رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحكومة تتوسع فى إنشاء مدارس تصل مصروفاتها إلى 13 ألف جنيه

بوابة الوفد الإلكترونية

يبدو أن الحكومة قررت الاهتمام بالتعليم باعتباره قاطرة التنمية، ولكن من وجهة نظرها ، ففى الوقت الذى تعانى فيه مصر من أزمة كبيرة بسبب نقص الفصول الدراسية الذى يصل  إلى 232 ألف فصل دراسى ، نجدها تسعى للتوسع فى انشاء مدارس للأغنياء ، فتارة تعلن عن توقيع بروتوكول لإنشاء مدارس نموذجية يقيمها رجال الأعمال بمصروفات تصل إلى 6 آلاف جنيه ، وتارة أخرى تعلن انشاء 20 مدرسة جديدة من مدارس النيل التى تصل مصروفاتها إلى 13 ألف جنيها، وفى الوقت الذى تتبارى فيه وزارة الاسكان لتوفير الأرض لهذه المدارس ما زالت معظم محافظات مصر تعانى من نقص شديد فى عدد المدارس والفصول ، حتى أن الاحصاءات تؤكد أن 14.2 % من  المدارس تعمل بنظام الفترات للتغلب على مشكلة نقص الفصول ، فى حين تعانى المدارس القائمة من مشكلة زيادة الكثافة داخل  الفصول والتى تصل إلى 120 طالبا فى الفصل الواحد ، هذا التناقض فى الأداء يؤكد أن الحكومة تسعى جيدا فى طريق خصخصة التعليم  كبديل لتطوير التعليم و تحديثه فى مخالفة واضحة وصريحة للدستور ، ولا عزاء للفقراء.

تعانى المنظومة التعليمية من مشاكل عديدة  بدءاً من المدرسة والمعلم والمناهج، حيث تشير الدراسات إلى أن هذه المشاكل انعكست على العملية التعليمية نفسها، فأصبح التعليم مشكلة كبيرة فى حد ذاته ينتج خريجين غير أكفاء، ليست لهم علاقة بسوق العمل، ولا يستفيدون شيئا مما يتعلمونه ، وبالتالى لا يفيدون مجتمعهم، ورغم أن حكومة المهندس شريف اسماعيل تعلم هذا جيدا ، ورغم توجيهات الرئيس السيسى بالاهتمام بالتعليم، إلا أن الحكومة اهتمت به بطريقتها الخاصة التى لا تراعى سوى الأغنياء ، فقررت مؤخرا التوسع فى انشاء مدارس النيل ، بإنشاء 20 مدرسة جديدة بالإضافة للمدارس الخمس الموجودة الآن فى محافظات الجيزة ، قنا ، بورسعيد ، العبور و المنيا ، و هذه المدارس وفقا للقرار الصادر بإنشائها عام 2010 تقوم بتدريس مناهج  مصرية جديدة بمعايير دولية لمراحل التعليم المختلفة ، حيث تتميز هذه المدارس بشراكة دولية مع هيئة الامتحانات الدولية بجامعة كامبردج  التى تقدم الدعم الفنى للمدارس ، و شهادتها تعادل شهادة "الأى جى"  أى الثانوية البريطانية ، وفى عام 2015 صدر القرار رقم 1335 من مجلس الوزراء بانشاء وحدة شهادة النيل الدولية داخل صندوق تطوير التعليم ، بحيث تكون وحدة منفصلة ماليا واداريا و فنيا عن الصندوق ، ثم صدر القرار رقم 121 فى عام 2016 بشأن اعتماد مناهج مدارس النيل المصرية .

جدير بالذكر أن مصروفات هذه المدارس تقدر بـ 12825 جنيها لمرحلة رياض الأطفال ، و تصل إلى 15765 جنيها للمرحلة الثانوية ، ورغم أن هذه المصروفات تعد محدودة بالنسبة لمصروفات المدارس الدولية التى تدرس مناهج الأى جى ولكنها فوق مستوى دخول اكثر من 90% من الشعب المصرى ، إلا أن دخول الحكومة فى هذا المجال يعد أمرا لافتا للنظر ، فالحكومة التى من المفترض أن تلتزم بنص الدستور الذى ألزمها بتقديم تعليم ذى جودة عالية فى جميع المدارس مع النص على مجانيته، نجدها قد خالفت الدستور، وتركت المدارس الحكومية تعانى من النقص فى الكوادر المادية والبشرية، وتعانى من مناهج بالية ونظم تدريس عقيمة، وأماكن غير آدمية، و تركت حوالى 17 مليون تلميذ فى مراحل التعليم ما قبل الجامعى يعانون الأمرين فى تعليم لا طائل منه، وتفرغت للتفكير فى توفير تعليم جيد للأغنياء الذين يقدرون على دفع المصاريف الباهظة،  وهو ما اعترض عليه الدكتور كمال مغيث الخبير التربوى والباحث بمعهد البحوث التربوية، مشيرا إلى أن اتجاه الدولة لهذا النوع من التعليم يؤكد تخلى الدولة عن التعليم المجانى الذى تخرج منه كل التنفيذيين الموجودين حاليا، ويؤكد أن الدولة لم تعد تنظر للفقراء فى شيء وإنما توجه اهتمامها للأغنياء فقط، حتى وصلت مصر فى التعليم للمرتبة 134 من بين 140 دولة، وهى مرتبة متدنية جدا تؤكد أننا نعيش كارثة حقيقية ، وأكد أن اتجاه الدولة لهذا النوع من التعليم يعد مخالفة للدستور الذى يضمن مجانية التعليم لكل أبناء الشعب المصرى، فهذه المدارس تقدم التعليم الجيد لمن يقدر على دفع المقابل، وكأن الحكومة تؤكد للمواطنين أنهم إذا أرادوا المجانية فليأخذوها ولكن بدون تعليم، وأضاف مغيث أن التعليم تعرض لعملية تدمير متقنة منذ عهد مبارك والحكومة الحالية تكمل المسيرة، حتى أصبح لدينا 200 مدرسة دولية يدرس بها أبناء المسئولين والأغنياء، والحكومة تدخل معهم فى منافسة الآن تاركة التعليم العام يعانى مشكلات لا حصر لها .

 ولكن الدكتورة هاجر التونسى أستاذ المناهج وطرق تدريس اللغة الانجليزية بكلية التربية بالعريش ترى أن التوسع فى انشاء هذه المدارس يعد خطوة جيدة وتجربة رائدة، فهى مدارس قومية تدرس مناهج دولية تحت الإشراف الكامل للحكومة المصرية، وهذا لا يعنى خصخصة التعليم بقدر ما يعنى اتجاه الدولة لتنويع التعليم، فلدينا مدارس حكومية عامة وأخرى تجريبية وخاصة والمدارس الحديثة التى تبنى على النظام اليابانى، ووجود مثل هذه المدارس لا يعنى تخلى الدولة عن مجانية التعليم ، ولكنه يعتبر سيرا فى مسار موازٍ لتوفير تعليم جيد للتغلب على مشكلات ضعف

المخصصات المالية ، فالدستور ينص على توفير تعليم ذى جودة لكل طالب مصرى ، وضعف الامكانيات يحول دون ذلك ، فبدلا من العجز الكامل عن فعل شيء فضلت الدولة توفير هذا النوع من التعليم لأبناء الطبقة المتوسطة بدلا من المدارس الدولية باهظة المصروفات، وهذا الاجراء مؤقت فقط حتى يمكن تنفيذ منظومة تطوير التعليم التى يجب أن تتمركز حول المتعلم والاهتمام بميوله ورغباته ومشاركته والاهتمام بالجوانب الانسانية والمهارية، والتكامل بين كافة عناصر العملية التعليمية من طلاب ومعلمين ومناهج وطرق تدريس.

وكان الدكتور مصطفى مدبولى وزير الاسكان قد عقد اجتماعا مع الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط لتنفيذ توجيهات الرئيس بالتوسع فى انشاء مدارس النيل، حيث حددت الوزارة الأماكن التى سيتم بناء المدارس الجديدة فيها وهى مدن 6 أكتوبر، الشيخ زايد، القاهرة الجديدة، العبور ، الشروق،  المنيا الجديدة ، السادات ، دمياط الجديدة ، أسيوط الجديدة ، أسوان ، وطيبة الجديدة ، وأوضح وزير الاسكان أن المدارس سيتم تنفيذها على نفقة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وسيتم البدء فى تنفيذها فور تحديد المواقع وتسليم التصميمات المعتمدة ، يأتى هذا بعد عدة أشهر من تدشين وزارة التربية والتعليم  لمشروع الاستثمار فى التعليم الذى يقضى بإنشاء 1000 مدرسة يديرها رجال الأعمال بمصروفات تبدأ من 6 آلاف جنيه،  وهو ما اعترض عليه الدكتور محمد الطيب الأستاذ بكلية التربية وعضو المجالس القومية المتخصصة ، مشيرا إلى أن مصر تعد هى الدولة الوحيدة التى يوجد بها هذا التنوع فى التعليم ، وبدلا من أن تتولى الدولة مسئوليتها فى توفير تعليم جيد لجميع أبنائها باعتباره قاطرة التنمية ، إلا أنها تدخل حلبة المنافسة مع القطاع الخاص فى التعليم الأجنبى بدلا من تطوير منظومة التعليم بشكل عام، وأضاف أن تطوير التعليم هو مسئولية الدولة وتوفيره لكل أبناء الشعب دون تفرقة، وبدلا من الاتجاه للتوسع فى التعليم الأجنبى كان يجب عليها الاهتمام بإنشاء مدارس جديدة لاستيعاب كل أبناء الشعب، وتطوير مناهج التعليم ،  وتحسين أحوال المدرسين وتطوير التعليم بشكل عام،  بحيث يصبح تعليما جيدا يفيد المجتمع.

هذا فى الوقت الذى تعانى فيه مصر من نقص فى المدارس العامة يقدر بـ 232 ألف فصل دراسى تحتاج لأكثر من 50 مليار جنيه لإنشائها، وهذا النقص فى عدد الفصول كان سببا فى تكدس التلاميذ داخل الفصل حيث يصل عددهم إلى 120 طالبا ، فى حين تعمل 14% من المدارس بنظام الفترات للتغلب على هذا المشكلة .

يذكر أن مخصصات التعليم فى الموازنة العامة للدولة عام 2016 / 2017 تبلغ حوالى 104 مليارات جنيه يستحوذ باب الأجور على 82% منها حيث خصص له مبلغ 85.351 مليار جنيه، بينما باب الاستثمار والذى يتضمن انشاء المدارس والصيانة خصص له 10.89 مليار، والسلع والخدمات  خصص له 6.699 مليار، وهو ما يعنى أن الأجور تستحوذ على النسبة العظمى من الميزانية ، بينما بناء المدارس الذى يحتاج لحوالى 50 مليار جنيه لا يوجد له إلا القليل.

ورغم أن الإحصاءات تؤكد أن مصر بها حوالى 39 ألف مدرسة حكومية فى مراحل التعليم المختلفة، إلا أن هذا العدد لا يستوعب جميع التلاميذ فى سن الدراسة، وبدلا من أن تتجه الحكومة لإنشاء المزيد من المدارس لاستيعاب التلاميذ والقضاء على المشكلات المترتبة على نقص عددها، إلا أنها اتجهت للحل الأسهل، وهو تقديم تعليم جيد للأغنياء وخالفت الدستور وبددت أحلام المصريين فى إصلاح أحوال التعليم.