رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سقوط شيوخ الفتنة

بوابة الوفد الإلكترونية

عقب اندلاع ثورة 25 يناير ولمدة ثلاث سنوات تالية كشفت الأحداث والوقائع عن الوجه الحقيقي لشيخ الفتنة وأسقطت المواقف الكثير من الأقنعة التي كان يرتديها الكثير ممن أطلقوا علي أنفسهم رجال دين وحددوا لأنفسهم خطاً ولوناً سياسياً أطلقوا عليه الإسلام السياسي ليصبح الإخوان والسلفيون والتكفيريون والجهاديون والدعويون ومعظم ألوان الطيف الديني السياسي في خندق والمجتمع بأسره في خندق آخر، بمرور الوقت سعي هذا الفصيل إلي تعميق هذه الفكرة في الشارع المصري تارة عن طريق المظاهرات التي أقاموها بميدان التحرير ليعبروا عن رفضهم لأمر ما وتارة للضغط علي المجلس العسكري وقتها وتارة أخري لاستعراض العضلات بهدف إخضاع المجتمع ومؤسساته لهم.

وبدا ذلك بوضوح مرة في مظاهرات الجمعة التي عرفها الإعلام بـ «جمعة قندهار» وأخري بـ «غزوة الصناديق» عند التصويت علي دستور 19 مارس الذي رفع الإسلاميين خلالها شعار «من يصوت بنعم يصوت للإسلام ويدخل الجنة ومن يصوت بلا يصوت للأقباط وسيدخل النار».. وفي كل الأحوال كانت «الإخوان المسلمون» تدير اللعبة وتصدر باقي التيار الإسلامي للشارع وكأنه عقد غير مكتوب وبدأت تظهر في المجتمع العديد من القنوات الفضائية الدينية التي يسيطر عليها شيوخ الفتنة وقيادات التيارات الدينية وتنتشر الاعتصامات في الميادين للإفراج عن المعتقلين السياسيين من أبناء هذه التيارات والذين ارتكبوا آثاماً كبيرة وكثيرة في حق الوطن، ووصل الأمر بهم أن أقاموا اعتصاماً ظل أكثر من ثلاثة شهور بالقرب من السفارة الأمريكية بميدان التحرير للمطالبة بالإفراج عن الجهادي الأكبر عمر عبدالرحمن.

وما لبث إلا وتحولت تلك القنوات الدينية والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي إلي منصات لاغتيال من يروا أنه عدواً لهم أو يقف في طريق المشروع الإسلامي من وجهة نظرهم، وبدأ سيل من الفتاوي والخطب التي كان يتابعها المجتمع المصري وكأنه حديث عهد بالإسلام أو كأنه لم يكن يعرف الإسلام من قبل.. ولأن الشارع المصري ظل يعاني من ظلم حكم وفساد إداري وسياسي وأخلاقي وغياب عدالة اجتماعية لأكثر من ثلاثين عاماً فكانت تسيطر عليهم فكرة لماذا لا نجرب هؤلاء الذين يقولون الله ورسوله وظلوا سنين في المعتقلات وظلموا وكانوا يحسنون إلينا وقت أن كان الحاكم لا يعرف عنا شيئاً.. وسيطرت هذه الفكرة علي الكثير من العقول، وسعت لزرع التيارات الإسلامية وخلاياها إلي تعميق هذه الفكرة ونجحت في ذلك إلي أن وصل التيار الديني إلي أغلبية كاسحة في أول برلمان بعد ثورة يناير في مجلسي الشعب والشوري ثم الوصول لسدة الحكم ليتولي محمد مرسي رئاسة الجمهورية.

 

أضغاث أحلام الإخوان

وعندما تولي محمد مرسي رئاسة الجمهورية تحولت كل الكيانات الإسلامية بأجهزتها الإعلامية ومنابر المساجد التي كانوا يسيطرون عليها إلي منصات إطلاق نار بفتاوي وهجوم وشتائم وتهديد ووعيد لكل ما يعتبرونه خصماً للدولة الإسلامية.. وتحول القصر الجمهوري الذي يستقبل فيه كبار الشخصيات والرؤساء والملوك إلي مكان لاستقبال من قضوا معظم سنوات أعمارهم في السجون عقوبة علي جرائم ارتكبوها في حق الوطن وعقاباً علي دماء أريقت بدون ذنب وتحولت أروقة القصر الرئاسي إلي مقهي يلتقي فيه أصحاب الذقون المزيفة والعقول الخربة ليتدبروا حال مصر أو ليخططوا كيف نحولها لدولة إسلامية من وجهة نظرهم.. وبدأ الإفراج عن أعتي المجرمين والمحكوم عليهم بالمؤبد في قضايا تخص الوطن وكانت القائمة الأولي تحمل أكثر من 650 شخصاً الكثير منهم أطلق علي نفسه الشيخ والعالم الجليل والفقيه لتعج بهم الفضائيات التي أصبح عددها لا حصر له وليعمقوا قسمة المجتمع لقسطاطين أحدهما بالإيمان والآخر بالكفر.

وبدأت هلاوسهم الدينية بشكل أفزع المجتمع المصري وتخاريفهم التي وصلت لحد تفضيل محمد مرسي الرئيس وقتها علي نبي الله محمد حيث رددوا قصة غريبة عن طريق «رؤية» رأها أحدهم، حيث رأي مجلساً فيه النبي محمد صلي الله عليه وسلم والرئيس محمد مرسي والحضور، فقدم الناس الرسول صلي الله عليه وسلم لكي يصلي بالرسول، قال بل يصلي بكم الرئيس محمد مرسي.. ولم تكن هذه هي الخرافة الوحيدة التي أشاعوها فأيضاً حكي أحدهم رؤية أخري أنه شاهد صحراء فيها خمسون جملاً وفيها أطفال صغار يلعبون في الرمال وجاع الشباب وعطش، والإبل عطشت وجاعت وكان الفزع، وكان الالتجاء إلي الله عز وجل صاحب الرؤية ومن معه يلجأون إلي الله عز وجل، ومع اشتداد الاستغاثة بالله أنفلقت الأرض وخرج منها ساقية ارتفعت عشرة أدوار تقلب الأرض ويخرج منها ماء ويخرج الماء والطعام وتأكل الإبل وتشرب وتتكاثر حتي بلغت الجوعي والعطشي، وسمعوا صوتاً يقول ارعوا إبل الرئيس محمد مرسي ثم هتف آخر بلغوا الرئيس محمد مرسي هذه الرؤية وشاهد الرؤية تكلم فيها عن حمام أسود لكن في النهاية الحمام الأسود يتساقط ورأي ثماني حمامات خضراء علي الكتف الأيمن فوق بعضهم علي كتف الرئيس محمد مرسي فأولها أنه سيكمل مدتين إن شاء الله.

ومضت ثلاث سنوات وشيوخ الفتنة ومن يدعون أنهم رجال دين يحاولون إما إرهاب المجتمع وتخويفه وإما تغييب وعيه وكان الشارع المصري يزداد غضبه يوماً تلو الآخر، من هذه الممارسات وتلك الوصايا التي يسعي التيار المسمي بالإسلامي فرضها عليه إلي أن جاءت ثورة 30 يونية ليخرج المصريون مرة أخري في مشهد لم يتكرر في أي بقعة في العالم، خرج المرة الأولي في 25 يناير ليسقط نظاماً ديكتاتورياً ظالماً فاسداً، وهذه المرة ليسقط فاشية دينية قسمت المجتمع وأدخلته في فتن داخلية لم يشهدها من قبل وسعت لفرض الوصاية عليه ليصدر أول بيان عن ثورة 30 يونية الذي ألقاه وزير الدفاع وقتها المشير عبدالفتاح السيسي ويتزامن معه إغلاق عدد من قنوات الفتنة والمنصات التي استخدمت لقذف المجتمع المصري بالنار وتهديده، وحتي يكون الأمر قانونياً حول إلي المحكمة حيث قضت دائرة الاستثمار بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة برئاسة المستشار حسونة توفيق نائب رئيس مجلس الدولة بوقف بث قنوات «الجزيرة مباشر مصر» و«اليرموك» و«القدس» و«أحرار 25».. كما قضت المحكمة بإغلاق جميع مقار القنوات الأربع، وقالوا إن القناة تعمل بلا سند قانوني أو معايير مهنية سليمة، وغير مصرح لها بالعمل في مصر، ومن المعلوم أن تلك القنوات عدا الجزيرة تتبع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وفلسطين ومصر.

 

للإسلام رب يحميه

ظل الأمر لمدة عام خلال فترة تولي المستشار عدلي منصور حكم البلاد ما بين شد وجذب ومواجهات أمنية ومناوشات، إلي أن جاء الرئيس عبدالفتاح السيسي ليعلن منذ اللحظة الأولي من ترشحه للرئاسة عن الحاجة إلي تطوير وتحديث الخطاب الديني لنبذ العنف والإرهاب ومحاصرة شيوخ الفتنة ويدافع عن الإسلام الوسطي،

ويؤكد أنه لا أحد يعرفه لأن هناك سوء فهم وخلطاً حول الإسلام الحقيقي، ويقول: «الدين يحميه روحه وجوهره وليس البشر فالبشر يأخذون تعاليم الدين ويتجهون بها إلي اليمين أو اليسار»، و«العيب ليس في الإسلام ولكننا نحتاج إلي مراجعة حقيقية لأفكارنا من منظور واسع وشامل يحترم اختيارات الناس».

ما قال السيسي إشارة إلي أن 30 يونية لم تكن ثورة علي نظام سياسي فاشي ورئيس فاسد، ليس هذا كل ما في الأمر فالثورة كانت دينية أو بدأت سياسية وسارت في مسارها الطبيعي لتتحول إلي ثورة علي الأفكار الدينية الموجودة، فالسيسي الوحيد الذي تجرأ وفتح الملف المتخم بالآراء المتناقضة والنار التي تأكل من يحاول أن يمسها لكنه اقترب دون أن يحترق وتبني - في أكثر من مناسبة - آراء صادمة، وجريئة وجديدة، كانت المرة الأولي التي يتحدث فيها الرئيس عن الثورة الدينية مرت بلا أي تغيير حتي جاءت المرة الثالثة في عيد الأم خلال حواره لإذاعة القرآن الكريم، حين قال: إن العالم الإسلامي يحتاج إلي وقفة مع النفس وثورة من أجل الدين.

يعود السيسي في هذا الحوار إلي نقطة الجماعات الإرهابية، فيقول: من المهم التصدي لدعوات الغلو والتطرف وكل الدعاوي المغلوطة والأفكار الهدامة التي يحاول الإرهابيون والمتطرفون فكرياً إلصاقها بالدين الإسلامي خلافاً لكل مبادئ الدين الإسلامي.

يقول الدكتور أحمد ترك، رئيس المساجد الكبري بوزارة الأوقاف: إن تكوين الجماعات الإسلامية في القرن العشرين تم بإيعاز من الاستعمار العالمي، ولكي تنجح تلك الجماعات في التوغل بالمجتمع المصري سعت لتكوين كيانات موازية مثل إقامة معاهد دعوة موازية للأزهر ومستشفيات وجمعيات موازية كل كيان يخلقوا له البديل الموازي وتقاعست الدولة عن مواجهتهم منذ الخمسينيات وكان من أهم كياناتهم الموازية الخطاب الديني، فكان من المهم أن يكون لهم شيوخ مثل عمر عبدالرحمن وغيره من شيوخ السلفيين وفي النهاية جميعهم واحد ويخدمون علي بعضهم البعض.. وهذا واضح جداً فالشيخ محمد حسان عندما سئل من أحد الشباب وهو علي الهواء علي شاشة قناة «الرحمة» ما الحكم في الشباب الذي ينضم إلي الجماعات الإسلامية؟.. فقال نصاً: كل هذه الجماعات من أهل السنة وأصلها واحد.. وبالتالي نحن أمام مدرسة موجودة ومتأصلة وإن تغيرت الأسماء وجميع رموزها بنوا وأسسوا أفكار العنف والخلافة والجهاد، ومن المهم الآن محاسبة الجميع لا فرق بين هذا وذاك فجميعهم زرعوا ودربوا وحرضوا علي القتال وقاتلوا وعلموا زراعة القنابل بعد تصنيعها، وخروج الشعب المصري في 30 يونية كان خروجاً علي أفكارهم والتحول الخطير الذي كانوا يسعون إليه في المجتمع المصري وقد كان أحدهم عندما يلقي خطبة ويقيم الصلاة كان خلفه أكثر من 30 ألف مصلي، بعد أن كشفت حقيقتهم وكشفهم المجتمع وسقطت أقنعتهم لم يصل خلفه أكثر من ألف مصلٍ، وكانوا يسيطرون علي المساجد الكبري بشكل يجعلهم يضربون أي خطيب يذهب إليها، ولكن الحمد لله الآن جميع المساجد تحت قبضة وزارة الأوقاف.

أما الدكتور عادل نعمان، الخبير في الحركات الإسلامية، فيري أن سر قوة الإخوان المسلمين كانت في السلفيين لأن أكثر ما أخاف المصريين هو كلام السلفيين، ولو عدنا بالذاكرة نجد أنهم هم من تحدثوا عن الجزية بواقع 20 جنيهاً علي كل قبطي، وتحدثوا عن الجهاد وكذلك زواج الصغيرات وغيرها من الأمور التي أرهبت الشعب المصري.. أيضاً لا ننسي يوم وقف الشيخ محمد حسان بجوار محمد مرسي وتحدث عن الشيعة هو ومحمد عبدالمقصود وقالوا إنهم أنجاس وحدثت واقعة قتل الشيعي في الجيزة، وكذلك نية محمد مرسي إرسال الجيش المصري للحرب في سوريا وتدريب المعارضة السورية هنا في مصر.

ويؤكد الدكتور عادل نعمان أن ثورة الشعب في 30 يونية لم تكن ثورة اقتصادية أو اجتماعية ولكنها كانت ثورة علي التخلف والتطرف الديني الذي كانت تأخذنا الجماعات الإسلامية إليه، وما يبثه لعقولنا مشايخ الفتنة.. والمكسب الرئيسي من ثورة 30 يونية هو هروب مصر من هذا الفكر الجهادي التكفيري الذي كان سيحول مصر إلي مركز لتصدير الإرهاب للعالم، ولتكون مصر هي بداية إعلان الخلافة الإسلامية وهو ما أكدته جميع تسجيلات مرسي وحديثه مع أيمن الظواهري وغيره من قيادات الجماعات.

ويتابع «عادل»: لعب الرئيس السيسي دوراً كبيراً في القضاء علي ادعياء التشدد وشيوخ الفتنة فهو ترجم رغبة التغيير وإرادة الشعب وساعده بدقة ومهارة في التخلص منهم.