إن توطين الصناعات Industrial Localization هى عملية نقل الإنتاج من منطقة إلى أخرى بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتى وتقليل الاعتماد على الواردات، ويشمل التوطين نقل التكنولوجيا والمعرفة وإعادة توجيه الاستثمارات وتدريب القوى العاملة المحلية، ولعل تفشى فيروس كورونا المستجد بالعالم الذى كشف عن مخاطر الاعتماد على سلاسل الإنتاج العالمية للحصول على مكونات المنتج النهائى، وكذلك التصدير فى عالم ملىء بحروب تجارية وسياسات متنوعة، بمعنى آخر فإن توطين الصناعة هو إحياء وتشجيع الصناعة الوطنية؛ التى اندثرت، والعمل على تطويرها من أجل النهوض بها مرة أخرى ولتحظى بمكانة مرموقة تؤهلها على المنافسة فى الأسواق، وهنا الدولة لها دور بارز فى توطين الصناعات؛ ويأتى ذلك من خلال توفير الأراضى الصناعية؛ وإتاحة المزيد من التسهيلات، بما يتضمن الحصول على التراخيص؛ فضلاً عن تخفيف الإجراءات التى تعمل على توفير المواد الخام؛ والأهم من ذلك هو الاهتمام برأس المال البشرى، عن طريق التعليم الفنى والدورات التدريبية من أجل الحصول على أشخاص مدربين يمكنهم مجابهة سوق العمل؛ مما ينتج عنه زيادة عجلة الإنتاج وازدهار الصناعة، بل إن توطين الصناعات ليس حكرًا على الشركات الكبيرة فحسب، بل إن أحد التوجهات القائمة يكمن فى توطين صناعات المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبالذات فى مجالات حديثة نسبيًا مثل التكنولوجيا الناشئة والأمن السيبرانى، وبالتالى توطين الصناعة فى مصر هدف يستحق منا بذل الغالى والنفيس، لكنه لا يتحقق تلقائيًّا، أو بتجاهل خبرات الدول التى سبقتنا، بل يتحقق بتحسين مناخ الاستثمار، وتغيير جذرى فى توجه السياسات ودور الدولة، وكفاءة أعلى فيما يقدم من برامج دعم، واعتبار توطين الصناعة مشروع قومى بحيث لا يقتصر على وزارة الصناعة وحدها، فحينما يتحقق هذا الحلم سينعكس على زيادة الإنتاج والصادرات، وتوفر المنتجات فى الأسواق الداخلية وانخفاض الأسعار، وبالتالى خلق المزيد من فرص العمل، وهو الأمر الذى سيؤدى إلى زيادة الدخل ورفع مستوى المعيشة للمواطنين، وزيادة الناتج القومى، ومن ثم خفض معدلات الفقر، ورفع معدلات النمو، والوصول إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة، وللحديث بقية إن شاء الله.