رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

حاولت مرارًا وتكرارًا مكافأتها على معروفها معى ولكنها أبت، وعندما طلبت منها علاج بعض الحالات المشابهة لحالتى ممن يترددون على الجريدة أو الأصدقاء والأقارب كانت لا تمل، ولم تغير معاملتها يوما ما رغم الضغوط التى كانت تعانى منها فى العمل والزحام و الأعداد المهولة التى كانت تأتى إليها يومى السبت والثلاثاء من كل أسبوع فى معهد الرمد التذكارى بالجيزة، فحاولت مكافأتها بطريقة أخرى فطلبت منها نشر موضوع بالجريدة باسمها وصورتها للحالات التى نجحت فى علاجها وتفوقت بها على العديد من زملائها داخل المعهد وخارجه، ولكنها كانت ترفض بشدة معللة أنها لا تحب الظهور الإعلامى ولا تسعى لأى طموح فى حياتها سوى خدمة البسطاء الذين لا يستطيعون العلاج فى العيادات الخاصة، وعندما طلبت منها الذهاب إلى عيادتها الخاصة أو المركز الذى تعمل فيه فكان الرد بكل قناعة واطمئنان أنا ليس لى عيادة خاصة ولا أعمل إلا فى معهد الرمد التذكارى بالجيزة.

بداية معرفتى بها كانت فى غضون عام ٢٠١٧ عندما فوجئت بازدواج فى الرؤيا وجحوظ بالعينين وترددت على أكبر أطباء العيون بالمستشفيات الخاصة وكانت النتيجة واحدة، لا استطيع غلق العينين أثناء النوم وضغط العين فى ارتفاع مستمر.

قابلت أحد الأطباء المشاهير فى جراحة الجفون بمركز عيون شهير يحمل فى يده (مازورة) التى يستخدمها الترزية ولم يفحصنى بأية أجهزة وكان رده السريع.. سيتم تكسير عظام حجاب العينين وإجراء ثلاثة عمليات أخرى بعدها لما يترتب على العملية الأولى من أثار وطلب مبلغ خيالى نظير الأربعة عمليات التى ستجرى لى فى المركز الشهير.

تركته وعدت إلى أساتذة معهد الرمد التذكارى الذين حذرونى من هذه الجراحة الخطيرة أثناء وجود الطبيبة عواطف عبداللطيف، والتى طلبت أن تتولى علاج حالتى بعد ان وجدت اليأس يبدوا على حالتى، وطلبت منى بكل هدوء وثقة وابتسامه رقيقة أنها ستعالج حالتى بعد أن قدمت المشيئة كعادتها، ومن يومها وأنا مدين لها ولم تنقطع اتصالاتى بها، حتى بعد الخروج للمعاش وكانت تطلب منى عمل الأشعة وإرسالها على الماسنجر ونجحت خطة علاجها فى الأسابيع الأولى من العلاج، وتطلب منى مساعدة ومتابعة أية حالة مشابهة لحالتى وعندما عرضت عليها نشر مشكلة تأخر مستحقاتها التأمينية لمدة تزيد عن عام رفضت أيضًا، وقالت سوف أسعى بكل السبل للحصول على حقى دون شوشرة أو مجاملات، ورغم المشقة التى واجهتها للحصول على حقوقها التأمينية إلا انها لم تهنأ يصرفه أكثر من عامين، وبعدها وافتها المنية دون ان يشعر بها أحدًا من مرضاها لكى يردوا لها الجميل ويتبعوا جنازتها أو الدعاء لها، رغم أنها لم تتردد لحظة قبل وفاتها بأيام قليلة من متابعة حالة شاب أوشك على فقد بصره، وتوجهت معى ومعه إلى مستشفى قصر العينى وفحصت حالته بنفسها دون أن تتقاضى مليما واحدا كعادتها ورفضت حتى تشرب زجاجة مياه معدنية، وطلبت منى التحرك بسرعة لخطورة الحالة وانصرفت مسرعة ولا نعلم أنها كانت تودعنا بكرمها المعهود، وتعافى المريض التى خرجت لأجله وذهبت هى إلى جوار ربها ليجزل لها العطاء ويضعها فى المكانة التى تليق بها (نحسبها كذلك ولانزكى على الله أحد) وأتمنى من الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى تكريم اسمها ووضعه على إحدى القاعات بمعهد الرمد التذكارى بالجيزة تكريما لإنسانيتها التى نفتقدها هذه الأيام ولا ننسى أن نقدم خالص العزاء لأسرتها الكريمة فى مصابهم الأليم.