عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مشروع «بنك المعرفة».. خطوة نحو العالمية

بوابة الوفد الإلكترونية

فى إطار الرغبة فى إحداث ثورة علمية ومعرفية، وأملاً فى مزيد من الإصلاح الشامل فى مجالات التعليم والبحث العلمى بكل أبعاده ومستوياته المختلفة - عزمت مؤسسة الرئاسة - على تقديم مشروع قومى متكامل تحت مسمى «بنك المعرفة المصرى»، أحد المشاريع القومية الجديدة، التى قامت لجان المجلس التخصصى للتنمية المجتمعية بالرئاسة - بإعداده مؤخراً – باعتباره الركيزة الأساسية والبوابة الرئيسية للعلم والمعرفة.. ومن المنتظر خروجه إلى النور فى يناير 2016.

وما لا خلاف عليه أنه بالعلم والعمل الجاد ترتقى الأمم.. وتتطور الدول فى كافة المجالات العلمية، ما يؤكد أهمية الأبحاث العلمية باعتبارها الدعامات الأساسية لإنعاش الاقتصاد والتنمية المستدامة، وعظمتها وتفوقها يرجعان إلى العقول والكفاءات العلمية والفكرية والسلوكية.. وبالتالى مشروع «بنك المعرفة المصرى»، يأتى ضمن مبادرة إتاحة المحتوى العلمى للجميع، بما يساهم فى نشر ثقافة العلوم والتكنولوجيا والابتكار، عن طريق إنشاء مكتبة رقمية ضخمة، وكذا توفير الأبحاث والدراسات العلمية، بغرض تعزيز تنمية الاقتصاد القائم على المعرفة، ما يقدم الفائدة الكبيرة للدارسين والباحثين، مع الاستعانة بمكتبات الأفلام الوثائقية والتعليمية، إضافة إلى المناهج الدراسية المساعدة وقواعد البيانات فى شتى فروع المعرفة، وأيضاً تقديم الدعم والتواصل مع رجال الصناعة، ومن ثم بناء مستقبل واعد نجني جميعاً ثماره.

«الوفد» استطلعت آراء الباحثين والأكاديميين والمفكرين والمثقفين، لتقديم مقترحاتهم حول مشروع تطوير مجالات التعليم والبحث العلمى.

تقول الدكتورة زينات طبالة، خبيرة التعليم، مدير مركز دراسات التنمية البشرية بمعهد التخطيط القومى: نرحب بالتوجه الرئاسي نحو إطلاق مشروع قومى متكامل لتطوير منظومة التعليم فى مصر بوجه عام، والتنمية المهنية المستدامة للمعلمين بصفة خاصة، من أجل تطوير كفاءتهم، وبناء المعرفة فى الجامعات والمدارس بجودة معينة من الأداء، وتطوير نظام البعثات الدراسية فى مجال التعليم العالى، والعناية بمراكز الشباب، ومحو الأمية، مع وضع آلية الحوار مع الشباب والباحثين.

وطالبت الدكتورة «زينات» بضرورة الاهتمام بتطوير المدارس وتزويدها بوسائل الإيضاح والتكنولوجيا الحديثة لتقليل الفجوة بين المدارس الحكومة والخاصة والأجنبية من جهة، وبين المدارس المصرية ومدارس الخارج.. فتلاميذ مصر من حقهم مستقبل أفضل، وكذلك تدريب وتأهيل المعلمين بشكل يسمح لهم بمستوى أفضل فى تعاملهم مع بعضهم البعض ومع تلاميذهم، ومواجهة حالة التردى الأخلاقى التى أصبحت تواجه المعلم فى هذه الفترة، مع السعى المستمر لتحقيق الانضباط التعليمى والإخلاقى.

 

استراتيجيات طموحة

ورحب بالرأى السابق، الدكتور كمال مغيث، الخبير والباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية، مؤكداً ضرورة وجود «مشروع قومى لتطوير التعليم»، فهو أمر فى غاية الأهمية ويمكن تحقيقه من خلال وضع استراتيجية وطنية للتطوير، وللمساهمة فى خلق بيئة تعليمية متكاملة وطموحة يمكنها تحقيق الأهداف المرجوة، وتحديداً فى تأهيل المعلم تقنياً، ومنحه كافة حقوقه، وتهيئة المبانى التعليمية، وتقليل الازدحام فى الفصول، والوسائل التعليمية المناسبة، وأن تكون هناك صلة بين الجامعات والمدارس الفنية والصناعة، بحيث يتم تبادل الآراء والأفكار حول التخطيط والتنظيم العلمى والتقدم التكنولوجى لرفع مستوى التعليم المقدم للتلاميذ، وأن يكون حل مشكلات التعليم عن طريق البحوث العلمية، بما يحقق التنمية العلمية والصناعية.

وأضاف الدكتور «مغيث»: لابد من زيادة ميزانية التعليم من خلال مصادر متنوعة، وربط مكافأة الامتحانات بتغيير نظام الإدارة إلى نظام الإدارة بالأهداف، حتى يقوم المعلم بواجبه بشكل حقيقى، بعد أن يحصل على راتب محترم، مع أهمية إجراء الأبحاث والدراسات التربوية للنهوض بالعملية التعليمية، وإصلاح المناهج الدراسية لتكون بعيدة عن لعبة السياسة، وتنمية مهارات الطلاب بالجرعة التعليمية المفقودة، عبر آليات جديدة، وتطوير منظومة الامتحانات التى تقوم على الحفظ والتلقين إلى مهارات الإبداع والتحليل والتفكير.. كل ذلك يؤدى إلى الارتقاء بالعملية التعليمية، ومواجهة الدروس الخصوصية بشكل أكثر فاعلية.

 

لجنة التعليم «ديكور»

فيما رأى الدكتور محمد المفتى، أستاذ المناهج والتدريس، عميد كلية تربية جامعة عين شمس الأسبق، أن اهتمام الدولة المصرية فيما يتعلق بتطوير منظومة العلم والتدريس والبحث العلمى، جيد فى مجمله، لأننا نحتاج إلى وجود مجلس قومى للتعليم قوى وفعال، يتكون من خبراء وعلماء يدركون آليات التعليم ومشاكله ويتسمون بالكفاءة والوطنية والنزاهة، ولكن هذا لم يحدث، نظراً لعدم اختيار الشخص المناسب فى المكان المناسب داخل اللجنة، بما يعوق عملية التطوير العلمى المطلوب، لافتاً إلى أن مصر فى حاجة ماسة إلى رجالها المتخصصين فى مجال التعليم، خاصة فى ظل وجود العديد من الدراسات العلمية المتميزة التى أعدها مجموعة كبيرة من أكفأ الخبراء التربويين، ممن لهم باع طويل وخبرات وتجارب يمكن دمجها بالرؤى والأفكار المستجدة، حتى يمكن الاستفادة منها فى إحداث إصلاح شامل للنهوض بالعلم والفكر والبحث العلمى ودورهم التنويرى.

ووجه الدكتور «مغيث» حديثه لمجلس الرئاسة: من المفترض ممن يتواجدون فى مواقع صنع القرارات داخل لجنة التعليم بالرئاسة.. أن تكون لديهم القدرة على التفكير العلمى، ووضع خطط تنموية للنهوض بالعملية التعليمية، مع الحفاظ على الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية بطريقة منصفة، وتنوير المجتمع.

 

مقترحات للتطوير

والتقط طرف الحديث، الدكتور محمود كامل الناقة، رئيس الجمعية المصرية للمناهج والتدريس، عضو بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، أستاذ بجامعة عين شمس، قائلاً: يجب على الجهات المعنية فى مجال التعليم وضع رؤية واضحة لتطوير منظومة التعليم المتدنى فى مصر، وزيادة الميزانية المخصصة للتعليم سواء الجامعي أو الأساسى.. لأنها هزيلة للغاية وغير كافية.. إذ ما قورنت بميزانية الدول الأخرى سواء الدول النامية أو الدول المتقدمة، حتى يمكننا تطوير المعامل والفصول وصيانة المبانى التعليمية، مع تطوير المدخلات المقدمة للطلاب، وأيضاً تطوير المناهج التعليمية لمواكبة المستجدات، وكذلك العمل على صقل المخرجات التعليمية لتتناسب مع الاحتياجات المطلوبة لسوق العمل، وهذا هو الغاية والهدف من تطوير التعليم.

وأوضح الدكتور «الناقة»: أن البحوث التربوية تمثل صمام الأمان لضمان جودة العملية التعليمية وتطويرها، من خلال اتباع طرق وأساليب تدريس متطورة، ومعالجة القصور فى ممارسات الإشراف التربوى على مستوى التلاميذ أو فيما يعرف بـ «التفتيش» و«التوجيه التربوي» لاكتشاف نقاط القوة والضعف عند المدرسين، والعمل على التخطيط والتدريب نحو التغيير الإيجابى فى السلوك التعليمى، من أجل ضمان انتظام العملية التعليمية، ووقف انهيار المنظومة التعليمية الملحوظ منذ الثورة، إضافة إلى زيادة عدد التربويين المؤهلين علمياً، بما يضمن تحقيق الأهداف المبتغاة من وراء تقديمه للرسالة التعليمية.

وأشار إلى ضرورة بناء كوادر بحثية متخصصة فى البحوث التربوية، من خلال تشجيع التربويين على خوض غمار البحوث العلمية فى مختلف مجالات العمل التربوى، والعمل على تطوير الأداء الوظيفى للعاملين داخل الإدارات التعليمية المختلفة، مع تشديد الحراسة الأمنية

على المدارس.

 

إرادة سياسية

أما الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، فيرى ضرورة وجود إرادة سياسية قادرة على التغيير والتطوير، لكى يمكنها تنفيذ رؤى واستراتيجيات واضحة وما يتبعها من برامج وخطط، ثم تحديد آليات التطبيق على أرض الواقع، ووضع الميزانيات المناسبة، والكوادر المؤهلة والمدربة طبقاً لمعايير الجودة والاعتماد المؤسسى، من أجل تحسين العقل المصرى فى مجالات التعليم والمعلومات، وذلك بأن يتيح المشروع القومى «بنك المعرفة المصرى» المحتوى العلمى والمعرفى للجميع، بما يعكس رؤى إيجابية فى مجالات التعليم والبحث العلمى والصناعات بأنواعها والتجارة والاستثمار، مشيراً إلى أن البحوث العلمية هى المحرك الأساسى فى عملية التنمية والمعرفة بمختلف المجالات، وهو وقود التنمية البشرية فى العالم، وبدون تطوير سواء فى العمل التربوى أو البحثى.. فإن التنمية تظل بصورتها التقليدية التى لا تؤهل كوادر لمواكبة العصر.

ومن جانبها، قالت الدكتورة نجوى محمد خطاب، الرئيس السابق لقسم الطاقة الشمسية بالمركز القومى للبحوث: إننا نؤيد فكرة تدشين مشروع قومى تنموى بمصر، خاصة فى مجال البحث العلمى، لما يعد جزءاً من منظومة كبيرة تتفاعل معها جميع الجوانب العلمية والتعليمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بما يعود ذلك المشروع على دعم البحث العلمى، وإحداث طفرة اقتصادية بعد الاعتماد على الابتكارات الجديدة وربطها بخطوط التصنيع والإنتاج، كما أن تقديم المصريين الدعم والمساندة لذلك المشروع القومى بهذه الصورة يرفع من درجات نجاحه وفائدته.

وأضافت «نجوى»: أن مشكلة البحث العلمى فى مصر متعددة الجوانب، ويأتى التمويل كعنصر أساسى فيها، لكن المال ليس وحده القادر على التطوير، بل يحتاج إلى قيادة علمية واعية، وتواصل حقيقى بين العلماء العاملين فى هذا المجال، وبينهم وبين الجهات العلمية العالمية.

وتأمل أن نستفيد من الأبحاث والدراسات العلمية المختلفة عالية الجودة، وإنجاز الكثير لمصر، وتدريب جيل جديد من العلماء المصريين ليصبح بنك المعرفة المصرى، بالتعاون مع المراكز والمعاهد البحثية فى مصر، بما يسهم فى زيادة عدد الباحثين، ومستوى البحث العلمى، خاصة التى لها علاقة بالمياه والطاقة والصناعة والزراعة، وأيضاً زيادة الموارد المالية، لأن ميزانية الإنفاق على البحث العلمى فى مصر «هزيلة»، مقارنة بدول العالم، التى بلغت نسبة الإنفاق على البحث العلمى فى بعضها 4.2% سنوياً من ميزانيتها، فى الوقت الذى لم تتجاوز فيه ميزانية البحث العلمى فى مصر 1% من الموازنة العامة للدولة، وكذلك تشجيع القطاع الخاص على الاستفادة بالبحث العلمى، ومن ثم يعزز العملية البحثية فى مصر فى كافة المجالات العلمية والإنسانية.

ونوهت بأن مشروع القومى «بنك المعرفة» هدفه خدمة المجتمع علمياً واقتصادياً، مع ضرورة عدم إغفال أكفأ العناصر للعمل فى مجال البحث العلمى، حيث إنه مشروع المستقبل.

 

حجر الأساس

ومن جهته، يقول الدكتور صفوت جرجس، السياسى البارز، رئيس المركز المصرى لحقوق الإنسان: أوافق بالتأكيد على وجود مشروع تنموى متكامل، للنهوض بالبحث العلمى وتلبية متطلبات التنمية، لأن الملاحظ حالياً عند تصنيف الدول فى مؤشر البحث العلمى والتقدم الاقتصادى.. نجد تراجع ترتيب مصر لتحتل المركز 129 من بين 148 دولة على مستوى العالم العام الجارى، بينما اليابان وأمريكا تقودان مجموعة صغيرة من الدول التى تدفع عجلة الابتكار حالياً فى مجالات «الطباعة المجسمة» و«النانو تكنولوجى» و«علم الروبوتات»، وفقاً لتقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو).

وأضاف: تأتى أهمية البحوث العلمية فى إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتقدم التقنى والتكنولوجى المطلوب، خاصة أن هذه الفترة تشهد تحولاً كبيراً فى مصادر تنويع الدخل القومى، وهو ما يتطلب تنشيط حركة البحث العلمى فى مختلف المجالات، والاستفادة من هذه الكنوز البحثية فى عمليات التنمية والمعرفة، بجهود القوى العاملة المؤهلة والمتخصصة فيها، التى تستطيع القيام بعمليات التخطيط والتنفيذ لبرامج التنمية، أى أن قطاعات التنمية تحتاج الأكاديميين والتقنيين والإداريين الذين لديهم القدرة على التطوير فى نواحى الحياة العلمية والمعرفية والتقنية والتكنولوجية، مع أهمية التفاعل مع المجتمع، عن طريق فتح قنوات التعاون والتنسيق والاتصال بين المراكز البحثية والجامعات وقطاعات التنمية المختلفة، للوصول إلى أفضل النتائج المرجوة فى الابتكار والإبداع والتقدم التقنى والتكنولوجى، والاهتمام المباشر بقضايا التنمية والوعى المجتمعى، مشيراً إلى أننا نأمل أن يكون المشروع القومى «بنك المعرفة المصرى» أكبر مكتبة رقمية فى العالم، لكى يستفيد منها كافة أطياف المجتمع من مختلف التخصصات والاهتمامات ومختلف الأعمار.