رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمات

البعض وصفها بالفاجعة، وآخرون وصفوها بالكارثة، والبعض تعامل معها بمنطق: «شر البلية»، والبعض يراها حادثة عادية تكررت من قبل مرات ومرات، ولكنى أعتبرها دليلًا على أننا نعيش فى مجتمع ينتحر!

الحكاية تتعلق بواقعة طبيب الأسنان المزيف الذى تم ضبطه فى محافظة المنوفية قبل أيام.. هذا المزيف فتح عيادة لعلاج الأسنان واستقبل مرضى، وصف لبعضهم الدواء، وأجرى جراحات لبعضهم، رغم أنه لا علاقة له بالطب أو الأسنان، لأنه ببساطة خريج كلية شريعة وقانون!.. تخيلوا.

صحيح أن تلك الواقعة ليست الأولى من نوعها، فسبقتها وقائع مماثلة فى الإسكندرية والشرقية والغربية وقنا، وغيرها، ولكن هذه الواقعة متفردة فى أشياء كثيرة، وتثير عاصفة من الأسئلة، وتكشف أسرارًا خطيرة فى المجتمع..

فالطبيب المزيف خريج شريعة وقانون، وبحكم دراسته للشريعة يعرف تمام المعرفة أن ما قام به يخالف كل مبادئ الشريعة التى ظل يدرسها 16 عامًا متصلة، وحفظها عن ظهر قلب!

وأيضاً يعلم تمام العلم بحكم دراسته للقانون أن ممارسته لمهنة الطب دون دراسة ودون الحصول على ترخيص بممارسة المهنة يعد جريمة عقوبتها الحبس..

ورغم كل ذلك فعل ما فعل، ولا عزاء لما درسه من شريعة وقانون!

والمؤكد أيضاً ذات الطبيب المزيف قراء عشرات الوقائع عن ضبط أشخاص انتحلوا صفة «طبيب» وكان مصيرهم الحبس والفضيحة، ولكن كل ذلك لم يردعه، فارتدى هو الآخر ثوب طبيب الأسنان وراح يعالج المرضى!

وأتوقف كثيرًا أمام إقبال المرضى على طبيب مزيف وتلقيهم علاجًا على يديه دون أن يكتشفوا أنه مزيف، وأنه لا يعرف شيئًا عن طب الأسنان، وهذا الأمر له دلائل عديدة، على رأسها أن المجتمع المصرى سهل الانخداع، وعاجز عن أن يفرق بين ما هو حقيقى وما هو مزيف، ويتساوى عنده الحقيقى والمزيف، كما أنه مجتمع يقبل أن يكون حقل تجارب للجهلاء ولكل من هب ودب.. مجتمع لا يستطيع أن يوقف المخطئ عند حده، ولا أن يمنعه من ارتكاب جريمته، فالمؤكد أن هذا الطبيب المزيف أخطأ كثيرًا فى علاج كل من تردد عليه، ومع ذلك لم يتصدى له أى منهم، بدليل أن عيادته ظلت مفتوحة وتستقبل المرضى يوما بعد آخر!

نفس الواقعة أيضاً تكشف أن بيننا فى مصر من لديه يقين بأنه يمكنه عمل أى شيء وكل شيء، واستباح أن يفعل ما يغضب الله وتجاسر على أن يمرمغ أنف القانون فى الوحل دون خشية من عقابٍ، ففى اعتقادهم أن المجتمع المصرى سداح مداح يمكن أن يُفعل به الأفاعيل ويمر الجانى دون عقاب أو حتى مساءلة!

وإذا كانت هذه الواقعة فى دنيا الطب والأطباء، فإن كواليس عالم المهندسين المصريين مملوءة هى الأخرى بكوارث، وحسب معلومات مصدرها قيادى كبير بنقابة المهندسين، لم أستاذنه فى نشر اسمه، ولهذا أحتفظ باسمه.. هذا القيادى الكبير أكد أنه تم مؤخرًا ضبط 11 شخصًا يحملون كارنيهات هندسية مزورة فى محافظة المنيا وحدها، وقيادى آخر بذات النقابة أكد أن أغلب التقارير الهندسية لعمليات التعلية بمبانى مدينة السادات مزورة!.. تخيلوا

والسؤال: مجتمع بهذا الحال وتلك السمات هل هو مجتمع يريد أن ينهض ويتطور أم أنه مجتمع ينتحر؟