عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسباب بيع المصريين أصواتهم

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

لم يكن يتوقع أحد أن تشهد الانتخابات البرلمانية التي تمثل الاستحقاق الأخير في خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها عقب ثورة 30 يونية 2013، هذا الإقبال الضعيف من قبل الناخبين، حيث كان متوقعاً أن يكون حضور الناخبين بنفس القدر والأعداد الكبيرة التي خرجت في الانتخابات الرئاسية والاستفتاء علي الدستور.

فعندما خرج المصريون بالملايين في ثورة 25 يناير مطالبين بالتغيير وحياة كريمة والقضاء علي الفساد وجميع مظاهر الانحلال الموجودة بالمجتمع، ثم عادوا وخرجوا بالملايين من ثورة 30 يونية ليعبروا عن إرادتهم في التخلص من حكم جماعة الإخوان الإرهابية واختيار رئيس للبلاد يعبر عن جميع المصريين وليس جماعته فقط، عندما فعل المصريون كل ذلك خلال عامين فقط توقع الجميع أن المصريين لا يمكن أن يفرض عليهم أمر وستكون كلمتهم فوق أي شىء آخر، ولكن للأسف لم يستمر حماس وإقبال المصريين علي آخر خطوة في المرحلة الانتقالية، وكانت الكارثة أن بعض المواطنين ارتضوا أن يأخذوا ثمن أصواتهم للتصويت لصالح مرشح بعينه، والسؤال كيف انتفض المصريون ضد جميع مظاهر الفساد والتزوير مثل سنوات قليلة ثم راح بعضهم الآن يفتح ذراعيه من أجل قبول الرشاوي المختلفة مثل الملابس والأموال وأحياناً المواد المخدرة للتصويت لمرشح بعينه، ماذا حدث للمصريين.

يقول دكتور عبدالحميد زيد، رئيس قسم الاجتماع بجامعة الفيوم: «إن ظاهرة المال السياسي واستغلال الفقراء تمت من خلال أحزاب الأعمال فهي عبارة عن شركات دعائية تجمل صفحات رجال الأعمال التي تلوثت في العصر السابق، مشيراً إلي أن أموالهم تراكمت من المال العام واستنزاف دماء الفقراء لتقوية نفوذهم لذلك شعروا أنهم بحاجة إلي عمل سياج لحماية هذه النقود التي صنعوها خلل السنوات الماضية.

ويضيف «زيد» أنه تم استخدام المزيد من الأموال لدعم افراد لهم شعبية في دوائر انتخابية من أجل صنع نواب لتقديم الولاء والطاعة للحزب السياسي الذي يقوم بتمويلهم، لافتاً إلي أن اقتران المال بالمراكز السياسية موجودة منذ سنوات كبيرة ولكن انتشاره أمام العامة بهذه الصورة الفظة سببه عجز الدولة عن التصدي لهذه الظاهرة بسبب الضغوط التي يمارسها رجال الأعمال علي البلد خاصةً في ظل الظروف العصبية التي تعيشها في الفترة الحالية.

واستطرد «زيد» أن السبب الثاني الذي جعل ظاهرة المال السياسي تتنشر في الشارع المصري أوقات الانتخابات هي الأحزاب الدينية، فهم أول من استخدموا جميع الوسائل غير المشروعة سواء عن طريق الدين أو الأموال التي تدفع للناخبين من أجل الفوز بمقاعد في البرلمان واستمرار وجودهم السياسي علي الساحة.

وعن الأسباب التي دفعت المصريين لقبول الرشاوي: «وضح «زيد» إن المصري فقد الأمل في النواب الجدد وعدم التزامهم بالوعود التي يتحدثون بصفة دائمة، فلم يجدوا مفراً إلا الاستفادة من الاموال التي يقدمها لهم المرشحون لأنهم لن يحصلوا علي أي شىء آخر في حال فوزهم في الانتخابات ودخولهم البرلمان.

وأكد «زيد» أن القيم المعنوية والاخلاقية غابت عن المجتمع المصري وحلت محلها القيم المادية والذي ساهم في ذلك وسائل الإعلام وبرامج بعينها.

وأكد «زيد» الحاجة إلي إعادة صياغة السلوك السياسي ودوافع الاختيار لدي المواطن، فقديماً كانت دوافع الاختيار عصبة الدم والقبلية أما الآن حل المال محل هذه القيم.

وقالت «هالة شكر الله» رئيس حزب الدستور السابق: «إن طبيعة المناخ السياسي السائد وقانون الانتخابات الذي سمح بزيادة نسبة الفردي عن القوائم كل هذه الأمور فرضت طبيعة معينة علي شكل الانتخابات البرلمانية وهي انتشار المال السياسي وجميع صور الرشاوي.

وتضيف «شكر الله» أن الفقر وسوء الأحوال الاجتماعية للمصريين دفعهم لقبول الرشاوي من المرشحين، مطالبة بأن يكون هناك استراتيجية متكاملة لسد احتياجات الشعب المصري والوفاء بمطالبتهم حتي لا يكونوا فريسة سهلة أمام الإغراءات التي يقدمها بعض المرشحين.

وأكد اللواء «محمود زاهر» الخبير السياسي والاستراتيجي: «أن المال السياسي ظاهرة موجودة منذ قديم الأزل وليست وليدة اليوم، ولا يجب أن نوجه اللوم لمن يدفع الأموال بل لابد أن ننظر بعين موضوعية للأسباب التي دفعت الناخبين لكي يقبلوا هذه الرشاوي للتصويت لصالح

مرشح بعينه.

وأوضح «زاهر» أن المسألة ليست حكراً علي المصريين، فالمال السياسي موجود علي مستوي العالم ولكن بأساليب مختلفة من بلد إلي آخر، واستطاعت بعض الدول في أوروبا أن تتغلب علي هذه الظاهرة عن طريق تحسين معيشة الأفراد وتحسين الأحوال الاجتماعية والسياسية وزيادة وعي المواطنين، ولكن هناك العديد من الدول لم تستطع التغلب علي هذه الظاهرة فتعاملت معها علي أنها أمر واقع لابد من التعايش معه، مشيراً إلي أن الرشاوي الانتخابية لها أكثر من صورة فبعضهم يلجأ إلي استخدام الوسائل التقليدية مثل توزيع الأموال وبعض الأشياء التي يحتاجها المواطن البسيط.

أما بالنسبة لضعف نسبة الإقبال علي الانتخابات، رأي «زاهر» أن الشعب المصري أصبح لديه ثقة في القيادة السياسية الحالية وكان يأمل أن يكون موجود علي الساحة السياسية أشخاص معرفون وجديرون بالثقة ويستطعوا أن يتحملوا أعباء المرحلة الحالية ولكن حدث عكس ذلك فمن تصدر المشهد الانتخابي أشخاص مجهولون للشارع المصري لدرجة أن معظم الناخبين كانوا لا يعرفون من المرشحين في دوائرهم الانتخابية.

ويقول «ناجي الشهابي» رئيس حزب الجيل الديمقراطي: «هناك عدة أسباب لانتشار ظاهرة المال السياسي منها قانون الانتخابات القائم الذي أعطي نسبة كبيرة للفردي علي حساب القوائم، وعدم قيام اللجنة العليا للانتخابات بممارسة صلاحيتها ومنع التجاوزات التي حدثت في المرحلة الأولي من الانتخابات من تكررها بالمرحلة الثانية وعدم استخدامها الإجراءات القانونية ضد المتجاوزين للقواعد الانتخابية وهو ما جعل المخالفات تزداد في مرحلتي الانتخابات البرلمانية.

وتابع «الشهابي»: إن الرشاوي الانتخابية جريمة متكاملة أركانها الراشي والمرتشي وللأسف الدولة عاجزة عن محاربة هذه الظاهرة والتصدي لها، واتخاذ الإجراءات الصارمة ضد المتجازوين.

وعن الدوافع التي جعلت المصريين يقبلون الرشاوي، رأي «الشهابي» أن تردي الأحوال المعيشية سبب رئيسي لانتشار الرشاوي فبعض رجال الاعمال استطاعوا أن يستغلوا الغلابة والمساكين لكي يصوتوا لصالح مرشحيهم.

وأكد الربان عمر المختار صميدة، رئيس حزب المؤتمر، أن المال السياسي لعب دوراً كبيراً في تغيير شكل خريطة المنافسة، موضحاً أن معظم الشكاوي التي رصدتها غرفة عمليات الحزب أثناء الاقتراع، كانت رشاوى انتخابية، الأمر الذى يفتح الباب إلى دخول نواب غير معبرين عن الحالة الحقيقية للشعب المصري.

ومن جانبه، أوضح الدكتور عمرو ربيع هاشم، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، أن الأرقام التي أفرزتها اللجنة العليا للانتخابات تعكس تحكم المال السياسي وقدرته علي اختيار أفضل المرشحين الذين استطاعوا حصد أكبر عدد من الأصوات، في ظل انخفاض نسبة المشاركة.

وأضاف «ربيع» أن غياب الشباب عن المشهد السياسي، أفقد البرلمان المقبل هويته، مطالباً الدولة بضرورة إعادة الشباب إلي المشهد السياسي، من خلال خطوات ملموسة علي أرض الواقع وليس بالشعارات والخطابات.