رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تدبر محمد قدوة تقتدى (4)

بوابة الوفد الإلكترونية

إن الناس يرحم بعضهم بعضا بقدر اتصالهم بالله، وأنهم يقسون عليهم بقدر بعدهم عن الله تعالى، فإذا كان للإيمان مؤشر، وللرحمة مؤشر، فالمؤشران يتحركان بتناسق تام، وفي الأثر القدسي:

«إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقى»، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «الرَّاحِمُونَ يرحمهم الرحمن، ارحَمُوا مَن في الأرض، يرحمْـكم من في السماءِ، الرَّحِمُ شِجْنَة مِن الرحمنِ، فَمَن وصلَهَا وَصَلهُ الله، ومن قطعها قطعهُ الله». (حديث صحيح، أخرجه الترمذي).

إن النبي عليه الصلاة والسلام كما تدبرنا نجد أنه رحمة مهداة، ولا يسعنا إلا أن نقتدي به، فنتراحم، ونتعاطف، ونتباذل، ويضحّي بعضنا من أجل بعض حتى يحبنا الله عز وجل، وينصرنا على أعدائنا وهم كثيرين.

 ورد في بعض الأثر: إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي. لقد أعلن النبي عليه الصلاة والسلام أن الرحمة عنده خير من الإفراط في العبادة، وأزكى.

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، خَرَجَ عام الفتح إِلى مكةَ في رمضانَ، فصامَ حتى بلغَ كُراعَ الغَميم، فصام الناسُ، ثم دعا بِقَدح من ماء، فرَفَعَه حتى نَظَرَ الناسُ، ثم شَرِبَ، فقيل له بعد ذلك: إِنَّ بعضَ الناس قد صام؟ فقال: أولئكَ العُصاةُ، أولئكَ العُصاة. (حديث صحيح، أخرجه مسلم).

إن هذا الفعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يبين للمسلمين أن مشقة السفر هى عذر مبيح للإفطار في رمضان، وإن الرفق بالنفس يفوق في ميزان رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شىء، أما هؤلاء الذين صاموا في السفر حتى أجهدوا، ورغم هذا لم يتخلوا عن صيامهم، فيصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعصاة، لأنهم رفضوا رخصة الله، ورفضوا رحمة الله عز وجل، ولاسيما الرحمة بالنفس واستبقاء عافيتها وقوتها، لأن عافية النفس رأسمالها الوحيد.

وهكذا نعرف أن الرحمة بالنفس أفضل من الإسراف في العبادة، والمؤمن يقبل رخص الله عز وجل.

 وحينما توضع الرحمة في كفة، والعبادة في كفة، ترجح كفة الرحمة على كفة العبادة.

 كما ,ان هنالك من المواقف ما يؤكد ذلك، فها هو رجل يسرع الخطى إلى النبي عليه الصلاة والسلام، تغمره فرحة عارمة ليبايع النبي عليه الصلاة والسلام على الهجرة معه أنى شاء، وعلى الجهاد في سبيل الله تحت رايته وقتما يحب ويأمر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، قال:

أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبَايِعُكَ على الهجرة والجهاد، أبتَغِي الأجرَ من الله.

قال صلى الله عليه وسلم: فهل من والديك أحد حَيّ؟.

 قال: نعم، بل كلاهما حَيّ،

قال صلى الله عليه وسلم: فتبتَغِي الأجرَ من الله؟

 قال: نعم،

قال صلى الله عليه وسلم: فارجع إلى وَالِدَيكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُما ))

وهكذا ندرك أن إكرام الوالدين يفوق الجهاد في سبيل الله: يسأله رجل آخر، يقول: إني أشتهي الجهاد،

ولا أقدر عليه، قال صلى الله عليه وسلم: هل بقي من والديك أحد؟

قال: أمي، قال صلى الله عليه وسلم: فأبل الله في برها، فإن أنت فعلت ذلك فأنت حاج، ومعتمر، ومجاهد، (من حديث صحيح لغيره، أخرجه أبو يعلى).

البند الثاني: الرحمة بالوالدين.

وهكذا نعلم إن بسمة تعلو شفتي أب حنون، وتكسو وجه أم لاهفة، لا تقدَّر عند النبي صلى الله عليه وسلم بثمن، حتى حينما يكون الثمن جهاداً في سبيل الله. فالعبادة تتحول إلى عقوق إذا تمت على حساب الرحمة بالوالدين

أما رحمته صلى الله عليه وسلم بالأهل فتأكيد لعموم الرحمة داخل الأسرة، فقد ربط النبي عليه الصلاة والسلام الخيرية المطلقة برحمة المرء بأهله، وإحسانه إليهم، فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى» (حديث صحيح، أخرجه الترمذى)، وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا واستَوصوا بالنساء خيراً، فإنَّهُنَّ عَوان عندكم».

ومعنى قوله: عوان عندكم، يعني أسرى في أيديكم.

وفي الأثر: «أكرموا النساء، فوالله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم». وفيه أيضاً: «يغلبن كلَّ كريم، ويغلبهن كلُّ لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً».

وقال عليه الصلاة والسلام: «خيركم خَيركم للنساء».

عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه، قال: أتينَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ونحن شَبَبَة مُتقارِبون، فأقمنا عنده عشرينَ ليلة، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رحيماً رفيقاً، وظن أنَّا قد اشتَقْنا أهلَنا، فسألنا عمَّنْ تركنا من أهلنا؟ فأخبرناه، فقال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم ومروهم فليصلُّوا صلاةَ كذا في حين كذا، وصلاةَ كذا في حينِ كذا، وإذا حضرتِ الصلاةُ فليؤذِّنْ لكم أحدُكم، وليُؤمكم أكبَركم.

 لقد كان عليه الصلاة والسلام يشعر بأن هذا الإنسان له زوجة ينبغي أن يجلس معها، اشتاق إليها، واشتاقت إليه،

 

... وللتدبر مواصلة