رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لم يكن جميس ويب عالمًا أو حتى مهندسًا حتى يصبح أفضل مديرًا لوكالة ناسا فى عصرها الذهبى، فهو الأب الروحى لبرنامج أبولو المذهل الذى أبهر البشرية بالمشهد الدرامى الرئيسى بهبوط أول إنسان على سطح القمر لقد حول خيال هوليوود إلى حقيقة. لذا قررت ناسا تكريمه بإطلاق اسمه تيمنًا على مشروعها الضخم تلسكوب الفضاء الذى سيغير من قواعد علم الفلك. 

 فعلى مدار ثلاثة عقود عكف مئات العلماء النابهين من مختلف المشارب والجنسيات على تصنيع وتطوير هذه المعجزة الهندسية الفريدة من نوعها، فهو يعد مشروع القرن الذى جمع وكالات الفضاء الأمريكية والأوروبية والكندية بقيادة ناسا التى رصدت له ميزانية ضخمة بلغت 10 مليارات دولار.

استغرق بناء وتجهيز «ويب» ما يقرب من شهر للسفر إلى وجهته، والمعروفة باسم نقطة لاجرانج الثانية، أو L2. وهى نقاط مميزة فى ميكانيكا الأجرام السماوية وهى النقاط التى ينعدم عندها تأثير جاذبية جرمين سماويين كبيرين على جسم ثالث أصغر حجما. وهذه النقطة تبعد عن الأرض مليون ونصف المليون كيلومتر، أى حوالى أربعة أضعاف المسافة التى يبعدها القمر عن الأرض. لذا حبس العالم أنفاسه فإذا كان لا يزال من الممكن إصلاح تلسكوب هابل الذى يدور حول الأرض من قبل رواد الفضاء، فإن تلسكوب «ويب» الذى يدور حول الشمس بعيد الآن عن الأرض لدرجة أن البشر لم يصلوا إلى هناك. 

 يعتبر مرصد «ويب» الوريث الشرعى والوحيد لمرصد هابل ذائع الصيت الذى كان يتعامل فقط مع الضوء المرئى والأشعة فوق البنفسجية فى حين يتميز «ويب» بإمكانيات تكنولوجية هائلة بقدرته على استخدام الأشعة تحت الحمراء التى يمكن أن تخترق أسبار أعماق الفضاء المعتم بسهولة وتساعدنا على فك ألغاز وأسرار الكون السحيق من خلال النظر إلى ماضى حركة النجوم والمجرات التى تشكلت بعد الانفجار العظيم الذى حدث فى الزمن الغابر أى قبل 13.8 مليار سنة، وباستخدام تقنية التحليل الطيفى التى تحلل الضوء نستطيع كشف معلومات مفصلة عن الأجسام الفضائية. بالإضافة إلى ذلك، يقوم «ويب» بمسح الفضاء بحثا عن الحياة فى الكواكب خارج النظام الشمسى، ومكوناتها الجيولوجية، أملاً فى أن يعمرها الإنسان يومًا ما.

تبشر الصور الملونة عالية الدقة بثورة علمية هائلة فهى بمثابة عرض كونى مذهل وتعد هذه الدفعة من الصور قطرة أولى من غيث قادم فقد خطفت أبصار الملايين لأن مناظر الكون المدهشة، لم يرها بشر من قبل، فمعظم النقاط والبقع الملونة فى هذه الصور التى قد تبدو صغيرة هى مجرات وليست نجومًا، وكل مجرة قد تحتوى على مليارات النجوم والكواكب. وهذا المربع الذى يظهر فى الصورة أشبه بحجم حبة رمل على مسافة ذراع من عينك. 

كلما تذكرت هذا التشبيه العجيب وتأملت ضآلة موقعنا وحجمنا فى هذا الكون الفسيح الذى لم ولن نستطيع الإحاطة بنشأته وحدوده وأسراره أضحيت أمقت بشدة نظرية «السوبرمان» السخيفة التى تسببت فى تفشى موجات الإلحاد التى تضرب بجهل وعنف قلاع السكينة والإيمان، وجدتنى أردد «يَا أيُّها الإِنْسانُ مَا غرَّكَ برَبِّكَ الكَريمِ الذِى خَلَقَكَ فسوَّاكَ فعَدَلَك» فقد كان القطب العارف أحمد الرفاعى كثيرًا ما يقول: نحن لا شىء، نحن لا شىء اللاشىء..