رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السيد الغضبان يكتب: تعظيم سلام للرقابة الإدارية

بوابة الوفد الإلكترونية

فرحة المصريين الغامرة، وحماسهم لما اعتبروه ضربة البداية  في الحرب الجادة ضد حيتان الفساد باقالة وزير الزراعة والقبض عليه وتقديمه للمحاكمة، هذه الفرحة لا تعبر مطلقا عن الشماتة في شخص الوزير المتهم، لكنها تعبير صادق عن الأمل في أن تكون ضربة البداية هذه تمثل تحركا جادا ومستمرا لحرب لا هوادة فيها ضد الفساد  وبالتحديد ضد «كبار الفاسدين» إلا أن هذه الفرحة خالطتها هواجس مشروعة ولا تعني هذه الهواجس مطلقا التقليل من أهمية ضربة البداية الرائعة والموفقة التي بدأتها هيئة الرقابة الادارية لكنني أري ضرورة الالتفات الجاد لهذه الهواجس إذا أردنا أن نضمن تأييداً كاسحاً ومستمراً من الجماهير يدعم جهد  الرقابة الادارية وجميع الأجهزة المعنية بمحاربة الفساد. فهذا التأييد والمؤازرة الجماهيرية هما الضمانة  الحقيقية لنجاح أية مؤسسة  رسمية تتصدي لمحاربة الفساد وبشكل خاص «لكبار» الفاسدين.

هواجس مشروعة

الهواجس المشروعة يحركها ميراث سنوات عديدة كان الفساد والفشل يعربدان وينتشران بشكل سرطاني في جميع مؤسسات الدولة. وكانت التصريحات الرنانة والتي تطلقها الحكومات المتعاقبة تهدد بحرب شرسة علي الفساد والفشل، ولكن الواقع المرير كان يؤكد دائماً أن هذه التصريحات الحكومية ليست أكثر من صيحات فارغة لامتصاص غضب الجماهير كلما  تكشفت عملية فساد كبري.

ويكفي أن نستعرض بعض الأمثلة الحديثة لفساد فاجر تعامل معه  رئيس الوزراء بتصريحات نارية وبقي الوضع علي ماهو عليه  رغم هذه التصريحات.

1ـ حالة الفساد الصارخة في وزارة الاتصالات والتي تبادل فيها الوزير وقيادات عليا بالشركة المصرية للاتصالات الاتهام بإهدار مئات الملايين من المال العام ونشرت تفاصيل هذه الاتهامات المتبادلة في وسائل الاعلام وانتشرت أخبارها علي أوسع نطاق ولم يتحرك أحد.

2ـ عندما تقرأ الجماهير أخبارا عن محافظ بورسعيد الذي يمارس  نشاط الاستيراد والتصدير وهو علي رأس محافظة «منطقة حرة» يكثر الحديث عن عمليات تهريب كبري منها إلي داخل البلاد في عمليات تحرم الدولة من جمارك بمئات الملايين من الجنيهات، فهل نلوم الجماهير إذا لم نصدق التصريحات الحكومية التي تهدد بحرب علي الفساد؟!

«الخبر منشور بالمصري اليوم يوم الخميس 10/9/2015»

3ـ عندما تري الجماهير في أكثر من مؤسسة أن القيادات العليا بهذه المؤسسات تمارس فسادا صارخا أو أنها ـ أي هذه القيادات ـ فاشلة فشلا ذريعا يؤدي الي اهدار المليارات من المال العام. ويعرف العاملون بهذه المؤسسات تفاصيل الفساد والفشل بل ويعلم هؤلاء العاملون أن هذه التفاصيل تعرفها بكل تفاصيلها الجهات الرسمية، ثم تري هذه الجماهير أن هذه القيادات الفاسدة أو الفاشلة مستمرة في مواقعها، فهل نلوم الجماهير إذا هي تصورت أن  كل حديث عن محاربة الفساد ليس أكثر من ذر للرماد في العيون وامتصاص غضب الجماهير؟!

هذه بعض نماذج لواقع يحرك هواجس الشك لدي الجماهير في مدي جدية الحكومة في محاربة الفساد.

الأهمية البالغة لدعم الجماهير

ولأنني أثق في أن تحرك الرقابة الادارية هذه الأيام يتم في ظروف  مختلفة، وأن شواهد كثيرة توصي بأن هذه المؤسسة تعود لتمارس دوراً بالغ الأهمية في محاربة الفساد مدعومة بمساندة قوية من رئيس الدولة، فإنني أرجو أن يتعامل رئيس  الرقابة الادارية مع جميع الملفات المسكوت عنها  التي ذكرت أمثلة لها بكل الحيدة والشفافية وأن يطلع الجماهير عندما تكتمل الأدلة بكل الحقائق حتي يزيل شكوك الجماهير التي تراكمت ويكسب دعما بالغ الأهمية وهو دعم الجماهير العريضة، هذا الدعم الذي يمنح هذا الجهاز الهام دعما بالغ القوة إذا ضيف الي دعم رئيس الدولة فإن هذا الجهاز يستطيع دون شك القضاء علي الفساد بنسبة كبيرة وتغيير القيادات الفاشلة التي لا تقل خطورة عن القيادات الفاسدة.

نماذج لقيادات  رائعة

وفي هذا السياق فإنني أكرر أهمية الدور المنوط بالرقابة الادارية، رغم محاولة  تشكيك البعض. وأذكر بهذه المناسبة ان الرقابة الادارية شهدت بعض فترات قدمت خلالها انجازات رائعة في محاربة الفساد.

وإذا أردنا أن ننسب الفضل لأهله فلا بد أن نذكر بكل التقدير قيادات  تولت أمر الرقابة قدمت انجازات رائعة خاصة في مواجهة حيتان الفساد.

وأول هذه القيادات الرجل الذي تولي تأسيس الرقابة الادارية.. هذا الرجل هو «كمال الغر» رجل المخابرات العامة الذي أهلته  كفاءته واخلاصه النادر ونزاهته التي لا تشوبها شائبة

ليؤسس هذا الجهاز ويضع له قواعد عمله.

مضي الرجل بعد أن أسس الجهاز واختار العناصر التي يطمئن إلي وطنيتها وصلابتها ونزاهتها، مضي في مواجهة الفساد.. وعندما بدأت موجة  الانفتاح البثي التي هيأت البيئة لحيتان الفساد لنهب مئات الملايين من المال العام، أصر «كمال الغر» علي أن يقدم القضايا التي اكتملت أدلتها للقضاء. ولم يسعفه القانون المنظم للرقابة.. فتقديم هذه الوقائع للقضاء يتطلب موافقة  الوزراء أو رئيس الجمهورية.

وتضمنت بعض ملفات الفساد عدداً من كبار المسئولين أو »المسنودين» وأصر «كمال الغر» علي تقديم هذه الملفات للقضاء، ورفضت القيادة السياسية حينها الاستجابة لطلبه. لم يستسلم الرجل بل هدد بالاستقالة المسببة.. وأدركت القيادة السياسية الحرج الذي يمكن أن تتعرض له. ساومت الرجل لكنه لم يرضخ للتهديد ولم يستسلم لإغراء وأوهمته القيادة السياسية بانها سوف تستجيب لمطلبه، وفي فجر نفس اليوم الذي تلقي فيه هذا الوعد كان قرار رئاسي قد تم اعلانه بالغاء وجود «الرقابة الادارية» وسط زفة اعلامية تتحدث عن ازاحة هذه المؤسسة التي تتعرض لحريات المواطنين؟!

غادر كمال الغر موقعه  مرفوع الرأس رافضاً عروضاً مغرية لاسترضائه وفضل أن يبقي في بيته شامخاً كما كان طوال حياته حتي لقي ربه بسيرة  عطرة.

النموذج الثاني سار علي نفس الطريق وهو اللواء أحمد عبدالرحمن... وكانت القيادة السياسية حينذاك قد أعادت الرقابة الادارية.. وتولي اللواء أحمد عبدالرحمن رئاسة الجهاز وبنفس الطريقة التي لا تعرف المساومة في الحق ولا المهادنة في محاربة «حيتان الفساد» رفض الرجل كل ضغوط واغراءات القيادة السياسية ليغض الطرف عن ملاحقة «كبار الفاسدين» ولقي الرجل نفس المصير الذي لقيه سلفه وانهيت خدمة الرجل قبل شهور من بلوغه سن التقاعد وهو يقضي اجازته... وبكل الشموخ ترك الرجل موقعه تاركاً سيرة عطرة ومضي ليواصل نشاطه بعيداً عن هذا الموقع بنفس الروح ونفس الكفاءة «متعه الله بالصحة».

أذكر هذه النماذج لأنني أتصور أن رئيس الرقابة الادارية الحالي يتمتع بنفس المواصفات، الصلابة والنزاهة. لكن ظروفه أفضل بكثير من السابقين. فالقيادات المحترمة السابقة خذلتها القيادات السياسية ولم تمكنها من اتمام مهمتها في محاربة «حيتان الفساد». أما القيادة الحالية فمن حسن الحظ أن القيادة السياسية تدعمها إلي أبعد حد، بل وتحرص في أكثر  من مناسبة علي الاعلان الصريح عن هذا الدعم في رسائل شديدة الوضوح لحيتان الفساد وللقيادات الفاشلة بأن الحرب التي تخوضها الرقابة الادارية ضد حيتان الفساد و»كبار الفاشلين» وتخوضها الرقابة الادارية بدعم كامل من رئيس الدولة.

السيد محمد عرفان رئيس الرقابة الادارية..

واصل حربك المقدسة ضد حيتان الفساد وضد الفاشلين الكبار بدعم من الله  أولاً ومن رئيس الدولة.. ومن الجماهير العريضة التي تتطلع الي أن نطمئنها بإزالة الهواجس التي أشرت اليها..

والله معك أنت والمخلصين من رجالك.