رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

زيارة العاهل السعودى للصين تدشن تحالفاً استراتيجياً جديداً

استقبال حافل للعاهل
استقبال حافل للعاهل السعودى فى الصين

ينهى العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود اليوم، زيارته المهمة إلى الصين ضمن جولته الآسيوية التى تضمنت 6 دول وتستغرق شهرا. تكتسب هذه الزيارة أهميتها من الظرفين الدولى والإقليمى اللذين يخلقان تحديات كبرى لكل من البلدين، فكل من الصين والمملكة تحتاج لبعضها البعض للتغلب على التحديات التى تواجه كليهما وتحقيق مصالح بالغة الأهمية لكل منهما.

وكشف تشانج مينج، نائب وزير الخارجية الصينى، أن بلاده وقعت مع الرياض، 14 اتفاقية تبلغ قيمتها نحو 65 مليار دولار.

وقال مينج: وقع الرئيس الصينى شى جين بينج مع ملك السعودية، ما مجموعه 14 اتفاقية حول 35 مشروعًا كبيرًا تصل قيمتها حوالى 65 مليار دولار.

وأوضح المسئول الصينى، أن الاتفاقيات تتعلق بمشاريع الاستثمار، والمجال العلمى والتقنى، والبنية التحتية، والطاقة، والفضاء وغيرها من المجالات.

وتعد زيارة العاهل السعودى إلى الصين، «تاريخية»، كون السعودية تتمتع بعلاقات جيدة مع بكين، وتزاحم روسيا على مركز أهم مصدر للنفط إلى بكين، إذ وصلت هذه الإمدادات إلى 51 مليون طن فى 2016.

ووصل حجم التجارة بين البلدين إلى 42.4 مليار دولار فى 2016، وبلغت إيرادات الصين حوالى 23.6 مليار دولار، وصادراتها إلى السعودية 18.8 مليار دولار.

وفى 2016 وصلت قيمة المشاريع الصينية المتعاقد عليها فى السعودية إلى 5 مليارات دولار، وهذه المشاريع حققت مبيعات بنحو 9.4 مليار دولار.

يسعى البلدان إلى تعميق التعاون الاقتصادى بينهما عبر «رؤية السعودية 2030»، ومبادرة «الحزام والطريق» الصينية، التى تُحيى طريق الحرير.

وبلغ إجمالى الاستثمارات الصينية فى المملكة خلال عام 2015، زهاء 9319 مليون دولار، أى ما نسبته 5.5% من إجمالى الاستثمارات الأجنبية فى المملكة.

وتعتبر العلاقة بين المملكة العربية السعودية والصين علاقة قديمة ليست وليدة اليوم، بل علاقة توطدت منذ عام 1985، عندما عقد أول اجتماع ثنائى بين الصين والمملكة. وتوطدت العلاقة الرسمية والدبلوماسية عام 1990. وهى فى الأساس علاقات تجارية واستثمارية.

العلاقة التجارية بين البلدين التى بدأت بشكل نشط عام 2000، أوصلت حجم التبادل التجارى بين الصين والمملكة خلال الفترة بين 2003 إلى 2014 إلى ما يصل إلى 1.73 تريليون ريال سعودى بفائض فى الميزان التجارى لصالح المملكة بقيمة 662 مليار ريال. وهى أرقام تجعل المملكة أكبر شريك تجارى للصين فى غرب آسيا.

وعلى الرغم من جهودها الرامية للتنويع الاقتصادى، إلا أن المملكة ستبقى معتمدة على صادرات النفط لفترة طويلة وتعد الصين سوقا مستقرة لصادرات الطاقة للمملكة لعقود قادمة. وتهدف زيارة سلمان للصين، وهى الدولة التى تفوقت على الولايات المتحدة كأكبر مستورد للنفط فى العالم، إلى بناء علاقات مع العملاق الآسيوى وتعزيز الفرص الاستثمارية، بما فى ذلك احتمالية بيع 5% من أرامكو السعودية. كما تسعى المملكة حالياً للحفاظ على هيمنتها فى سوق الطاقة الصينى فى مواجهة احتدام المنافسة مع إيران وروسيا، وفى الشهر الماضى، تفوقت المملكة العربية السعودية على روسيا واستعادت مكانتها كأكبر مورد للنفط الخام للصين.

لكن أولويات واتفاقيات التعاون التجارى والاقتصادى التى يتم بحثها فى هذه الزيارة، لا يمكنها أن تبدد الهدف الأساسى من الزيارة بحسب كثير من المحللين، وهو رغبة القيادة السعودية فى تحويل التعاون إلى تحالف استراتيجى يتضمن كافة الجوانب السياسية والأمنية والعسكرية يعوض أى تقصير أو تراجع فى الالتزامات الأمريكية نحو الرياض. وهذا السبب وحده كاف لتفسير سبب تخطيط المملكة العربية السعودية لزيارة الملك سلمان  لبكين قبل واشنطن.

تدرك المملكة العربية السعودية، أنه لا يوجد بديل حالياً للوجود العسكرى الأمريكى فى الخليج من أجل الحد من الزحف الإيرانى، لكنها لا ترغب بأن تصبح معتمدةً على الولايات المتحدة، خاصةً بعد تضرر صورة واشنطن باعتبارها ركيزة مستقرة للأمن خلال سنوات رئاسة «أوباما».

ويبرز السعوديون التفاؤل بأن العلاقات مع إدارة «ترامب» ستتحسن حتى

فى ظل حظر السفر على المسلمين، وموقف الرئيس المضاد للتجارة، ويعتقدون أن الرئيس «ترامب» سيبدأ بدحر طموحات إيران فى الشرق الأوسط. ومثل غيرهم فى أنحاء العالم لا يزال السعوديون يخمنون كيف يمكن أن تتطور السياسة الخارجية تحت رئاسة «ترامب»، لكن باستطاعتهم توظيف زيارة الصين من أجل إرسال إشارة للولايات المتحدة تفيد بأن لديهم خيارات أخرى فى حال تغيرت المواقف السياسية.

ومن وجهة نظر المملكة العربية السعودية،  تعد الصين شريكا مستقرا متمما للعلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، وتأخذها لبعد آخر غير البعدين التجارى والاقتصادى البسيط، وتدرك المملكة أن عليها التكيف مع  السياسة الأمريكية الأقل قابلية للتنبؤ.

فى الوقت نفسه، وقعت فى الأيام الأخيرة أحداث تحتم على الصين تعزيز علاقاتها بالمملكة، أهمها أن الولايات المتحدة الأمريكية فرضت عقوبات على أحد أكبر مصنّع لأجهزة الاتصالات فى الصين، شركة «زد تى إى». كما قامت بفتح تحقيق بخصوص منافستها الصينية «هواوى». وتزامنت قرارات واشنطن مع زيارة الملك، سلمان بن عبد العزيز للصين التى بدأت فى 15 مارس وتنتهى اليوم، ما يعزز مساعى المملكة لتوطيد علاقاتها بالصين.

يسعى الملك لإقناع بكين باتخاذ المملكة العربية السعودية حليفا إقليميا لها بدلا من إيران نظرا للفائدة التى ستعود عليها من وراء ذلك. والجدير بالذكر أن العقوبات والتحقيقات بحقّ الشركتين الصينيتين، ترتبط بالأساس بدعوى انتهاكها للعقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة على إيران وكوريا الشمالية.

 وتأمل المملكة العربية السعودية أن تعود سياسة واشنطن، الصارمة تجاه إيران، بالنفع عليها، مما سيزيد من حظوظها فى معركتها الشرسة ضد طهران. من ناحية أخرى، يرى بعض السعوديين فى العقوبات المفروضة على شركة «زد تى إي»، رسالة مفادها أن الولايات المتحدة لم تعد تجيز المعاملات التجارية مع إيران كالمعتاد، الأمر الذى سيلقى بظلاله على المفاوضات التجارية بين بكين وواشنطن فى المستقبل.

وتحتاج الرياض لصوت بكين فى الأمم المتحدة وعلى الساحة الدولية. ويمكن أن تستفيد الصين من تبادل المعلومات الاستخباراتية مع المملكة، ففى الأسبوع الماضى، توعدت المجموعات التابعة لداعش القادمة من أقلية اليوغور الصينية بالعودة لديارها وسفك الدماء كالأنهار، فى أول تهديد من نوعه ضد الصين.

وفى المجال العسكرى، يستخدم السعوديون الأجهزة الصينية على نحو متزايد، وتستخدم المملكة بالفعل الطائرات الصينية دون طيار فى اليمن ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. وفى الشهر الماضى، أنهت فرقة عمل تابعة للبحرية الصينية زيارة نادرة للسعودية بهدف إبراز سلطة بكين وتوسيع وجودها فى منطقة الخليج الحيوية استراتيجياً.