم مثل اللاعب محمد صلاح، قائلًا: بشتغل في ورشة نجارة عشان أساعد أهلي وبتمنى أعيش طفولتي زي كل العيال وأروح المدرسة وأذاكر.

نفسي: عمل الأطفال تنشأ أجيال عدوانية وناقمة على المجتمع
ومن ناحيته، قال الدكتور كريم عماد، استشاري الصحة النفسية، إن ظاهرة عمل الأطفال تنشأ أجيال عدوانية وناقمة على المجتمع، وذلك بسبب تحملهم المسئولية في عمر مبكر واستنزف طاقتهم، مما ينعكس عليهم في الكبر بشكل سلبي حيث يعزفون عن تحمل المسئولية ويرغبون في كسب المال بأسهل الطرق والوسائل كالسرقة والتسول وتجارة المخدرات وغيرها من الأعمال غير المشروعة.
وأضاف عماد في تصريحه لـ"alwafd.news"، أن تعرض هؤلاء الأطفال للإيذاء النفسي في صغرهم وتعرضهم للإهانة والمعاملة السيئة، يجعلهم أشخاص مشوهين نفسيًا، حيث تنحرف سلوكياتهم ويشعرون باللذة والاستمتاع بإفساد المجتمع، وكأنهم ينتقمون لأنفسهم وما تعرضوا له من قهر في طفولتهم.
وأكد استشاري الصحة النفسية، أن استمرار ظاهرة عمل الأطفال تهدد المجتمع وتتسبب في إنشاء أجيال منحرفة سلوكيًا، مما ينذر بانتشار الجريمة والأعمال المنافية للأخلاق والآداب، لذا فالقضاء على عمل الأطفال ضرورة ملحة لمجتمع أفضل خالي من الجريمة.
طالع المزيد من الأخبار عبر موقع alwafd.news