رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإعدام.. أحكام عادلة وضمانات كافية

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد عامين من ثورة 30 يونية، أثارت أحكام الإعدام الصادرة ضد أعضاء الجماعة الإرهابية موجة من الانتقادات فى الداخل والخارج، رغم أن تلك الأحكام لم تكن وليدة للثورة أو للانتقام من جماعة الإخوان كما زعموا، بل هي إحدى العقوبات التي أقرها القانون المصري مثل العديد من الدول الأجنبية ومن بينها أمريكا نفسها التي قضت بإعدام أكثر من 42 مواطناً أمريكياً عام 2007، ورغم ذلك تعترض أمريكا علي تنفيذ تلك العقوبة علي المتهمين بارتكاب عمليات إرهاب وتجسس وتعرض أمن وسلامة البلاد للخطر.

فهناك أكثر من 60٪ من سكان العالم يعيشون في دول تطبق هذه العقوبة، حيث إن الأربع دول الأكثر سكاناً وهي جمهورية الصين الشعبية والهند والولايات المتحدة وإندونيسيا تطبق عقوبة الإعدام. كما أن القانون المصرى وفر العديد من الضمانات للمتهمين الصادر ضدهم عقوبة الإعدام، حيث إن الأحكام الصادرة غيابياً لا يعتد بها، فمجرد تسليم المتهم نفسه تتم إعادة محاكمته من جديد وإلغاء الأحكام الغيابية، كما أنها ليست أحكاماً نهائية، بل تمر بعدة مراحل قضائية أخرى، حيث يتم الطعن على الحكم أمام النقض وإذا قبلت المحكمة الطعن تتم إعادة محاكمة المتهم أمام محكمة جنائية جديدة. ومن حق المحكوم عليهم أيضاً تقديم طعن لمحكمة النقض للمرة الثانية على الحكم الصادر في إعادة المحاكمة.

«الوفد» ترصد عبر آراء خبراء القانون الجنائى والدستورى الجرائم التي ينص عليها المشرع بعقوبة الإعدام والضمانات الإجرائية الخاصة، فبعضها يتعلق بالحكم الصادر بالإعدام، والبعض الآخر يتعلق بتنفيذ العقوبة، ليتأكد العالم أن أحكام الإعدام ليست وليدة الثورة أو بغرض انتقام نظام سياسي من نظام سابق أو جماعة بحد ذاتها.

 

إعدام يراعي الإنسانية

وإذا نظرنا إلى عقوبة الإعدام بشكل عام في مصر سنجد أنها تراعي الإنسانية واستبعد المشرع تنفيذ عقوبة الإعدام علي الحدث وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضي النفسيين، كما انها لا تطبق الإعدام علي المرأة الحامل إلا بعد وضعها طفلها بشهرين. فهي جاءت لمعاقبة المجرم الذي يشكل بقاؤه خطراً علي المجتمع وللردع العام لمنع غيره من ارتكاب تلك الجرائم، لذلك فهي لم تفصل للانتقام من جماعة الإخوان المسلمين أو لإبادتهم، فالقضاء المصري مستقل والسلطة القضائية لا شىء يعلوها ويؤثر عليها غير الدستور والقانون. والدليل علي ذلك أن منظمة العفو الدولية سجلت أن مصر خلال الفترة من عام 1981 إلى عام 1990 قد أصدرت 179 حكماً بالإعدام. أما فى الفترة من 1991 إلى 2000 فقد سجلت المنظمة صدور ما لا يقل عن 530 حكماً بالإعدام. وجميع هذه الاحكام ليس لها دخل بالأحداث السياسية ولكن العقوبة صدرت وفقاً للقانون المصري الذي حدد الجرائم التي تنص علي عقوبة الإعدام.

وفى ورقة بحثية للدكتور عماد الفقي، أستاذ القانون الجنائي بجامعة حلوان، أكد أن المشرع المصرى يقرر عقوبة الإعدام كجزاء لارتكاب مجموعة من الجرائم التى رأى فيها من الخطورة والجسامة ما تستحق هذا الجزاء. فقد نص المشرع على تلك العقوبة فى قانون العقوبات العام، وكذا بعض القوانين الجنائية الخاصة؛ مثل قانون مكافحة المخدرات، وقانون الأحكام العسكرية، وقانون الأسلحة والذخائر. ونستعرض هنا بعض الجرائم بالتفصيل التي يعاقب فيها مرتكبها بالإعدام.

أولاً: جرائم الاعتداء على أمن الدولة من جهة الخارج المعاقب عليها بالإعدام: يعاقب المشرع المصرى على عدد من جرائم الاعتداء على أمن الدولة من جهة الخارج وهى كالآتى: جريمة العمل على المساس باستقلال البلاد، أو وحدتها، أو سلامة أراضيها (مادة 77 عقوبات)، جريمة الالتحاق بقوات دولة فى حالة حرب مع مصر (مادة 77 «أ» عقوبات)، جريمة السعى أو التخابر لاستعداء دولة أجنبية على مصر (مادة 77 «ب» عقوبات)، جريمة السعى أو التخابر مع دولة معادية لمصر لمعاونتها فى عملياتها الحربية (مادة 77 «جـ» عقوبات)، جريمة التدخل لمصلحة العدو لزعزعة إخلاص القوات المسلحة، أو إضعاف روحها أو روح الشعب المعنوية أو قوة المقاومة عنده (مادة 78 «أ» عقوبات)، جريمة تحريض الجند على الانخراط فى خدمة دولة معادية (مادة 78 «ب» عقوبات)، جريمة تسهيل دخول العدو فى البلاد (مادة 78 «جـ» عقوبات)، جريمة الإتلاف أو التعييب أو التعطيل المتعمد لوسائل الدفاع (مادة 78 «هـ» عقوبات)، جريمة تسليم أسرار الدفاع لدولة أجنبية، أو التوصل إليها بقصد إفشائها أو إتلافها لمصلحتها (مادة 80 عقوبات)، جريمة الإخلال المتعمد بعقد توريد أو أشغال ارتبط به مع الحكومة لحاجات القوات المسلحة (مادة 81 عقوبات)، جريمة الاتفاق الجنائى، أو التحريض على الاتفاق على جرائم محددة من جرائم الاعتداء على أمن الدولة الخارجى (مادة 82 «ب» عقوبات)، فالإعدام جزاء لارتكاب أي جريمة مما نص عليه فى الباب الثانى من الكتاب الثانى لقانون العقوبات إذا وقعت بقصد المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها، أو إذا وقعت فى زمن الحرب بقصد إعانة العدو، أو الإضرار بالعمليات الحربية، وكان من شأنها تحقيق الغرض المذكور. وكذلك الجنايات والجنح المنصوص عليها فى الباب الأول متى كان قصد الجانى منها إعانة العدو أو الإضرار بالعمليات الحربية للقوات المسلحة، وكان من شأنها تحقيق الغرض المذكور (مادة 83 «أ» عقوبات).

ثانياً: جرائم الاعتداء على أمن الدولة من جهة الداخل: جريمة تكوين تنظيمات غير مشروعة يكون الغرض منها الدعوة بأي وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين، أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن، أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التى كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى. جريمة إجبار إنسان على الانضمام إلى منظمة غير مشروعة، أو منعه من الانفصال عنها التى يترتب عليها موت المجنى عليه (مادة 86 مكرراً «ب» عقوبات). جريمة السعى، أو التخابر للقيام بأعمال إرهابية ضد مصر (مادة 86 مكرراً «جـ» عقوبات). جريمة تأليف عصابة مسلحة، أو تولى زعامة أو قيادة فيها لمحاولة قلب نظام الدولة بالقوة (مادة 87 عقوبات). جريمة القبض على إنسان دون وجه حق؛ بغية التأثير على السلطات العامة إذا نجم عنها موت إنسان (مادة 88 مكرراً عقوبات). جريمة التصدى على أحد القائمين على تنفيذ أحكام الباب الأول من الباب الثانى لقانون العقوبات إذا نجم عنها موت المجنى عليه (مادة 88 مكرراً «أ» عقوبات). جريمة تأليف عصابة هاجمت طائفة من السكان، أو قاومت بالسلاح رجال السلطة العامة فى تنفيذ القوانين (مادة 89 عقوبات). جريمة التخريب المتعمد للمبانى والأملاك العامة إذا نجم عنها موت شخص كان موجوداً فى تلك الأماكن (مادة 90 عقوبات). جريمة محاولة احتلال المبانى والأملاك العامة بالقوة إذا وقعت من عصابة مسلحة (مادة 90 مكرراً عقوبات). جريمة قيادة فرقة أو قسم من الجيش أو قسم من الأسطول أو سفينة حربية أو طائرة حربية أو نقطة عسكرية أو ميناء أو مدينة بغير تكليف من الحكومة أو بغير سبب مشروع (مادة 91 عقوبات). جريمة طلب من له حق الأمر من أفراد القوات المسلحة أو البوليس تعطيل أوامر الحكومة لغرض إجرامى (مادة 92 عقوبات). جريمة رئاسة عصابة مسلحة بقصد اغتصاب الأراضى والأموال (مادة 93 عقوبات). جريمة استعمال مفرقعات بنية ارتكاب جرائم معينة (مادة 102 «ب» عقوبات). جريمة استعمال مفرقعات ينتج عنها موت شخص أو أكثر (مادة 102 «جـ» عقوبات).

ثالثاً: جرائم الاعتداء على آحاد الناس: جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار أو الترصد (مادة 230 عقوبات). جريمة القتل العمد باستعمال السم (مادة 33 عقوبات). جريمة القتل العمد المقترن بجناية أو المرتبط بجناية أو جنحة (مادة 234 عقوبات). جريمة قتل جريح الحرب (مادة 251 عقوبات). جريمة تعريض وسائل النقل للخطر إذا نشأ عنها موت إنسان (مادة 167 عقوبات). جريمة الحريق العمد إذا نشأ عنه موت إنسان (مادة 257 عقوبات). جريمة خطف الأنثى المقترن بمواقعتها بغير رضائها (مادة 290 عقوبات). جريمة الشهادة الزور إذا ترتب عليها إعدام إنسان (مادة 294 عقوبات). جريمة البلطجة المقترنة بالقتل العمد (مادة 35 مكرراً «أ» عقوبات).

وبعد هذا الاستعراض نري أن ثورة 30 يونية التى كشفت جرائم ومخططات الإخوان، حيث وجهت تحقيقات النيابة لأعضاء الجماعة الإرهابية تهم ارتكاب العديد من الجرائم التي ذكرناها سابقاً من تشكيل جماعة محظورة وتعرض حياة المواطنين للخطر وارتكاب جرائم قتل وتحريض، هذا بالإضافة إلى عمليات التجسس والاتصال بالعدو في وقت الثورة انقضاض علي الدولة وتعرض حدودها في سيناء للخطر وضرب الجيش المصرى واقتحام أقسام الشرطة والسجون وتهريب المساجين وترويع المواطنين وكل هذه جرائم كان فيها المشرع المصرى صارماً معها بتوقيع أقصى عقوبة وهى الإعدام وذلك طبقاً للقوانين الدولية وليس القانون المصرى فقط.

 

ضمانات حكم الإعدام

ويرى الدكتور محمود كبيش أستاذ القانون الجنائي أن الجرائم التي ارتكبها المتهمون الصادر ضدهم حكم الإعدام، شديدة الخطورة وتستحق بالفعل عقوبة الإعدام لأنها تسعي لتدمير وطن بأكمله. كما أنها لا تدين ثورة 30 يونية، لافتاً إلى أن القاضي لم يصدر تلك الأحكام إلا بعد التأكد من ثبوت أدلة الاتهام والتأكد بأنها لا يشوبها شائبة ولا تحمل مجالاً للشك. وأوضح أن التهم الموجهة لمن صدرت ضدهم أحكام الإعدام تدينهم بالتخابر أو القتل أو التجسس وجميعها مقرر لها عقوبة الإعدام. وعن انتقاد الدول الأجنبية لعقوبة الإعدام قال «كبيش» إن أغلب دول أوروبا مناهضة لعقوبة الإعدام وأصرت علي إلغائها، لذلك فإنها لديها حساسية تجاه تلك العقوبة والتي صدرت في ظل

ظروف سياسية صعبة. مما دفع تلك الدول المعارضة بأن تعتقد أن تلك الأحكام صادرة نتيجة تأثرها بالأوضاع التي تمر بها مصر. وأوضح أنه من المفترض أن الجميع يعلم أن القضاء نزيه عن أي اعتبارات سياسية لأنه إذا تأثر أو تعرض لأي ضغط لا يعتبر في ذلك الوقت قاضياً لأنه سيصبح غير منصف، مضيفاً أن القاضي يكون معصوب الأعين لا يري ولا يسمع إلا ما هو في الأوراق والتحقيقات والمرافعات، موضحاً أن هناك ضمانات للمحكوم عليه بالإعدام وفرها له المشرع لتحقيق العدالة القانونية معه حيث نص علي وجوب حضور محام مع كل متهم بجناية وجوبياً. وإذا غاب المتهم بجناية محالة أمام محكمة الجنايات صدر الحكم غيابياً فى حقه. يسقط هذا الحكم، بحضور المتهم، أو القبض عليه سواء ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة من جديد دون أن تتقيد المحكمة بالحكم الغيابى فقد تصدر حكماً مغايراً له. ويخضع إثبات الجريمة المعاقب عليها بالإعدام للأحكام العامة للإثبات. فتتمتع المحكمة بحرية كاملة فى تكوين عقيدتها وفقاً لما نصت عليه المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية التى تقضى بأن: «يحكم القاضى فى الدعوى حسب العقيدة التى تكونت لديه بكامل حريته».

وعن الضمانات التي وفرها القانون المصري للحكم بعقوبة الإعدام قال «كبيش» إن المشرع حدد بعض الشروط التي يجب توافرها في حكم الإعدام وهذا لخطورة الحكم لأنه يقضي علي حياة إنسان. وهي كالاتي:

أولاً: وجوب صدور حكم الإعدام بإجماع آراء المحكمة طبقا للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية وبناء عليه يجب أن يصدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء قضاة محكمة الجنايات. فلا يجوز أن يصدر حكم الإعدام بأغلبية آراء أعضاء المحكمة كما هو الشأن فى الأحكام الأخرى غير الصادرة بالإعدام. وهذه ضمانة لا شك فى قيمتها إذ يكفى لعدم الحكم بها أن يستشعر قاض واحد من أعضاء المحكمة عدم ارتياحه لهذه العقوبة، فلا يوافق عليها، وحينئذ يستبعد الحكم بالإعدام. ويجب أن تبين المحكمة فى منطوق الحكم توافر الإجماع وإلا كان الحكم باطلاً.

ثانياً: وجوب أخذ رأى مفتى الجمهورية حتي وإن كان رأياً استشارياً غير ملزم للمحكمة، وذلك طبقا المادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص بأنه يجب علي المحكمة قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأى مفتى الجمهورية، ويجب إرسال القضية إليه، فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة فى الدعوى». كذلك فإن أخذ رأى المفتى قبل صدور الحكم بالإعدام من شأنه أن يدخل فى روع المحكوم عليه بالإعدام اطمئناناً إلى أن الحكم الصادر بإعدامه إنما يجىء وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، إلى جانب ما لهذا من وقع لدى الرأى العام.

وعن ضمانات تنفيذ الحكم، قال أستاذ القانون الجنائي محمود كبيش، إن هناك عدة إجراءات تتبع عقب صدور حكم الإعدام حتي تنفيذه.

أولاً: إنه بعد أن يصبح حكم الإعدام نهائياً باتاً يجب أن يصدق عليه رئيس الجمهورية قبل تنفيذ الإعدام بـ15 يوماً، لافتاً إلى أنه من حق الرئيس أن يصدر قراراً بالعفو عن المحكوم عليهم أو تخفيف العقوبة. والحكمة من هذا الإجراء إعطاء المحكوم عليه بالإعدام فرصة أخيرة نظراً لخطورة العقوبة، وتهيئة الفرصة فى كل الحالات ليستعمل رئيس الدولة حقه فى عفو أو تخفيف العقوبة إذا شاء.

ثانياً: يجب أن يكون حاضراً وكيل النائب العام وطبيب وقت تنفيذ الحكم.

ثالثاً: يجب أن يتلى الحكم الصادر بالإعدام منطوقه والتهمة المحكوم من أجلها على المحكوم عليه، وإذا رغب المحكوم عليه إبداء أقوال حرر وكيل النائب العام محضراً لها.

رابعاً: تدفن الحكومة جثة المحكوم عليه بالإعدام على نفقتها ما لم يكن له أقارب يطلبون القيام بذلك، ويجب أن يكون الدفن بغير احتفال.

خامساً لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام فى أيام الأعياد الرسمية، أو الأعياد الخاصة بديانة المحكوم عليه، ويوقف تنفيذ عقوبة الإعدام على الحبلى إلى ما بعد شهرين من وضعها.

 

 مواقف الفقه المصرى

وفي بحث التشريعات المصرية حول عقوبة الإعدام. وفيه يقول الأستاذ الدكتور المرحوم محمود نجيب حسنى: «إن القاضي يستعين بهذه العقوبة لتحقيق مصلحته فى مكافحة الجرائم، وإن إلغاء عقوبة الإعدام يمثل خللاً فى السياسة الجنائية من شأنه النزول اختياراً عن سلاح فعال فى مكافحة أشد الجرائم خطورة، ومواجهة أشد المجرمين ضراوة». ثم يستطرد الفقيه قائلا: «ولكن تأييدنا لعقوبة الإعدام لا يحول بيننا وبين المطالبة بأن يكون لها النطاق المعتدل: فطبيعتها كعقوبة استئصال على وجه لا رجعة فيه تملى انحصار نطاقها على أشد الجرائم جسامة، ونرى أن الجرائم التى تستوجبها هى جرائم الاعتداء على الحياة فحسب، أما جرائم الاعتداء على أمن الدولة فيكفى فيها عقوبات أقل جسامة، بالإضافة إلى ذلك فإنه لا يجوز للقاضى أن ينطق بعقوبة الإعدام لمجرد ارتكاب المتهم جريمة معاقباً عليها بها، وإنما عليه أن يتحقق من الخطورة البالغة لشخصيته على المجتمع ويقرر انقطاع الأمل فى إصلاحه، والاحتمال الكبير فى أن يعود إلى مثل جريمته إن لم يستأصل من المجتمع، وبالإضافة إلى ذلك، فإن عليه أن يستوثق بصفة خاصة من قوة أدلة الإدانة، ومن أن احتمال ظهور براءته يكاد يكون مستبعداً، فإن لم يتوافر ذلك كله فإن على القاضى أن يتذرع بالظروف المخففة لتفادى النطق بها، ويجب لرئيس الدولة أن يجعل من سلطته فى العفو وسيلة لتفادى تنفيذ الإعدام فى غير الحالات التى تقتضيها -على وجه اليقين- مصلحة المجتمع.

كما يرى الدكتور محمود كبيش «ضرورة الإبقاء على عقوبة الإعدام مع قصرها على أخطر الجرائم، وألا يحكم بها إلا بواسطة جهة قضاء عادية يتوافر أمامها جميع الضمانات».

ويقول الأستاذ الدكتور محمد عيد الغريب «إن عقوبة الإعدام ضرورة اجتماعية، لا يمكن أن تحل محلها أى عقوبة سالبة للحرية، وقد أقرتها الشريعة الإسلامية فقد أوجبت القصاص فى القتل العمد».

ويذهب الأستاذان الدكتوران على عبدالقادر القهوجى، وعبدالله الشاذلى إلى أنه «ليس من المقبول المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام فى مصر؛ إذ هى مقررة فى الشريعة الإسلامية التى تعد المصدر الرئيسى للتشريع فى مصر؛ ومن ثم فإن إلغاءها يخالف الشريعة الإسلامية… فيما يتعلق بالجرائم ذات العقوبات المقررة شرعاً وأهمها القتل، ويخالف فى الوقت ذاته دستور البلاد.

 

إقرأ ايضاً..

دوائر جنائية للفصل السريع فى جرائم "الإرهابية"