رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ورد فى كتاب مجد الملوك المستند إلى نصوص العهد الجديد ان ماكيدا الفاتنة ملكة اثيوبيا وصلت إلى اورشليم يسبقها عرشها لمقابلة سليمان ملك الأرض والذى ابتهج لقدومها فتزوجها وانجبت له ولدًا منح لقب «منليك» اى ابن الحكيم والذى تنحدر من سلالته كل اباطرة اثيوبيا من ذوى الأصول الأمهرية حتى المخلوع هيلاسلاسى الذى كان يؤمن بنظرية النقاء العرقى ويعتقد ان الثقافة الأمهرية فقط هى التجسيد الحقيقى للثقافة الأثيوبية فقد سخر سلطانه  الباطش لفرض الاندماج القسرى على الاثنيات الاخرى فى بلد يتحدث نحو 100 لغة تنتمى إلى 4 مجموعات لغوية رئيسية هى السامية والكوشية والأومية والنيلية يعيشون فى ثمانية أقاليم جغرافية تمتع عمليًا بالحكم الذاتى مما ادى إلى تعميق التهميش السياسي  والاجتماعى وبالتالى كان طبيعيًا أن تدخل إثنيات أخرى كالأرومو والتيجراى فى عداء شديد مع الأمهرية  فقاومت بشراسة كل اشكال التمييز والاضطهاد فكان جزاؤها التنكيل والاستبعاد. 

للاسف التاريخ الاثيوبى حافل بسرديات مأساوية للصراعات الإثنية حول السلطة والثروة والوجاهة الاجتماعية والتسلط الثقافى، تنتهى دائما بهيمنة المكون الإثنى الفائز فى الصراع وحلفائه ويتم اختطاف الدولة وتوظيف أدواتها  بطريقة كارثية تنتج إحتقان مكتوم يوشك ان ينفجر فى اى لحظة منتظر شرارة عابرة فتشتعل ثورة لا تبقى ولا تذر وهذا ما حصل مع هيلاسلاسى عقب المجاعة المؤلمة التى اطاحت به فى انقلاب عام 1974.

واستولت على السلطة طغمة عسكرية عرفت باسم «الدرج» وهو مختصر  للجنة التنسيق بين القوات المسلحة والشرطة والجيش فى الأقاليم ونسب لهذه الطغمة بما عرف حينئذ «الإرهاب الأحمر» سيئ السمعة، الذى تسبب فى قتل عشرات الآلاف من الشباب ووقعت حرب أهلية طويلة ضد المتمردين فى جميع أنحاء البلاد ولا يزال يتذكر سكان تيجراى تلك السنوات المظلمة عندما أجبرهم القصف اليومى لطائرات سلاح الجو على التحرك فى الليل فقط فقد فرض منجستو نظام الحزب الواحد حزب العمال الشيوعى فلم يستطع بناء الدولة الإثيوبية الحديثة، بعجزه عن نقل حياة الإثيوبيين إلى واقع أفضل ليستشرى الفقر والتخلف فى ربوع البلاد، وفشل فى إنقاذ المجتمع من حروبه الأهلية  حتى أسقطته الجبهة الديمقراطية الشعبية فى 1991 متبنية سياسات تعتمد على الاعتراف بالتنوع الإثنى والتعددية الدينية والثقافية مكنتها من احداث نهضة تنموية لافتة الا انها وقعت فى نفس فخ الانحياز العرقى الفج بقصر النفوذ على النخبة السياسية والاقتصادية  للتيجراى فضاقت باقى المكونات الاثنية ذرعًا من التهميش فأتت بصاحب نوبل إبى أحمد لعله يكون المسيح المخلص لكنه افتتن بالسلطة المطلقة وقرر أن يكون بنمليك الجديد معتمدًا على عرقية الأمهرة فإعلانه الأخير بحشد التعبئة العامة لا يظهر سوى إظهار رغبته فى نقل النزاع الدائر الان إلى مستوى آخر من إراقة الدماء حيث لم تنقذ هذه التعبئة حتى منجستو من السقوط بالإضافة  لاستخدامه أحلام مشروع سد النهضة فى تمكين مشروعه الاستبدادى فمواقفه المتشددة فى المفاوضات كانت للتغطية على الفشل الدائم فى معالجة الأزمات الإقتصادية المفقرة للشعب الإثيوبى مستغلًا هرولة مؤسسات التمويل الدولية الجشعة فى تحرير مصادر المياه والطاقة، و حصار القرار السياسى المصري. 

لا توجد حقبة زمنية ما قد مرت على اثيوبيا منذ استقلالها عن ايطاليا دونما تنفجر هذه الصراعات العرقية بشكل أو آخر بسبب عدم التئام الأمة حول مشروع وطنى جامع لذا الأحداث الحالية ستفضى إلى نفس المصير المحتوم وتنتهى بوداع بنمليك لذلك لا يليق بنا كمصر أن نقلق.