رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

أعود مرة أخرى إلى الحديث عن الصحافة وعلاقتها بالأعمال السياسية. وفى هذا اليوم أواصل الحديث عما يسمى بصحافة النكسة أو صحافة الهزيمة. وقد تجلى ذلك ظاهرا وواضحا فى عام 1967.

ان كل من يتصدى لهزيمة يوم 5 يونيو 1967 يجد لزاما عليه ان يعترف بكونها هزيمة عسكرية وسياسية وحضارية، حيث إن المصريين قد خاضوا المعركة فى غياب اى تخطيط شامل للنواحى السياسية والاقتصادية والاعلامية والعسكرية. وأثارت الهزيمة عشرات الاسئلة بين النصر السهل الذى أحرزته اسرائيل، فأخذت الأقلام تصول وتجول حول اسباب الهزيمة. مع ان التيار الغالب لدى الكتاب المصريين تمثل فى تأييد الخطأ العسكرى لهزيمة 67 ومعارضة كون هزيمة سياسية، إلا أنه قد ظهر رأى ثالث يؤيد كون الهزيمة عسكرية وسياسية فى وقت واحد.

على عكس الصحافة التى قررت خداع الشعب بأخبار بدأت بآمال انتصار ودحر لقوات العدو، وانتهت بخيبة أمل وبيانات النكسة وخطاب تنحى الرئيس جمال عبد الناصر. فصحافة النكسة كشفت عن نكسة صحفية لا تقل عن نكسة الأخرى. فقد ظلت الصحف الرئيسية طوال أيام المعركة تنشر عن معركة أخرى وتبشر بانتصارات لم تحدث.

فى صباح يوم العدوان كتبت الصحف تقول العراق ينضم إلى اتفاق الدفاع المشترك مع الأردن.. عبد الناصر يعلن للعالم والأمة العربية بعد توقيع الاتفاق ننتظر المعركة على أحر من الجمر.. وفى الصفحة صورة لعبدالناصر وهو يوقع الاتفاقية وتحتها تعليق سنتصدى لكل عدوان وسنهزم كل عدوان.. أما فى 6 يونيو 67 فقد صدرت الصحف وهى تحمل مانشتات أسقطنا 43 طائرة للعدو.. قواتنا تتوغل داخل اسرائيل وتقضى على هجوم للعدو استخدم فيه مجموعة كبيرة من الدبابات... قوتنا قضت على هجوم فى أم قطف وأبادت قوات العدو تماما.. بيانات إسرائيل تعترف بالخسائر الفادحة والتقدم العربى الجبار.. القوات السعودية تدخل المعركة.. الجزائر والكويت والسودان تعلن الحرب على إسرائيل..قوات الاردن تحتل جبل المكبر فى القدس وتضرب خمس مستعمرات إسرائيلية.. طيران العراق يقصف مواقع العدو ومنشآته داخل إسرائيل.

وهكذا ولم يتبين هل فعلت الصحافة ذلك بإيعاز من السلطة السياسية، ام رغبه فى نيل رضا هذه السلطة؟. أم مجرد محاولة لرفع الهمم والروح المعنوية. وقد جاء على لسان الرئيس جمال عبد الناصر قبل الهزيمة فى لقائه بالصحفيين العرب فى 4 فبراير سنة 67 احنا لنا خط عام معروف خط اشتراكى تحررى ثورى، لا نسمح فيه بخط رأسمالى رجعى.. كل واحد حر.. كل رئيس تحرير حر.

ولا نسمح فيه بوجود خط راس مالى رجعي.. كل واحد حر ولا يستطيع احد ان يقول له اعمل كده بنسمع كثير عن حرية الصحافة... هناك فهم خاطئ يقال بره ان احنا بنكتب للجرايد لو عملنا كدة يبقى بنطلع منشور. والسؤال الذى يفرض نفسه هنا هل كان رجال الرئيس عبد الناصر مقتنعين بمثل هذه الأفكار؟. ام أن رجال كل عصر يمارسون تقييد الحريات وعلى رأسها الصحافة من اجل ما يتصورون انه يرضى القيادة السياسية وفى حقيقة الأمر انه من أجل الحفاظ على مكاسبهم غير المشروعة ونفوذهم الممتد بلا حدود دون وازع من ضمير أو مبدأ أخلاقى ومن واقع تجربة النكسة واستقراء وقائع الصحف وقتئذ لم تكن هناك أية حرية صحفية، بل كانت الصحافة لسان حال السلطة السياسية ووسيلتها لتضليل الشعب. ولم يكن اعلان عبد الناصر ودستوره لحرية الصحافة إلا شعارًا. وكما يقول جورج باردو فى كتابة الحريات العامة الدستور يعلن الحرية ولكن القانون يحددها، ولا يكفى إعلان حرية ما لتحقيق تطبيقها عمليا.