المستشار أحمد الشاذلي.. "المطرقة" تنطق وطنية

" مصر ليست نقطة على خريطة الكون أو خطوط رسمها خطاط أو عالم على خرائطه وإنما هي بلد قديم خلق بعناية الله".. جملة قالها المستشار أحمد الشاذلي،  في مستهل منطوق الحكم، الذي أصدرته اليوم المحكمة الإدارية العليا بتأييد مصرية جزيرتي تيران وصنافير، وهو الحكم الذي سيظل محفورًا في تاريخ القضاء المصري حتى آبد الدهر.

 

وأضاف  الشاذلي، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة التي أصدرت الحكم،  قائلاً بنبرة واثقة حازمة:  "سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها، بأدلة وواقع ملموس وأن دخول الجزيرتين ضمن الأراضي المصرية واضحا يسمو لليقين" .

 

هدوء وحزم:

هادئ الطباع، حازم وقت الضرورة، حريص على استبيان مدلول كل كلمة  تٌقال ومضمون كل ورقة تٌقدم في محراب العدالة، ربما هي الأوصاف الأبرز لأداء المستشار "الشاذلي" خلال جلسات نظر طعن الحكومة، "رزانة القاضي" وقدرته على إدارة الجلسة أمر في غاية الأهمية للوصول بالدعوى لبر الأمان، هذا في العموم، فعندما يتحقق ذلك في دعوى يقف فيها طرفان بوجهات نظر متضادة يتحمس كل منهما لأفكاره، لا يفصل بينهما داخل القاعة سوى خطوات معدودة، لا شك أنه نجاح يستحق الإشادة و التقدير.

 

صرامة المستشار "الشاذلي"، خلال الجلسات، تجلت في مواقف عدة، منها رفضه لطلب محامي الحكومة استبعاد وثائق مقدمة من الطرف المواجه لعدم تقديمها في حافظة ليقول به: "لا أستطيع استبعاد ولو قصاصة جرنان"، ليٌضاف إلى ذلك مشهد آخر علق فيه القاضي على مصطلح استخدمه محامي الحكومة بأن "مصر احتلت الجزيرتين بغرض الحماية"، حيث قال "المدلول مختلف، نحن نزن الكلام بميزان الذهب".

 

العناية بالتفاصيل:

عناية القاضي بالدعوى وكل ما يتعلق بها ظهرت كثيرا خلال الجلسات، فإضافة إلى طلبه إيضاحات من كلا الطرفين عن وثائق وأوراق قدموها، فقد أكد القاضي للطرفين أن المحكمة ستفحص كل ورقة ومستند وخريطة ستقدم.

 

تجلَّت تلك العناية بشكل بارز ، عندما سأل "الشاذلي" محامي الحكومة عما إذا كان

قد قرأ صفحة أحد الكتب التي قدمها وكان رقمها ستين؟، وعلاوة على ذلك يٌضاف إلى ذلك طلب إفادة هيئة مفوضى الدولة الاستشارية للمحكمة، لتعزيز يقين المحكمة للنطق بكلمة الفصل بالدعوى التي أمامها.

 

 

"ليسوا خصوما" والنزاع مصري خالص:

نظرا لحساسية موضوع القضية لكونها تمس ترابا مصريا، فقد استلزم ذلك على أن يكون القاضي حريصا على عدم إساءة أي طرف للآخر وإلا تكون المحكمة ساحة لتبادل اتهامات التخوين والتفريط، فشدد القاضي وخلال إحدى الجلسات على أن فريقي الدعوى هما طرفان وليسا خصمان ليضيف قائلا: "في النهاية نحن مصلحتنا واحدة ".

 

"المحكمة مصرية خالصة بين أطراف مصريين".. هكذا رد القاضي بحزمٍ على قولٍ لأحد أفراد فريق الدفاع عن مصرية الجزيرتين، حينما قال إن الدعوى وكأنها نزاع بين طرف مصري وطرف سعودي، ليضيف لهذا الطرح قوله إن ممثل الحكومة في الدعوى يؤدي دوره القانوني.

 

تاريخُ حافل:

سجلُ قضائى حافل، حظى به المستشار أحمد الشاذلي، لكونه حاليًا هو نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وقبل ذلك كان قد تولى رئاسة دائرة فحص الطعون بالمحكمة الابتدائية العليا منذ الأول من أكتوبر 2016، كما أنه تقلد قبلها رئاسة الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري حتى نهاية شهر سبتمبر من العام الماضى.