عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدين الصحيح عند الله

بوابة الوفد الإلكترونية

بعث الله تعالي رسله الكرام تتري بدءًا من سيدنا رسول الله آدم وانتهاءً بخاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، رحمة للعالمين ولتحقيق علة خلق الإنسان في الوجود وهي العبودية لله وحده لا شريك له على حكم قوله تعالي: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» وليحملوا للبشرية جميع الأفضال الإلهية وليكونوا مصادر لها للبشرية على الدوام والاستمرار مبشرين للمؤمنين بجنة القرب الإلهي في الدنيا والآخرة، ومنذرين للعصاة من غضب المولي عز وجل وعقابه لهم في الدنيا قبل الآخرة، على حكم قوله تعالي: «مبشرين ومنذرين» وليكونون أيضا مصادر للتأسي والاقتداء مصداقا لقوله تعالي: «لقد كانت لكم فيهم أسوة حسنة»، كما أنزل الله تعالي القرآن على قلب سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ليكون نورا يهدي به الله من يريد الهداية وسلوك طريق الرب الإلهي ليعبد الله عن معرفة مصداقا لقوله تعالي: «ما كنت تري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلي صراط مستقيم»، نستنبط من هذه الآية أن الكتاب هو القرآن في حقيقته نور قذفه الله في قلب سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ليكون مصدرية له في الوجود كله على الدوام والاستمرار، وبالتالي فإن حضرته هو صاحب هذا النور الذي يهدي به من يشاء الهداية إلى الله تعالي.

 

جميع الرسل جاءوا برسالة الإسلام،

عندما نتوقف أمام قول المولي عز وجل: «إن الدين عند الله الإسلام» تتضح لنا حقيقة بديهية ومهمة، وهي أن جميع رسل الله تعالي جاءوا برسالة الإسلام، الدين الواحد عند الله تعالي أما عند الناس فقد يختلقون أديانا أخري ما أنزل الله بها من سلطان، وهم أحرار فيما يعتقدون، ولكن عند الله تعالي لا يوجد سوي دين واحد هو الإسلام فقط، وذلك أيضا علي حكم قوله تعالي: «لكم دينكم ولي دين».

وقد بدأت رسالات الإسلام في الوجود منذ بدء بعث سيدنا رسول الله آدم، الأب الأول للبشرية، ثم جاء كل رسول بشرعة من الإسلام، وهو ما يؤكد قوله تعالي: «شرع لكم من الدين ما وصينا به نوحا والذي أوحينا إليك ووصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه» يوضح هذه الحقيقة الحديث الشريف: «نحن معاشر الرسول أبناء علات أمهاتنا شتي وديننا واحد». كما تتأكد هذه الحقيقة أيضا في العديد من الآيات القرآنية.. منها علي سبيل المثال:

< على="" لسان="" سيدنا="" يعقوب="" عليه="" السلام:="" «أم="" كنتم="" شهداء="" إذ="" حضر="" يعقوب="" الموت،="" إذ="" قال="" لبنيه="" ما="" تعبدون="" من="" بعدي،="" قالوا="" نعبد="" إلهك="" وإله="" آبائك="" إبراهيم="" وإسماعيل="" وإسحاق="" إلها="" واحدا="" ونحن="" له="">

< وعلي="" لسان="" سيدنا="" نوح="" عليه="" السلام="" «وأمرت="" أن="" أكون="" أول="">

< وعن="" سيدنا="" إبراهيم="" عليه="" الصلاة="" والسلام:="" «ما="" كان="" إبراهيم="" يهوديا="" ولا="" نصرانيا="" ولكن="" كان="" حنيفا="">

< وعلي="" لسان="" سيدنا="" يوسف="" عليه="" السلام:="" «أنت="" وليّ="" في="" الدنيا="" والآخرة="" توفني="" مسلما="" وألحقني="">

< وأيضا="" علي="" لسان="" المؤمنين="" بسيدنا="" موسي="" عليه="" السلام:="" «ربنا="" أفرغ="" علينا="" صبرا="" وتوفنا="">

< أما="" حواريي="" سيدنا="" عيسي="" عليه="" السلام="" فيقول="" المولي="" عز="" وجل="" علي="" لسانهم:="" «قال="" الحواريون="" نحن="" أنصار="" الله="" آمنا="" بالله="" وأشهد="" بأنا="">

يتضح لنا مما سبق أن كل رسول من رسل الله تعالي الكرام جاء بشرعة من الإسلام، مصداقا للحديث الشريف «خير ما قلته أنا والنبيين من قبل لا إله إلا الله» وكل من اتبع وآمن بهم فهو من المسلمين، وكان حضراتهم يأمرون أهلهم بأركان الإسلام الخمسة، ويوجد العديد من الآيات القرآنية التي تثبت وتؤكد ذلك منها:

< دعوة="" التوحيد="" علي="" لسان="" سيدنا="" نوح="" عليه="" السلام="" «اعبدوا="" الله="" ما="" لكم="" من="" إله="">

< وعن="" الصلاة="" والزكاة="" ما="" جاء="" علي="" لسان="" سيدنا="" عيسي="" عليه="" السلام:="" «وأوصاني="" بالصلاة="" والزكاة="" ما="" دمت="">

< وعن="" أمر="" الله="" تعالي="" للسيدة="" مريم:="" «يا="" مريم="" اقنتني="" لربك="" واسجدي="" واركعي="" مع="">

< وما="" جاء="" الأمر="" الإلهي="" بالصيام="" كركن="" من="" أركان="" الإسلام="" للمسلمين="" علي="" مر="" القرون="" «يا="" أيها="" الذين="" آمنوا="" كتب="" عليكم="" الصيام="" كما="" كتب="" علي="" الذين="" من="" قبلكم="" لعلكم="">

< وعن="" فريضة="" الحج="" الي="" بيت="" الله="" الحرام="" لمن="" استطاع="" إليه="" سبيلا="" جاء="" قوله="" تعالي="" لسيدنا="" إبراهيم="" عليه="" السلام:="" «وأذن="" للناس="" بالحج="" يأتوك="" رجالا="" وعلي="" كل="" ضامر="" يأتين="" من="" كل="" فج="" عميق»،="" وهذا="" هو="" أول="" أذان="" عام="" للناس="" بالحج="" علي="" لسان="" سيدنا="">

 

أفضال رسل الله الكرام على الوجود

تبين العديد من الآيات القرآنية أن رسل الله الكرام هم مصادر الاتصال الإلهية في الوجود كله، فهم مصادر الهداية وتزكية النفوس، ومصادر المعارف الإلهية كلها.. دينية ودنيوية ومصادر الرحمة والرأفة والنجاة فضلا عن المغفرة والجيران والنصر للمؤمنين على أنفسهم وعلى أعدائهم.

< لكي="" يحملوا="" رسالة="" المولي="" عز="" وجل="" الي="" الوجود،="" وهب="" الله="" رسله="" الكرام="" تمكينا="" إلهيا="" عظيما="" بدءا="" بسيدنا="" رسول="" الله="" آدم="" عليه="" السلام="" مصداقا="" لقوله="" تعالي:="" «وعلم="" آدم="" الأسماء="" كلها»،="" وهو="" ما="" يعني="" اختصاص="" حضرته="" بعلم="" إلهي="" خاص="" يفوق="" ما="" لدي="">

 من علم، لذلك أسجد له الملائكة مصداقا لقوله تعالي «وقلنا للملائكة اسجدوا لآدم» فهو أول خليفة لله تعالي يحكم بأمر الله وشريعته ونلاحظ في حديث سيدنا رسول الله محمد عن سيدنا رسول الله آدم «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» حيث يعلمنا سيدنا رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم واجب أدب التخاطب والمعتقد والسلوك عن سيدنا آدم عندما استثني سيدنا آدم من السيادة تبجيلا وتوقيرا باعتبار حضرته الأب الأول للبشرية وأول رسل الله أولي العزم.

وعن سيدنا نوح عليه السلام يقول المولي عز وجل »ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون» أي أن الله تعالي قد استجاب لدعوة سيدنا نوح لينصره وتابعيه علي الكافرين، وهو ما تحقق بإغراقهم بالطوفان ونجاة سيدنا نوح وأتباعه.

أما سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقد حظي بأعلي مقامات القرب الإلهي، وذلك في قوله تعالي: «واتخذ الله إبراهيم خليلا» أي أن حضرته هو خليل الله، وهي أعلى مقامات الحب الإلهي، كما جعل الله سيدنا إبراهيم إماما للناس في قوله تعالي: «إني جاعلك للناس إماما» أي الناس كلها علي الدوام والاستمرار، فحضرته هو إمام الهداية  في الأمة لهدايتها، فضلا عن كونه لسان الحجة الإلهية في الوجود، «وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم علي قومه»

وعن سيدنا موسي عليه السلام وحضرته رسول من الرسل أولي العزم يقول المولي عز وجل: «قال يا موسي إني اصطفيتك علي الناس برسالاتي وبكلامي» فحضرته صاحب رسالات متعددة.. منها رسالة الي أهل مصر، ورسالة ثانية الي فرعون ورسالة ثالثة الي أهل مدين ورابعة الي بني إسرائيل.. وغيرها.

كما أن حضرته كلم الله «وكلم الله موسي تكليما»، هذا فضلا عن كون حضرته صنعة إلهية خاصة.. مصداقا لقوله تعالي: «واصطنعتك لنفسي» كما تربي حضرته أيضا علي عين العناية الإلهية «ولتصنع علي عيني».

ويبرنا المولي عز وجل عن أفضال سيدنا داود عليه السلام في قوله تعالي: «وأتيناه الحكمة وفصل الخطاب» أي أن في أيدي حضرته مفاتيح العلوم الدنيوية والأخروية وتفاصيلها، كما أورث الله تعالي سيدنا سليمان عليه السلام كل أفضال وتمكين سيدنا داوود في قوله تعالي: «وورث سليمان داوود».

وعن سيدنا يحيي عليه اسلام يخبرنا المولي عز وجل وهو يخاطب سيدنا زكريا عليه السلام «إن الله يبشرك بحيي مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين»، وبهذه الآية أثبت الله تعالي لسيدنا يحيي السيادة علي قومه لما له من كمالات الخلق والخُلق ولما له من تمكين إلهي خاص وأفضال إلهية عظمي اختصه الله بها ولم تكن لأحد من قبله، أي أنه أصالة وليس مثلية مصداقا لقوله تعالي: «يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيي لم نجعل له من قبل سميا» من هذا الاختصاص الإلهي أن حضرته مصدرية الحنان اللدني في الوجود مصداقا لقوله تعالي: «يا يحيي خذ الكتاب بقوة وأتيناه احكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا».

وعن سيدنا يوسف عليه السلام يقول المولي عز وجل: «وكذلك مكنا ليوسف في الأرض» أي تمكين إلهي مطلق لحضرته.

أما سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فعلينا أن نتوقف أمام قوله تعالي: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» فحضرته هو مصدرية الرحمة في هذا الوجود كله، إنسه وجنه، مؤمنه وكافره، وإذا توقفنا أمام قوله تعالي: «وإنك لعلي خلق عظيم» وحديث حضرته «أدبني ربي فأحسن تأديبي» أي أن حضرته مصادر الخلق العظيم والأدب الجم للوجود كله، وفي ذلك يقول حضرته، «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وأول من أتمم فيهم حضرته مكارم الأخلاق هم صحابته الكرام، لذلك أمرنا رسول الله بالاقتداء بهم في حديثه الشريف «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، لذلك وصفهم الله تعالي بقوله: «محمد رسول الله والذين معه أشداء علي الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله رضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود».

وتشير العديد من الآيات الي أن رسل الله الكرام يتحققون تماما بأسماء الله وصفاته منها قوله تعالي عن سيدنا إسحاق «وبشروه بغلام عليم» أي أنه متحقق باسم الله العليم، وعن سيدنا إسماعيل «وبشرناه بغلام حليم» وعن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم: «بالمؤمنين رؤوف رحيم» أي أن حضرته متحقق باسم الله «الرؤوف» واسم الله «الرحيم» وبالتالي فهو مصدرية الرأفة والرحمة للوجود كله علي مدار

القرون بدءا من سيدنا رسول الله «آدم» الي أن اختتم رسله بسيدنا رسول الله محمد عليه أفضل السلاة والسلام، ولكي يكونوا مصادر للاقتداء والتأسي لأقوالهم، أحاطهم الله بسياج الحفظ والعصمة الكاملة من الهوي والنفس والشيطان وأودع في قلوبهم الصدق في القول والأمانة في التبليغ والتسليم بأمر الله، وتحلوا بالصبر والصلاة لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.

أما حكمة العصمة فهي حتي لا يتسرب الشك والريبة الي قلوب تبعياتهم إذا ما أمر الرسول بأمر ما وأتي من السلوك ما يخالف ذلك، مصداقا لقوله تعالي: «كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون».

وتوجد الكثير من الآيات التي تؤكد عصمة حضراتهم، منها قوله تعالي في سورة النحل: «إنه ليس له سلطان علي الذين آمنوا وعلي ربهم يتوكلون» وواضح من هذه الآية أنه لا سلطان مطلقا للشيطان علي المؤمنين، وهم ولا شك لا يفضلون الرسل بأي حال من الأحوال وإن أي سلطان للشيطان علي الإنسان يخرجه من حكم المؤمن الي المشرك بالله.

وأيضا قوله تعالي في سورة «ص» حكاية عن الشيطان «قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين» حيث يتضح من هاتين الآيتين عجز الشيطان عن غواية المؤمنين الطائعين لله منهم بالذات «المخلصين» أي الرسل، يتأكد ذلك في قوله تعالي عن سيدنا يوسف «كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين».

وفي قوله تعالي حكاية عن الشيطان في سورة الحجر «قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين» وواضح أيضا من هذا الدليل القرآني عجز الشيطان عن غواية عباد الله الصالحين فكيف يكون حاله مع الأنبياء والمرسلين؟!

وفي سورة الإسراء يقول المولي عز وجل «إن عبادي ليس لك عليهم سطان وكفي بربك وكيلا» يؤكد المولي عز وجل كفالته الحفظ الإلهي لعباده المؤمنين من سطان الشطان وتسلطه عليهم، كما ضمن لعباده  المؤمنين أن يكون وكيلا عنهم في المحافظة عليهم وحمايتهم من أي غواية أو ضرر يلح بهم من الشياطين، فكيف إذن يكون حظ الرسول من كفالة الله لهم بالحفظ وحمايتهم من أي سوء، وإلا كيف يبلغون رسالات ربهم إن لم يكونوا معصومين عصمة مطلقة من أي سلطان أو تسلط شيطاني.

كما يقول الله تعالي في سورة الأنبياء «وقالوا اتخذا الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون» حيث يتضح من هذا النص القرآني أنه نزل في تبيين خصائص الرسل بصفة عامة، فهم بما فيهم من خصوصية الخلق والخلق لا يقدمون علي قول أو فعل إلا بأمر الله بحكم الاصطفاء الإلهي لهم ولا يتم الاصطفاء الإلهي إلا بحكم الكمالات التي أودعها الله قلوبهم فتنزهوا عن أي عصيان أو خطيئة.

وعن خصوصية عصمة سيدنا آدم - علي عكس ما تشيع كتب التراث التي أساءت الي هذا الرسول الكريم بكثرة الافتراءات عليه - يقول الله تعالي حكاية عن الشيطان: «قال أرأيت هذا الذي كرمت عليّ لئن أخرتن إلي يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا» (الإسراء 62)، حيث تثبت هذه الآية أن احتناك الشيطان - أي غوايته - التي تؤدي الي هلاك المؤمنين من الإنس والجن في النار مقصور علي ذرية آدم فقط ولم يذكر اسم سيدنا رسول الله «آدم» في هذه الآية لا تصريحا ولا تلميحا في ضمير مستتر يقول الله تعالي «لأحتنكن ذريته» بل إن الشيطان يعجز أيضا عن احتناك المؤمنين عن ذرية سيدنا آدم كما يقول الله تعالي «إلا قليلا» فإذا كان هذا شأن القليل من المؤمنين في ذرية سيدنا رسول الله آدم معصوما من الشيطان فمن الأولي أن العصمة الكاملة للرسل مكفولة لهم من الله عز وجل.

أما مدلول اسم آدم الذي تشير اليه آيات بعينها الي عصيانه وغوايته ومخالفته لأوامر الله تعالي. فهي تشير الي عموم الجنس الآدمي الذي تجوز فيهم المعصية والغواية ولا يمكن أن تعني اسم سيدنا رسول الله آدم الذي اختصه المولي عز وجل بأن جعله أول خليفة له في الأرض، بل وعلمه مدلولات أسماء الله تعالي وصفاته وجعله مصادر لها ولذلك فضله الله علي الملائكة وأسجدهم لحضرته، لذلك جاء اختلاف المخاطب في آيات العصمة عن الآيات التي تدل علي العصيان والمخالفة وإن اتحد المخاطب في مسمي واحد هو اسم «آدم» إلا أن كلا منهم غير الآخر، إذ إن كل مخلوق علي وجه الأرض منذ أن خلقها اله هو آدم بالنسبة لذريته التي تتناسل منه إذ إن أحفاد إنسان ما يصبحون علي مر الزمان أجدادا لأحفاد آخرين، وهكذا الي ما شاء الله تعالي بقاء الجنس البشري.

قد حوت آيات القرآن الكريم العديد من قصص الرسل وأقوامهم ويصف المولي عز وجل هذه القصص بأنها أحسن القصص في قوله تعالي: «نحن نقص عليك أحسن القصص» كما يقول جلت قدرته «لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفتري ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدي ورحمة لقوم يؤمنون» وفي قوله تعالي: «ما كان حديثا يفتري» يعني حضرات الرسل مع أقوامهم ليس تأريخا ولا حكايات ولكن واقع ومستمر علي مدار القرون مع مثليات هذه الأقوام، مصداقا لقوله تعالي: «لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون» أي ذكر وواقع كل الأقوام والأمم علي مدار القرون والعصور، وقوله تعالي أيضا: «إن ما توعدون لصادق وإن الدين لواقع» أي واقع نحياه اليوم ويحياه القادمون من بعدنا كما عاشه السابقون، يتأكد ذلك في قوله تعالي عن قوم سيدنا لوط وما أنزله الله عليهم من نقمة إلهية وعلي أمثالهم من بعدهم «فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد» (هود 82) أي أن العقاب الإلهي لقوم سيدنا لوط ليس ببعيد وسيتكرر مع كل من سيسلك معصيتهم في المستقبل علي مدار القرون.

ولذلك فإذا كانت الحكمة والعبرة من القصص القرآني هي تحقيق وحدانية الله تعالي وأنه لا إله إلا الله، باعتبار ذلك هو أساس الدين فإن هذا القصص قد حوي أيضا ما يثبت مظاهر العزة الإلهية، وأنه مصادر الحكمة التي لا تغيض أبدا.

(1) المصدر: كتاب رسالة الإسلام الجزء الأول لفضيلة الشيخ يحيي كامل قنديل.