رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

ثمة تقاليد بالية تعتقت بفعل الدهر فتحولت رويدًا رويدًا إلى قناعات راسخة ثم إلى أفكار محلقة وسياسات صارمة، فتطايرت شظاياها على رؤوس الأشهاد ومنها مظاهر العنصرية المقيتة التى تبرز بين الفنية والاخرى، لذا ألا يحق للمرء أن يسأل السؤال الذى كتبته صروف الزمان، حول الشيزوفرينيا الغربية فى ملف حقوق الانسان ذلك السؤال الذى يعود بنا أدراج التاريخ إلى القرون الفائتة، قرون الظلم، والاستبداد والاستعباد، حيث الرجل الأبيض ملك وسيد، والرجل الملون تابع مسود مقيد الوثاق يرسف فى الأغلال.

فقد لعب المقاتلون المأجورون من النورمان والجرمان دور رأس الحربة فى سقوط نموذج التعايش الأندلسى الملهم القائم على غنى التنوع وسماحة الاختلاف، لتبدأ إرهاصات اسطورة «السوبر مان الأبيض» فى التجلى والتى نفخت فى صورتها الكنائس الغربية بشتى السبل، فقد انتشرت على نطاق واسع هلاوس المعجزات الخارقة المؤيدة ببركة الرب فى نفوس اولئك البسطاء، لاسيما وأن هذه القبائل لم تكن خرجت بعد من طور الحياة البدائية الوثنية التى يغلب عليها الهمجية البربرية فهى تتقاتل فيما بينها بأسلوب الكر والفر.

ورغم التطور السياسى الذى انتقل بتلك الشعوب من فوضى القبيلة إلى نظام الدولة، ظلت الرواسب العنصرية كامنة فى نفوس ووعى النخب المتعاقبة التى تبنت المشروع الاستعمارى الذى استغل ونهب ثروات الكوكب الأزرق، وعاثوا فيه فسادًا يسفكون دماء الابرياء.

فأكذوبة نقاء الجنس الأبيض تلقى رواجًا مستترًا بين الإنجليز والألمان والهولنديين والاسكندنافيين، فدولهم مازالت تضع صليب العصور الوسطى على أعلامها، فهم يوقنون بأفضليتهم على سائر الأجناس الأخرى حتى جيرانهم البيض من ذوى البشرة الداكنة من البرتغالييين والإيطاليين واليهود.

فظهرت على العلن منظمات مثل«سيادة البِيض» فى أوروبا ومجموعة «كو كلوكس كلان أو KKK» الذين يؤمنون بمبدأ الحفاظ على طهارة الجينات البيضاء من دنس الاغيار، فهى لا تركز فقط على لون البشرة وإنما تحصره أيضًا فى المذهب البروتستانتى، وهذا سبب من أسباب توارث الأجيال للعنصرية، فماديسون جرانت عالم تحسين النسل قال إن عِرق النورديين له الفضل فى تقدم البشرية، وحذر من تخالط الأعراق الذى يؤدى إلى الانتحار العرقى وتخلف البشرية

يا إلهى ما أشبه الليلة بالبارحة، فالتعامل المشين من النخبة الغربية مع مأساة اللاجئين فى أوكرانيا أرجعنا إلى ظلمات العصور الوسطى، فتعالت تصريحات عنصرية كريهة وممارسات لا إنسانية حقيرة روعت احاسيس العالم واحرجت طلائع الطابور الخامس الذين لطالما صدعونا بجنة الملائكة البيضاء، فعلى سبيل المثال قال الرئيس البلغارى رومين راديف «ليس هؤلاء هم اللاجئين الذين اعتدنا عليهم ولم نكن متأكدين من هويتهم، ولديهم ماض غير واضح، ويمكن حتى أن يكونوا إرهابيين. أما هؤلاء الاوكرانيون فهم أوروبيون، أذكياء ومتعلمون!! وأضاف أوروبا ترحب باللاجئين الأوكرانيين.. وليس بغيرهم».

لن يستطيع الغرب بعد الآن ادعاء انه موطن الحرية والتسامح وملاذ المضطهدين، إذًا سوف يتبادر إلى ذهن اى منصف حصيف ما جدوى الخطاب الدعائى الموجه المنمق الحاذق، المرصع بأوجه البلاغة والبيان فى خصوص حقوق الإنسان؟ سوى خطة ممنهجة لاغراق بلادنا فى بحور السيولة السياسية للاسف فإن الحقيقة تتسكع وراء الكذب.