رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدل العدوى .. يزيد أوجاع ميزانية الصحة

بوابة الوفد الإلكترونية

وزارة الصحة في ورطة، وصحة المصريين هي التي ستدفع الثمن، والسبب بدل عدوي الأطباء.

القضاء الإداري ألزم الوزارة برفع بدل العدوي للأطباء من 19 الي 1000 جنيه شهريا، وهذه الزيادة في حالة تطبيقها ستضيف أعباء جديدة علي ميزانية وزارة الصحة بما يقارب 300 مليون جنيه شهريا.

هذا المبلغ سيزيد من أوجاع قطاع الصحة الذي تبتلع الأجور 60٪ من مخصصاته السنوية، وهو ما سينعكس سلبا علي الخدمة العلاجية التي تقدمها مستشفيات الحكومة اللهم إلا إذا زادت الحكومة من مخصصات الوزارة.

والمثير للحزن أن مستشفيات مصر حاليا في غرفة الإنعاش.. لا فرق في ذلك ما بين مستشفيات الدولة أو أغلب مستشفيات القطاع الخاص.. أصبح الموت ضيفا شبه دائم علي العنابر وفي الغرف التي يعشش فيها الإهمال والعدوي.. وهو ما أسفر عن تردي الخدمة فضلا عن نقص المستلزمات الطبية والأدوية.. قصور عام في قطاع الصحة.. أسبابه تنوعت مع كثرة مشكلاته.. فالبعض يرجعها الي ضعف التمويل والمخصصات المالية خاصة أن الدستور المصري لم يخصص أكثر من 3٪ من ميزانية الدولة لصالح الصحة والغريب أن هذه المخصصات تبتلعها الأجور، فأكثر من 60٪ من الميزانية المخصصة للصحة والمقدرة في ميزانية 2014/2015 بـ47 مليار جنيه منها فقط 26 مليار جنيه للأجور والرواتب وهو ما انعكس سلبا علي الخدمة الطبية، ونقص في جميع المستلزمات الطبية والأطقم الطبية المدربة بكل عناصرها الأمر الذي يضعف من قدرة المستشفيات الحكومية علي القيام بدورها في تقديم خدمة صحية لائقة ويعرَّض حياة المترددين عليها للخطر، يضاف الي ذلك زيادة نسبة الأخطاء الطبية وبشكل جعل الإقدام علي إجراء عملية جراحية في مستشفي حكومي مخاطرة يمكن أن تفضي الي موت المريض.

 

الورقة البضاء

واعترافا من وزارة الصحة بتدني وضعف مستوي القطاع الصحي.. أعدت الوزارة ما يسمي بـ«الورقة البيضاء» التي تعد إطارا عاما لكافة الاستراتيجيات سواء قصيرة أو متوسطة أو طويلة المدي لرفع مستوي القطاع حتي عام 2030، وتشير هذه الورقة الي أهم 3 تحديات تواجه القطا الصحي علي رأسها «عدم المساواة» والتي تظهر كما نشر في مثالين هما تفاوت وفيات الأطفال دون سن الخامسة بين الطبقات الفقيرة والغنية والتي تصل الي مرتين ونصف المرة في الفئات الفقيرة مقارنة بالفئات الأخري، كذلك ارتفاع معدل التدخين مرتين في الفئات غير المتعلمة مقارنة بالفئات الأكثر تعليما والأعلي دخلا، ثم يأتي التحدي الثاني في مجالات النظام الصحي، الذي يتجلي في كثرة عدد الهيئات المقدمة للخدمة الصحية وتفاوتها وكذلك نظم التمويل الصحي التي لا تسمح للآن بتغطية صحية شاملة وهو ما يظهر أيضا في ارتفاع معدل الإنفاق الشخصي علي الصحة الي حوالي 70٪ من ميزانية الأسرة، ووفقا لما جاء بورقة الوزير عادل عدوي وزير الصحة السابق فإن دور الورقة البيضاء هو تقليل الإنفاق الصحي الشخصي علي الصحة مقارنة بزيادة الإنفاق العام وإدراج خدمات صحية جديدة لرفع مستوي الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين وكذلك تعزيز دورالحكومة في تقديم خدمات الصحة العامة وتخصيص أموال إضافية للإنفاق علي القطاع الصحي وتحقيق أفضل النتائج الصحية وفقا للإنفاق المتاح ومشاركة الجهات الأهلية والمجتمع المدني لوضع الاستراتيجيات الخاصة بالقطاع الصحي وتحليل النظم الصحية الحالية بالتعاون مع الصحة العالمية.

 

الأجور تلتهم التطور

من يطالع ميزانيات الوزارات المختلفة سيكتشف أن بند الأجور يلتهم سنويا النسبة الأكبر من ميزانيات كل الوزارات، حيث تصل نسبة إجمالي الأجور والرواتب الي نحو 207 مليارات جنيه في ميزانية 2014/2015 مقارنة بنحو 181 مليار جنيه في الموازنة السابقة عليها وكانت نحو 83 مليارا في موازنة 2009/2010، وهو ما يشير الي أن معدل الزيادة في الأجور خلال السنوات الثلاث الماضية تجاوز الـ20٪ نتيجة لضم بعض العلاوات للأجر الأساسي وتطبيق الحد الأدني للأجور والكادر الخاص علما بأن الزيادة السنوية في معدلات الأجور لم تكن تتجاوز الـ7٪ فيما سبق وهو ما دفع وزير المالية هاني قدري للمطالبة بإعادة هيكلة نظام الأجور كله، وأن نصل الي نظام موحد للأجور يقضي علي البنود الكثيرة وتوحيد بنود الصرف حتي نتمكن من تحديد مستحقي الدعم من الفئات العاملة في الدولة.

ولذلك وفيما يخص ميزانية وزارة الصحة لعام 2014/2015 فقد بلغ 47 مليارا و958 مليون جنيه بزيادة 15 مليارا علي العام الماضي ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لعام 2015، فقد بلغ الإنفاق العام للدولة علي الصحة طبقا للموازنة العامة للدولة 47 مليارا مقارنة بـ32 مليارا و736 مليون جنيه عام 2013/2014، بنسبة إنفاق عام بلغت 5٫37٪ عام 2015، مقارنة بـ4٫75٪ العام الماضي.

ووفقا لتقدير المرصد المصري للحقوق الصحية فقد تم تخصيص 26٫6 مليار جنيه من الموازنة الجديدة لأجور وتعويضات العاملين و6٫7 مليار لشراء السلع والخدمات و2٫6 مليار جنيه للدعم والمنح والمزايا و20 مليونا فوائد قروض و647 مليونا مصروفات أخري و5٫7 مليار لشراء الأصول غير المالية و5٫7 مليار جنيه للاستثمارات، وهو ما يعني أن وزارة الصحة تخصص حوالي 60٪ من ميزانيتها للأجور وتعويضات العاملين بشكل عام، حيث تشير بيانات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الي أن وزارة الصحة لديها 606٫3 ألف موظف وأن 80٫4٪ من الوظائف بالوزارة في الدرجات الثالثة والثانية والأولي التي تضم الفنيين والإداريين بالوزارة أما شاغلو وظائف مدير عام وما فوق لا يمثلون سوي 3٪ في الوقت الذي يبلغ عدد الأطباء العاملين في وزارة الصحة حوالي 363 ألف طبيب وصيدلي وطبيب أسنان وتمريض حتي العام الماضي وهؤلاء جميعا لو حصلوا علي بدل عدوي بمقدار 1000 جنيه بدلا عن 19 جنيها شهريا فسيصل ما يحصلون عليه كبدل عدوي الي حوالي 300 مليون جنيه شهريا رغم أن من يعملون فعليا منهم 294٫3 ألف فقط.

وتتفاوت نسب غير القائمين بالعمل بين قطاعات الوزارة بين 37٪ في ديوان عام الوزارة و21٪ في مديريات الشئون الصحية و10٪ في المستشفيات والمعاهد التعليمية! ومن ثم ووفقا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد وصل عدد المستشفيات العامة والجامعية الي نحو 717 مستشفي و98٫3 ألف سرير يخدم نحو 82 مليون مواطن وليبلغ متوسط الإنفاق علي الصحة نحو 493 جنيها لكل مواطن في موازنة 201/2015.

 

493 جنيها

كيف للمواطن المريض المصري أن يعالج بـ493 جنيها سنويا مبلغ ضئيل للغاية لا يكفي بأي حال للعلاج، لذا فإن ما تعهدت به السلطة علي إثر رحيل الإخوان من سدة الحكم حينما تعهدت بتوفير الرعاية الطبية لكل مواطن لم ير النور فيما يخص نصيب المواطن من العلاج سنويا، فأين المساواة في هذا الحق وذاك الواجب، ففي الوقت الذي يعاني فيه غالبية الشعب المصري من ضياع حقها في الرعاية الطبية في مستشفيات حكومية خاصة يرثي لها نجد أن هناك فئة ضئيلة للغاية عددا تحظي باهتمام فائق وبكل الرعاية الصحية بحصول أعضائها علي بدل علاج شهري من أموال الشعب رغم المرتبات العالية التي تتقاضاها وتبني للبعض الآخر من تلك الفئات أحدث المستشفيات لتلقي فيها رعاية طبية مميزة وتصدر الأوامر بعلاج المليونيرات علي نفقة الشعب، والأمثلة علي ذلك عديدة نذكر منها القضاة والمستشارين والفنانين وحتي المخلوع مبارك الذي لا يزال يعالج علي حساب الشعب الذي نهبه وسرق منه الحياة!! بينما ترك الشعب ومستشفيات الدولة له كأسهل وأسرع الطرق الي الآخرة!

 

مخالفات دستورية

الدكتور محمد حسن رئيس مركز الحق في الصحة أكد انحياز الدستور الجديد الي صحة الشعب بتخصيصه لنسبة الـ3٪ من إجمالي الناتج المحلي لقطاع الصحة تأكيدا منه أن نقص التمويل السبب الرئيسي في مشاكل الصحة والتدني في مستوي الخدمات الطبية والعلاجية وليس كما كان يقال إن سوء الإدارة السبب في قصور قطاع الصحة ولذلك من الضروري الوصول بتلك النسبة الي الـ6٪ العالمية.

ولذلك - والكلام للدكتور محمد حسن تلك النسبة المقدرة بـ3٪ لم تكن كذلك في عام 2014/2015 وكانت 2٫2٪

من الناتج المحلي وانخفضت لـ1٫9٪ والميزانية 44 مليارا للصحة بمعدل 49 مليارا لو أضيفت ميزانية المستشفيات الخاصة والتي هي جزء من إدارة التعليم العالي وتزيد لـ54 مليارا عند إضافة ميزانية المستشفيات الجامعية ولكن الناتج المحلي الإجمالي زاد من 2050 مليارا الي 2600 مليار ومن ثم انخفضت زيادة قطاع الصحة لأن الزيادة تتضمن نسبة التضخم أي تكون زيادة غير حقيقية وبالتالي يعد هذا مخالفة صريحة للدستور، وهناك جريمة أخري ضد الدستور ارتكبها وزير الصحة السابق عادل عدوي فالدستور ينص علي العلاج والدواء لكل أفراد الشعب وضد كل الأمراض بينما التأمين الصحي حدد الفقراء قط وضد الأمراض الشائعة فقط بمبلغ 3 ملايين جنيه لصالح التأمين علي أخطر الأمراض في محافظات الصعيد وبالتحديد ضد 20 مرضا شائعا فقط وهي مخالفة صريحة للدستور.

 

عذاب في عذاب

الدكتورة مني مينا، أمين عام نقابة الأطباء، تري أن الاهتمام بالتأمين الصحي وشموله جميع فئات المجتمع يحل الكثير من مشكلات قطاع الصحة ولكن ليس مشروع التأمين الصحي الذي خرج علينا به الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة الأسبق، الذي يحمل المواطن نسبة من تكلفة الخدمة  وقت طلب الخدمة، بينما التأمين الصحي المرجو والمتعارف عليه لمثل ظروف المصريين المعيشية والاقتصادية يكفيه الاشتراك فقط لتلقي الخدمة ولا يجوز فرض رسم عند الدخول والتحويل لأي قسم بخضوعه لرسوم أخري يتحمل معها تكاليف ورسوم علي العمليات الجراحية أو الدخول للعناية المركزة أو للتحاليل والأشعة ونهاية بالأدوية، وبالنسبة لكلام وزير المالية وغيره من أن النسبة الأكبر من ميزانية الصحة تذهب للأجور والرواتب فالأجدي به أن يشير أيضا الي إهدار الميزانية في مظاهر الإنفاق الإنشائية والتجميلية كالمكاتب الفاخرة والرخام والسيراميك والبورسيلين ولذلك فهناك مبالغة في التهام الأجور للميزانية والأجدي العمل علي زيادة نسبة الميزانية المخصصة للقطاع الصحي فنحن كنا نشتكي من ضآلة ميزانية الوزارة وإهدارها وطالبنا بالمشاركة والرقابة المجتمعية لمنع الإهدار وتحسين أوضاع الصحة لأنه لا خير في زيادة ميزانية يمتصها الإهدار والفساد ولا يستفيد منها المواطن المصري.

وتري الدكتورة مني مينا حدوث ارتفاع ولكنه طفيف في ميزانية الصحة ومخصصاتها عن العام الماضي التي كانت 33٫5 مليار من إجمالي 742٫1 مليار بنسبة 4٫5٪ ولكن أيضا دعم الأدوية وألبان الأطفال تراجع من 655 مليونا الي 300 مليون جنيه ودعم التأمين الصحي الشامل تراجع من 1500 مليون الي صفر ودعم المرأة المعيلة أقل من 120 مليونا الي 104 ملايين ودعم التأمين الصحي علي الطلاب استقر عند رقم 240 مليونا ودعم التأمين الصحي علي الأطفال سن الدراسة ارتفع من 160 مليونا الي 167 مليونا وإجمالي التأمين الصحي تراجع من 2٫02 مليون الي 513 مليونا، أي انخفض للربع، كذلك هناك زيادة شكلية لمخصصات شراء الأدوية والأمصال والطعوم من 3٫395 مليون جنيه في العام المالي 2013/2014 الي 3٫397 مليون جنيه في العام المالي 2014/2015 بزيادة قدرها 2 مليون جنيه وهناك نقص حاد لمخصصات دعم الأدوية وألبان الأطفال ومخصصات الأدوية عموما ونقص لدعم التأمين الصحي رغم وجود تكرار شديد لكلام زيادة حصة الصحة والتعليم.

وتشير د. مني مينا إلي أن هناك زيادة في باب الأجور للعاملين بالصحة تبلغ حوالي 8٫2 مليار منها 7٫6 مليار لتطبيق قانون 14 للعاملين بالمهن الطبية والباقي للعلاوات الدورية للعاملين ولكن المشكلة في عدم معرفة أين ذهبت هذه الزيادة إذا كان أطباء المناطق النائية قل إجمالي أجورهم وكذلك أطباء الطوارئ وقطاع الرعاية الأساسية لأطباء الريف ووحدات الرعاية الأساسية قل أيضا إجمالي أجورهم ولذلك فإصلاح المنظومة الصحية هو الأجدي.

 

المال السايب

الدكتورة ريهام إكرام مقرر اللجنة الاجتماعية بنقابة الأطباء سبق أن أكدت مشاكل الهدر في ميزانية الصحة ومنها المستشفيات التكاملية والقوافل الطبية وإنشاء مستشفيات جديدة بالرغم من وجود مستشفيات قديمة لم يستكمل إنشاءها، وبالنسبة للقوافل التي تنظمها الوزارة دائما تكون بالقرب من وحدات صحية مغلقة وتقوم بتوزيع الأدوية ولكن من الأولي بتشغيل تلك الوحدات حتي تقدم خدمة طبية متكاملة للمرضي ثم إن المستشفيات التكاملية عبارة عن هياكل خرسانية وتتحول الي وحدات تنظيم أسرة وهو ما يعد إهدارا لميزانية الصحة.

ومن جانبه يري الدكتور عاصم حلمي إخصائي التخدير أن الصحة والتعليم من أهم مقومات تقدم المجتمع وأن هناك حقا للمجتمع للتعرف علي ميزانية الصحة وأوجه الإنفاق علي بنودها وكذلك كيفية التصرف فيها ولإنجاح المنظومة الصحية لابد أيضا أن نوفر حياة كريمة للفريق الطبي حتي تنجح المنظومة ككل.

 

التنمية المفقودة

الدكتور محمد نصر استشاري أمراض القلب ورئيس اللجنة الصحية بحزب الوفد يري ضرورة أن تأتي برامج العلاج الطبي المجاني والرعاية الصحية لكافة أفراد الشعب المصري علي قائمة برامج التنمية الشاملة للمواطن المصري والاهتمام بالقضاء علي أسباب تفشي الأمراض الوبائية المستوطنة بين أفراد الشعب المصري من الفشل الكلوي الي أمراض الكبد، وهو ما يتحقق من خلال إعادة هيكلة التأمين الصحي واتساع مظلته لتشمل كافة أفراد الشعب ويندرج تحت هذه البرامج تحسين الخدمة الطبية والمستوي العلمي والمادي لقطاع الأطباء والممرضين وهو برنامج حزب الوفد لإصلاح منظومة الصحة كما سيعمل الحزب وحكومته علي تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في إنشاء المستشفيات والمراكز الطبية ومعاهد الأبحاث الطبية المتخصصة.