رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«التحالف الإسلامي».. في شباك الفخ الأمريكي

بوابة الوفد الإلكترونية

كتابات كثيرة أكدت وجود مخطط أمريكي لإشعال حرب ضروس بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط، وهؤلاء قالوا إن هذه الحرب ستؤدي حتما لإعادة تقسيم دول الشرق الأوسط وإضعافها جميعا ما عدا إسرائيل، التي ستكون الوحيدة التي لم تنهكها تلك الحروب، فيكون من السهل عليها أن تحقق النبوءة الصهيونية، وتقيم دولة عبرية من نيل مصر حتى فرات العراق.. وربما أكثر من ذلك لو أرادت.

 كتابات أخري سخرت من أصحاب هذه الرؤى، واعتبرتها أساطير، نابعة من عقدة المؤامرة الكونية التي تضرب عقول بعض النخب السياسية العربية .. ودلل هؤلاء على صدق كلامهم بأنه من المستحيل أن يتم نشر مثل تلك المخططات على الملأ، كما يدعي مرددو وجود مخطط أمريكي.

وبين الرأيين وقف الكثيرون حيارى، لا يدرون إلى أي الفريقين ينضمون.

 ولكن ما يجري على أرض الواقع يصدق من يؤكدون وجود مخطط لإشعال حرب بين السنة والشيعة.. أن  الإعلان عن التحالف الإسلامي جاء وكأنه خطوة متقدمة لإشعال تلك الحرب، خاصة أن التحالف يبدو لأول وهلة وكأنه تحالف سني، فكل الدول التي تشارك فيه هي في الأساس دول سنية

صحيح أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير سارع بالتأكيد أن التحالف ليس تحالفا سنيا وليس طائفيا، ولكن في المقابل هناك تأكيدات إيرانية تؤكد هي الأخرى أن هذا التحالف سني وهدفه مواجهة الشيعة، وهي كلمات ألمحت إليها تركيا التي انسحبت من التحالف بعد ساعات قليلة من إعلانه.

 وكلام إيران يعني أنها ستتعامل مع التحالف وكأنه تحالف سني في مواجهتها، كدولة شيعية، وهو ما يعني أيضا أن طهران ستبدأ هي الأخر في تكوين تحالف شيعي.. وعندها سنكون بالفعل أمام تحالف شيعي في مواجهة التحالف الإسلامي.. وهذا الأمر هو بالضبط ما تحدثت عنه بدايات مخطط الحرب الدينية في الشرق الأوسط.

مخططات الدم

وحسب ما ذكرته دراسات سياسية عديدة فإن أول من دعا إلي إشعال حرب طائفية في الشرق الأوسط هو الصهيوني «عوديد ينون» الذي عمل لفترة طويلة في المخابرات والخارجية الإسرائيلية، ففي عام 1982 طرح بينون ما عُرف بخطة ينون، ووقتها كانت لبنان تمزقها حروب الطوائف والملل، والخطة ببساطة تقوم على (لبننة) العالم الإسلامي كله، بإشعال الخلافات الطائفية من أجل تقسيم العراق لـ3 دول: شيعية – سنية – كردية، ومن بعد لبنان والعراق، مصر وليبيا والسودان وسوريا والمغرب العربي وإيران وتركيا والصومال وباكستان، استمد ينون واقعية مخططه من إشكالية أن الحدود العربية الحالية غير قابلة للدوام؛ مما يجعل الدول العربية أشبه ببيوت مبنية من أوراق اللعب، حسبما قال ينون.

وبعد ينون جاء برنارد لويس الذي عمل لسنوات طويلة أستاذا لدراسات الشرق الأوسط في جامعة برنستون البريطانية.. ففي عام 1992 طرح «برنارد «خططه لمنطقة الشرق الأوسط، ووقتها كانت العراق قد غزت الكويت فوقعت حرب الخليج الثانية، وحصار العراق تحالف دولى بقيادة أمريكا وشاركها عرب مسلمون في قتال عرب مسلمين بشكل مباشر للمرة الأولى، ثم تواجدها العسكري غير المسبوق في دول الخليج.

وفي هذه الأجواء، خرجت خرائط برنارد لويس، التي تضمنت تقسيم المنطقة طبقًا لخطوط عرقية طائفية لغوية، وتضمنت الخرائط تقسيم العراق لـ3 دويلات: سنية وشيعية وكردية، مع ضم سيناء لإسرائيل، وبقاء سوريا موحدة دون تقسيم

وتقوم خطة برنارد لويس على إشعال الصراعات الطائفية والعرقية، وتضمن الخطة إشعال 9 حروب في المنطقة، وعاشرتهم حرب البلقان في أوروبا التي توقع أن تمتد لشرق البحر المتوسط، تلك الحروب ستسرع عجلة تقسيم المنطقة، وبعد التقسيم تنشب حرب أخرى كبرى عربية- إيرانية بمجرد هيمنة إيران على الدويلة العراقية الشيعية..

هذا بالضبط ما قاله برنارد لويس الذي قال أيضا أن هناك دولتين فقط، ينبغي الحفاظ على استقرارهما وقوتهما واستقلالهما والاعتماد عليهما وهما: إسرائيل وتركيا، والمثير أنه بعد 10 سنوات من نشر تلك الخطة والخرائط، استعانت إدارة جورج دابليو بوش التي بـ «لويس» كمستشار لها قبل غزو العراق!

وبعد 14 عاما من إعلان خطة «برنارد لويس» نشر الجنرال الأمريكي «رالف بيترز» مقاله الشهير حول عن الحدود التي توفر الأمن لإسرائيل فتحدث عن ضرورة تقسيم العراق إلي 3 دول، ورأى توحد سنة العراق مع سنة سوريا في دولة واحدة (حدودها متطابقة إلى حد كبير مع المساحة التي تسيطر عليها داعش حاليًا)، على أن تمتد دولة أخرى علوية من ساحل سوريا لساحل لبنان، وبالطبع دولة شيعية في جنوب العراق، أما السعودية، أراد أن يقسمها إلى جزء في الشمال ينضم للأردن، ثم الحجاز كدولة مقدسات ونموذج إسلامي من الفاتيكان، أما السواحل الشرقية فتذهب لشيعة العراق، فيما يندمج جزء في الجنوب الغربي مع اليمن، وبعدها لا يتبقى للسعوديين إلا نجد، وعاصمتهم الرياض في قلبها.

ودعا بيترز إلى إعطاء إمارات الخليج لشيعة العراق، بينما تصبح دبي بمفردها دولة مستقلة دون توجهات سياسية، وعاصمة للبيزنس على غرار إمارة موناكو وعاصمتها مونت كارلو في أوروبا،

وأوصى بيترز باستفزاز نعرات قومية (عربية- فارسية) تخلق نوعًا من التنافس بين إيران والدولة الشيعية العربية، على أن تحيط الدولة الشيعية العربية بالخليج كالكماشة بعد انتزاع غرب إيران وضمه لها، مع إضعاف إيران أكثر بانتزاع جزء آخر منها لصالح أذربيجان وجزء لكردستان وجزء لدولة جديدة أطلق عليها اسم بالوشستان التي ستُقتطع من باكستان الحالية!

في العام التالي لنشر رؤية بيترز بدأ جيفري جولدبرج، وهو من المنتمين لنفس جناح رالف بيترز داخل أروقة السياسة الأمريكية، وناشط له ثقله في اللوبي الصهيوني في كتابة سلسلة مقالات ترسم خريطة جديدة للشرق الأوسط، على صفحات مجلة (أتلانتيك) الشهيرة، حدث هذا بالتزامن مع إقرار مجلس الشيوخ الأمريكي خطة غير ملزمة لتقسيم العراق،

وطرح جولدبرج لأول مرة دولة أطلق عليها اسم (السودان الجديدة) في جنوب السودان (تأسست رسميًّا بعدها بـ4 سنوات)، وطرح أيضا دولة (سيناء) المستقلة

وامتدت الخريطة هذه المرة إلى عمق أفريقيا بتقسيم الصومال واعترف جلدبرج بقوة حزب الله ومركزيته في جنوب لبنان، فتصور له دولة شيعية مستقلة مع اصطناع دولة درزية في شمال الأردن وجنوب سوريا.

وعلى مدى العامين الماضيين، تم عرض أطروحات أخرى لتقسيم المنطقة عبر مراكز الدراسات الاستراتيجية ومنابر الصحافة العالمية، وتضمنت تلك الأطروحات، مناطق القدس والحجاز ودبي وبغداد و مصراته وجبل الدروز، وكلها مدن مرشحة للاستقلال بذاتها كدويلات ذات طابع خاص. كذلك، هناك فكرة تقسيم باكستان وأفغانستان لـ4 دول،

واتفقت معظم هذه الأطروحات الأخيرة على أن مصر وتركيا

والسعودية ستستعصى على التقسيم بمعناه المفهوم، ولكن يجب أن يُقتطع منها: (سيناء من مصر– كردستان من تركيا– الحجاز وجنوب غرب وشرق السعودية)، يُخطط لهذه الدول الثلاث أن تنتهي إلى مصير الدول الفاشلة، أم الدول العربية التي سيتم تقسيمها إن عاجلًا أو آجلًا، فهي: العراق– سوريا– اليمن– ليبيا– لبنان...

وقالت الأطروحات إن هذا المخطط سيكون منفذا بالكامل عام 2018

السؤال الصعب

ويبقي السؤال الصعب حاليا هو: هل التحالف الإسلامي سيساعد في تنفيذ مخططات الدم والتقسيم التي طرحها إسرائيليون وغربيون؟.. أو بمعنى آخر: هل سيساعد هذا التحالف علي إشعال حرب سنية - شيعية في المنطقة؟.. طرحت السؤال علي خبراء في السياسة ومتخصصين في مواجهة الإرهاب فاختلفت إجاباتهم بشكل كبير.

وبينما أكد د. مجدي عبد الفتاح مدير المركز العربي للبحوث والدراسات أن التحالف تعبير عن وجود حالة انقسام بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط، إلا أنه أكد أنه تحالف عسكري يخفي وراءه أهدافا اقتصادية ستصب كلها في صالح تجار السلاح

ومن جانبه أكد نبيل نعيم، القيادي السابق بجماعة الجهاد، أن أمريكا تسعي إلى إشعال فتنة بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط.. وقال: «واشنطن دعت وألحت إلى مشاركة الدول الإسلامية في مواجهة إرهاب داعش، ولما تحركت الدول الإسلامية في هذا الاتجاه، وأعلنت السعودية عن تشكيل التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب، كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي أول من يصف التحالف الإسلامي بأنه تحالف سني، وهو ما جعل وزير خارجية السعودية يعلن بوضوح وصراحة أن التحالف ليس طائفيا».

وشدد «نعيم» إلى أن اعتبار التحالف الإسلامي تحالفا سنيا هو توصيف خاطئ وظالم.. وقال: «ليست هناك دولة شيعية في العالم سوي إيران وبالتالي فلا يمكن أن نعتبر التحالف الإسلامي تحالفا سنيا، خاصة وأن دولا كثيرة من التي تشارك في التحالف يوجد داخلها شيعة، فالسعودية فيها 2 مليون سعودي شيعي، والكويت والبحرين فيهما عدد كبير من الشيعة».

وأضاف: «علي كل المسلمين والعرب أن يدركوا تماما أن أمريكا تريد تمزيق العالم العربي والعالم الإسلامي، ومن أجل تحقيق هذا الهدف تحاول إشعال نار الفتن الطائفية في البلاد العربية والإسلامية،  وهي تشعل هذه النعرة منذ عقود طويلة، ففي حرب العراق وإيران، كان الجيش العراقي يضم مئات الآلاف من الشيعة العراقيين ومع ذلك حاربوا إيران، والعكس كان الجيش الإيراني يضم جنوداً من «السنة» ومع ذلك حاربوا العراق، ولكن بعد هذه الحرب بدأت أمريكا تثير نعرة السنة والشيعة».

وحذر «نبيل نعيم» من وجود طوائف داخل العديد من دول المنطقة تساعد في تنفيذ المخطط الأمريكي بإشعال حرب سنية - شيعية في الشرق الأوسط.. وقال: «للأسف السلفيين «السنة» وفيلق بدر وباقي الميليشيات الشيعية المتطرفة ستكون بمثابة أتون تسرع من إشعال الحرب السنية والشيعية كما تريد أمريكا».

 وفي ذات الاتجاه نفي خالد الزعفراني - الخبير في شئون الحركات الإسلامية - أن يكون التحالف الإسلامي تحالفا سنيا.. وقال: «الشيعة في العالم كله يمثلون 6% من المسلمين, بينما السنة 90% والباقي طوائف مختلفة هو تحالف إسلامي سيواجه الإرهاب، وسيحسن من صورة الإسلام الذي تعرضت صورته لهزة عنيفة بسبب ممارسات داعش الإرهابية».

 وأضاف: «ربما سيبدأ التحالف عملياته ضد داعش في ليبيا أو أية منطقة توجد فيها داعش علي الأراضي العربية».

 واتفق معه في الرأي صبره القاسمي - مؤسس الجبهة الوسطية لمواجهة الإرهاب - وقال: «التحالف إسلامي ولن يكون طائفيا وهذا أمر محسوم وأعلنته السعودية بشكل واضح جدا».

وقال المستشار حسن أحمد عمر خبير الشئون الدولية: «القضية الأساسية في التحالف مدي نجاحه».

وأضاف: «لو واجه التحالف أصل الإرهاب فسينجح، أما لو انشغل بالفروع فسيفشل قطعا».

وواصل «أصل الإرهاب في المنطقة هي إسرائيل فلو كانت جهود التحالف في مواجهة إسرائيل فسيقضي التحالف علي كل إرهاب المنطقة، أما لو انشغل بحرب داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية فستفشل جهوده، فإسرائيل هي أساس كل الإرهاب الذي تشهده المنطقة العربية».

وأشار «عمر» إلي أن التحالف خرج من رحم منظمة التعاون الإسلامي.. وقال: «منظمة التعاون الإسلامي «المؤتمر الإسلامي» سابقاً، وهي المنظمة التي تم تأسيسها لمواجهة العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، وحرقه في أغسطس 1969، ومن هنا يجب أن يكون هدف التحالف هو تحقيق المبدأ الرئيسي للمنظمة التي خرج من رحمها، وهو مواجهة إسرائيل».