رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

دار حوار مع صديق عزيز عن الزعيم خالد الذكر مصطفى النحاس الذى نال منه الخصوم بغير حق، محاولين تشويه صورة هذا الرجل الذى كانت تصرفاته تؤكد أنه كان وليًا من أولياء الله الصالحين قبل أن يكون زعيمًا سياسيًا.

وهذا ما جعلنى أتناول سيرة هذا الرجل العظيم.

يقول الراحل الكريم عباس حافظ فى كتابه «زعيم الفقراء.. مصطفى النحاس» نشأ مصطفى فى بيت طاهر، ودرج فى ذلك الأفق الساكن الوديع، فاكتسب الاستقامة، وحرص على الصلاة من سن العاشرة، حتى لقد سُئل فيما بعد عن سر هذا التمسك الصادق بشعائر الله، فقال: إنه حين انحدر به أبوه إلى القاهرة ليسلكه فى المدرسة، ذهبا من ساعتهما رأسًا إلى ضريح سيدنا الحسين رضى الله عنه. فلم يكد والده يقف به أمام المقام الطاهر حتى انبعث فى خشوع يقول: «لقد سلمت لك مصطفى!» فشعر الطفل فى تلك اللحظة بوحى خفى دب إلى نفسه، واستفاض فى مشاعره، وغَمَرَ حواسه، فظل يذكر تلك الوقفة الدينية الرهيبة طيلة الحياة، وتتمثل تلك الكلمات تدوى فى أذنيه على الأيام، ومنذ ذلك الحين لم يترك فرضاً، ولم يهمل ميقات صلاة، بل لقد كانت هناك جوائز ومكافآت للصلاة فى المدارس الابتدائية والثانوية، فأحرزها جميعاً، وفى سائر أعوام دراسته.

هو أول أثر للمحيط العائلى فى نفس مصطفى عند طفولته، وهو تأثير خُلُقى يتصل بالشعور، ويلقى فى الوجدان بذور الفضيلة، وتشيع فى النفس من أفاعيله كرائم الآداب، ورفعة الأخلاق، والتنزه عن الدنايا، ويضع فى أعماق الخاطر قوة الإيمان والاعتماد على الله، وجلال اليقين الذى لا يتطرق اليأس إليه فى أشد الحلكات، وأبلغ المحن، وأرهب البلاء.

وكذلك بدت بوادر نفسه الصالحة الطاهرة قبل ظهور مخايل ذكائه، ورفعة ذهنه، لأن النشأة النفسية إنما تكون من عمل البيت، وصنع المؤثرات العائلية، وأفاعيل الوسط الأول والبيئة الخاصة، وعلى مبلغ هذه النشأة من القوة والنقاء والخير والطبيعة تكون الرجولة، ويروح المصير، ويتيسر النجاح، ويتوانى الفوز والتوفيق.

بفضل التربية المنزلية، والتكوين النفسى الأول، ظهر مصطفى النحاس فى شبابه موضع الإعجاب، وتجلى فى رجولته محل الإجلال والإكبار، وفى زعامته الوطنية كاسب الإيمان ومكسبة، ورابح اليقين وموحيه، والمتجمل بالثبات والمنادى إليه، والرفيع النفس والنفوس ألفاف حوله، والمتغلب على خصومه وإن تكاثروا عليه، بقوة تلك المزايا التى استمكنت منه بفضل النشأة والتكوين.

وخارج البيت لم تلبث استعداداته الذهنية أن ظهرت بادهة مدهشة كمواهب نفسه، ولم تكن فى سمنود مدارس كبيرة فى ذلك الحين، وإنما كانت مدرسة لتعليم الفرنسية أنشأها قبطيان من أهل المدينة، وهى مدرسة صغيرة متواضعة، لا تكفل تعليمًا كبيرًا ولا حسن تنشئة، ولكن الصبى مصطفى جعل يختلف إليها فى طفولته ليأخذ عنها المبادئ الأولية.

وبذلك لا نكون مبالغين إذا قلت إن النحاس الزعيم لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يتخلى عن هذه المبادئ وتلك النشأة حتى وفاته.. ولعن الله كل من تجرأ على هذا الرجل العظيم وحاول النيل منه.

رحم الله الزعيم مصطفى النحاس، الذى تعد سيرته نبراساً يهتدى به.