رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسعار الأسماك تشتعل وتقضى على آخر أمل للفقراء

بوابة الوفد الإلكترونية

رغم اهتمام الدولة بمشروعات الثروة السمكية وافتتاح عدد كبير منها خلال الفترة الماضية إلا أن أسعار الأسماك ترتفع يومًا بعد آخر، ورغم أن مصر تعد واحدة من الدول الشاطئية التى تمتلك شواطئ تقدر بنحو 13 مليون فدان إلا أن إنتاجها من الأسماك ما زال هزيلاً لا يتخطى المليون و600 ألف طن، وتلجأ الدولة للاستيراد لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وما زال المستهلك المصرى يعانى ارتفاع أسعار البروتين بشكل عام، وفى الوقت الذى يعتبر الخبراء الأسماك هى البديل الآمن والأرخص للحوم الحمراء، إلا أن المواطن المصرى لا يشعر بهذا، فأسعار الأسماك تعجزه، كما هو الحال مع أنواع البروتين الأخرى، والدولة تتحدث عن مشروعات ليس لها صدى على أرض الواقع، ورغم أن الأسماك تعد ثروة يعمل بها ما يقرب من 2 مليون مواطن، إلا أنه لم يحسن استغلالها حتى الآن ليشعر المواطن بأن مصر بها ثروات تغنيه شر الاستيراد من الخارج.

شهدت الفترة الماضية ارتفاعًا رهيبًا فى أسعار كل شىء خاصة اللحوم والدواجن، ومن ثمّ توجهت الأنظار للأسماك باعتبارها بديلاً آمنًا وأرخص إلى حد كبير، تزامن هذا مع افتتاح عدد من مشروعات الثروة السمكية الوطنية، ومشروع الاستزراع السمكى بأحواض قناة السويس وغيرها من المشروعات، إلا أن هذا كله ليس له مردود على أرض الواقع، فما زالت الأسعار مرتفعة رغم تأكيد المنتجين أن تكلفة الإنتاج أكثر من سعر البيع، وما زال المواطن المصرى يعانى منها مثلما يعانى من ارتفاع أسعار كل شىء، وضاع أمل المصريين فى الحصول على البروتين بسعر معقول.

وتعد مشروعات الاستزراع السمكى واحدة من المشروعات القومية حيث إنها نجحت فى زيادة نصيب الفرد من الأسماك من 4.7 كيلو جرام، إلى 23.7 كيلو جرام خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى أنها توفر فرص عمل للشباب حيث يعمل بها ما يقرب من 2 مليون مواطن، وإذا توسعت مصر فى التصدير فيمكن أن توفر الثروة السمكية مليارات الدولارات، ومن ثم فهى لا تقل أهمية عن أى مشروع قومى آخر. ولكن الحكومة عجزت عن استغلالها الاستغلال الأمثل حتى الآن فى حين دخلت القوات المسلحة حلبة المنافسة للاستفادة منها بتكوين الشركة الوطنية للثروة السمكية.

وبالرغم من أن مصر تمتلك مساحة كبيرة من المسطحات المائية تقدر بـ13 مليون فدان موزعة على البحرين المتوسط والأحمر، ونهر النيل بفرعيه والبحيرات الشمالية وبحيرتى ناصر وقارون، وتتميز بطول سواحلها المطلة على هذه المسطحات، إلا أن الإنتاج السمكى محدود للغاية ويقدر بمليون و600 ألف طن فقط، حيث تنتج المصادر الطبيعية (نهر النيل والبحرين الأحمر والمتوسط) 400 ألف طن، بينما تنتج المزارع السمكية مليونًا و200 ألف طن، وتستورد مصر ما يتراوح بين 250 ألف و 400 ألف طن من الأسماك سنويًا لسد احتياجات السكان، ولكن الخبراء أكدوا أن مصر تمتلك مقومات تمكنها من أن تصبح واحدة من أكبر الدول المصدرة للأسماك فى العالم، بشرط اعتبار الثروة السمكية مشروعًا قوميًا عملاقًا لابد من الاهتمام به، وتذليل العقبات التى تقف أمامه.

وكشفت ندوة عقدتها كلية الزراعة جامعة القاهرة بالتعاون مع جمعية البحر المتوسط للاستزراع السمكى تحت عنوان «التخطيط للتنمية المستدامة لمنظومة الثروة السمكية» أن مشروعات الاستزراع السمكى تعد واحدة من المشروعات القومية الكبرى، وهو ما أكده الدكتور أشرف يوسف الدكر عميد كلية الثروة السمكية جامعة السويس سابقًا ورئيس جمعية البحر المتوسط للاستزراع المائى، مشيرًا إلى أنه رغم أن الدستور يضم 4 مواد تتحدث عن الثروة السمكية وضرورة تنميتها وإدارتها وحسن استغلال الموارد المائية وتوفير حياة كريمة للصيادين، إلا أن الثروة السمكية تعانى من عدة مشكلات أهمها تفرق دماؤها بين 17 جهة مسئولة عنها، وغياب التنسيق بين هذه الجهات، بالإضافة إلى تعدد التشريعات وعدم فاعليتها ولدينا 10 قوانين تنظم المصائد والاستزراع السمكى، و6 قرارات جمهورية بالإضافة إلى عشرات القرارات الوزارية، وبعضها متناقض ومتضارب، بالإضافة إلى غياب الرقابة على المصائد وقد أدى ذلك إلى زيادة التعديات عليها سواء بالردم أو التلويث.

وأكد أن البحيرات المصرية تتعرض للتلوث بشكل دائم بسبب القاء مخلفات المصارف غير المعالجة فيها، ما تسبب فى ضعف إنتاجها من الأسماك، بالإضافة لمشكلات الصيد الجائر ونقص أعداد الزريعة، وانتشار البوص وورد النيل فى المسطحات المائية، وطالب الدكتور أشرف بضرورة التنسيق بين المحليات والجهات الحكومية لإزالة التعديات على المسطحات المائية ومنع مصادر التلوث، وتنظيم عمليات الصيد فى البحيرات، وضرورة الاهتمام بالاستزراع البحرى باعتباره مستقبل الاستزراع السمكى خاصة أن منظمة الفاو أكدت فى دراسة لها أنه بحلول عام 2050 سينخفض إنتاج الأسماك فى المصائد الطبيعية بنسبة 52%، ومن ثم فلابد من الاهتمام بالاستزراع البحرى، وأشار إلى أن تونس التى لا تقارن مساحة شواطئها بمساحة الشواطئ المصرية زاد إنتاجها من 600 طن إلى 6 آلاف طن بسبب الأقفاص السمكية البحرية.

وطالب بضرورة استغلال المسطحات المائية البحرية والسماح بالصيد فى المياه الاقتصادية بدلاً من الاقتصار على مساحة إلى 12 ميلاً التى ينص عليها القانون المصرى، وأوضح أن هناك 4 كليات متخصصة فى الثروة السمكية فى مصر فلابد من الاستفادة من كوادرها فى الصيد فى المياه الاقتصادية بعد إعادة بناء الأسطول المصرى.

وأشار إلى أن الاستزراع البحرى يعد هو الأمل فى تنمية الثروة السمكية حيث توجد لدينا مناطق جديدة يمكن الاستفادة منها فى هذا المجال، مثل أحواض الترسيب بقناة السويس واستغلال أراضى السبخة والملاحات فى إنتاج أنواع جديدة من البحريات مثل الاريتميا وهى نوع من البحريات القشرية تنتج بيضًا يباع بـ2500 جنيهًا للكيلو، ويمكن تصديره للخارج، كما يمكن الاستفادة منها فى استزراع المحار والطحالب التى تنتج الزيوت.

وطالب بضرورة استحداث كيان خاص لإدارة الثروة السمكية وتنميتها ووضع استراتيجية عامة لها وهذا الكيان قد يكون وزارة متخصصة يرأسها شخص لا يعمل بفكر الموظف، ولكن يفكر خارج الصندوق.

ويكشف المهندس مجد البواب رئيس هيئة الثروة السمكية سابقًا عن مفاجأة من العيار الثقيل مشيرًا إلى أن إحصاءات الإنتاج السمكى فى مصر التى تصدرها الهيئة تؤكد على تراجع إنتاج المزارع المملوكة للدولة بشكل لافت للنظر.

فرغم كل الإمكانات التى تمتلكها الدولة إلا أن المزارع الخاصة والمؤجرة التى يديرها أفراد تنتج أكثر مما تنتجه المزارع المملوكة للدولة، وضرب مثلاً بمزرعة مطار النزهة التى تبلغ مساحتها 1476 فدانًا تنتج 17 طن سمك فقط، ومشروع مريوط الذى تبلغ مساحته 5200 فدان ينتج 50 طنًا.

وأشار "البواب" إلى أن إنتاج المزارع السمكية زاد حتى أصبح يمثل 77% من إنتاج الأسماك فى مصر، ولكن هناك مشكلات تحول دون زيادة الإنتاج منها التلوث وعدم الاهتمام بالثروة السمكية كأحد مصادر الدخل القومى.

وأوضح أن هذه الرؤية لابد أن تتغير وينصب الاهتمام على الثروة السمكية باعتبارها بديلاً آمنًا ورخيصًا للحوم، كما يمكن الاستفادة منها فى توفير العملة الصعبة فلو زاد الاهتمام بالمزارع الحكومية يمكن زيادة التصدير الذى يوفر لمصر الآن 239 مليون دولار، ليتضاعف هذا الرقم، خاصة أن مصر مؤهلة لتصبح واحدة من أكبر الدول المنتجة للأسماك فى العالم.

ويتحدث المهندس أحمد الشراكى أحد أصحاب المزارع عن مشكلات المنتجين مؤكدًا أن أهمها هو القانون 124 لسنة 1983 والذى صدر قبل وجود نشاط الاستزراع السمكى، والذى ينص على منع استخدام مياه الرى للاستزراع السمكى، ولا يعترف إلا بالمفرخات السمكية التى تمتلكها الدولة، وأضاف: أن أصحاب المزارع السمكية ليس لهم أى حقوق لدى الدولة فى المياه أو الكهرباء التى يحاسبون عليها بـ64 قرشًا للكيلو وات فى الساعة وهو سعر مرتفع جدًا لا يحاسب به أى نشاط آخر، بالإضافة لارتفاع أسعار ايجارات المزارع التى تبدأ من 2000 جنيه للفدان وتصل إلى 6 آلاف جنيه، وارتفاع أسعار تكلفة الإنتاج بسبب ارتفاع سعر الأعلاف، وأوضح أن تكلفة كيلو السمك تصل إلى 15 جنيهًا فى حين لا يزيد سعر البيع فى البورصة على 12 جنيهًا، وطالب الشراكى بتجميع منتجى الأسماك فى كيان واحد يحافظ على مصالحهم ويحميهم من تدخل المحليات وتنازع الإدارات الحكومية، وضرورة تعديل القانون 124 لسنة 1983.

ويكشف اللواء طارق عيسوى مندوب الشركة المصرية للثروة السمكية التى أقامها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية لتنمية الثروة السمكية أن الشركة هدفها تحقيق الاكتفاء الذاتى من الأسماك وتحقيق فائض، إذ بدأت المرحلة الأولى والتى تستهدف زيادة الإنتاج مليون طن، ومن المستهدف أن يصل إلى 3 ملايين طن فى المرحلة الثانية، ثم 5 ملايين طن فى المرحلة الثالثة، وقد بدأت القوات المسلحة مشروعها فى بركة غليون بكفر الشيخ، ومن المتوقع زيادة الإنتاج بعد العمل فى باقى مشروعات الاستزراع السمكى، وطالب اللواء عيسى بضرورة التعاون بين الجهات البحثية والجامعات والقوات المسلحة لتنمية الثروة السمكية باعتبارها مستقبل الأمن الغذائى المصرى.

وأوضح الدكتور محمد عبدالباقى رئيس هيئة الثروة السمكية أن هذا القطاع نما فى الفترة الأخيرة بفضل الشراكة بين القطاع الخاص والجامعات والمعاهد حتى وصل الإنتاج لنحو مليون ونصف المليون طن، وأصبحت مصر تحتل المركز الأول أفريقيًا والتاسع عالميًا فى مجال الاستزراع السمكى، أما عن التوجه للاستزراع البحرى فأوضح أنه أصبح ضرورة بعد وصول مصر لمرحلة الشح المائى، ولكن الأمر يحتاج لمزيد من الدراسات حول مقومات هذا النوع من الاستزراع خاصة من حيث نوعية الزريعة حيث لابد من عمل مفرخات بحرية، والأعلاف التى يتم استخدامها والتسويق، وأكد أن هيئة الثروة السمكية تم إنشاؤها عام 1983 وتمتلك إمكانات واعدة لتنمية الثروة السمكية وتبذل جهودًا كبيرة لهذا الغرض.