رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مغامرة صحفية تكشف ألغاز وخيوط مافيا تجارة الأعضاء البشرية

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد الكشف المذهل عن عصابات بيع الأعضاء البشرية وتورط مراكز ومستشفيات وأطباء كبار في تلك الجريمة البشعة، ووفاة العديد من المواطنين نتيجة عمليات التبرع وبيع الأعضاء، إلا أنه حتى الآن لم يتم سن قوانين رادعة للحد من هذا النوع من التجارة الذي حرمها الشرع والقانون بل العكس يزداد الوضع سوءًا وسط انتشار تلك التجارة بشكل مبالغ فيه خلال الأشهر القليلة الماضية.

لذلك قررت محررات الوفد خوض مغامرة صحفية للكشف عن الطريقة التي يتم بها استقطاب الفقراء المرضى لبيع أعضائهم بثمن بخس لصالح مافيا تجارة الأعضاء البشرية، من خلال التخفي في ثلاث شخصيات الأولى كبائعة بالمترو تود التبرع بكليتها لإتمام عرسها، والشخصية الثانية ابنة بحاجة إلى متبرع كلى لإنقاذ والدها المريض، والشخصية الثالثة فتاتين تعمل كوسيط لصالح مافيا أعضاء بشرية تستقطب الضحايا من قاطني الشوارع و الأرصفة.

طرف الخيط كان بعض الصفحات و"الجروبات" علي موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" تُروج لهذا النوع من التجارة وكأنها سلع تُباع وتشترى على مرأى ومسمع من الجميع.

بائعة المترو تود إتمام عرسها ببيع كليتها:

تواصلت مع أحد مديري مجموعة لبيع الأعضاء البشرية على الفيس بوك، من خلال رقم هاتفه الذي تركه في إحدى الصفحات يطلب فيه متبرعين بالكلى، وكأنه أمر عادي.

وعلى الفور اتصلت به هاتفيًا لمعرفة كافة التفاصيل حول عملية التبرع وما هى الإجراءات المتبعة؟.

 

الكلية بـ25 ألف يابلاش:

انتحلت صفة بائعة متجولة بالمترو تريد شراء أجهزة كهربائية لإتمام جهاز عرسها، وتود عرض كليتها للبيع بأعلى سعر، ليجيب: "إجراءات العملية تستغرق شهرا، واعدًا بحصولى على مصروف يومي طوال الشهر يقدر بـ50 جنيها يوميًا، بالإضافة إلى25 ألف جنيه ثمن للكِلية عقب إتمام عملية البيع.

لمجاراته أبديت اعتراضي على ثمن بيع الكلية، مضيفة: "25 ألف جنيه قليل أوي على ثمن الكلية" ليرد "إحنا مركز طبي مش سماسرة وده السعر اللي بندفعه مقدرش أزود"، فطلبت مقابلته للتفاوض بشكل أفضل وبالفعل تم تحديد مقابلة بشارع محي الدين أبو العز بمنطقة الدقي.

وفي اليوم المحدد للمقابلة اتصلت به لتأكيد الموعد لأُفجأ بأنه سيرسل شخصا آخر من طرفه لمقابلتي قائلًا:" أنا هبعتلك حد من طرفي يقابلك تروحوا معمل التحاليل وأنا هحصلكم بعدين"، بدأ القلق ينتابني لتغير الاتفاق فكان من المفترض أنه يقابلني بشخصه، لأرد "أنا مش هعمل أي تحاليل غير لما نتفق أنا لسه بفكر" ليجيب: "أخويا هيقابلك وبعد متتفقوا تروحوا المعمل علشان تحاليل العملية" بمجرد سماعي لكلمة "المعمل" شعرت بالخطر فالأمر صعب للغاية ولا يحتمل أخطاء، ولكن فضولي الصحفي كان أكبر من شعوري بالخطر الذي سأتعرض له فقررت إكمال التحقيق للنهاية ومقابلة شقيق زعيم العصابة الذى يدعى"أدهم" حسبما أخبرنى خلال لقائي به.

 

الهروب من "كمين" العصابة

تواصلت مع " أدهم" شقيق السمسار وحدد معي موعدًا جديدًا بميدان الجيزة بعدما أُلغي موعد شارع محي الدين أبوالعز، ليكون اللقاء بمنطقة نصر الدين الشهير بأنه وكر للبلطجية والمجرمين، حاولت التهرب وتغير خطته تجنبًا لأي أكمنة يكون قد أعدها لى، تُشكل خطرا على سلامتي، وزيادة فى الحرص أدعيت بأنني ضللت الطريق، ولم أتمكن من الوصول للعنوان المطلوب، واخترت أحد المقاهي القريبة من تجمع لقوات الأمن، بجوار محكمة الجيزة على بعد أمتار من قوة تأمين المحكمة.

لاحقتنى نظرات رواد المقهى الفضولية، خاصة وأنني كنت الفتاة الوحيدة التى تجلس بها، وجاء "صبي" القهوة ليسألنى "تشربي إيه؟"، طلبت مشروبًا غازيًا وجلست انتظر شقيق سمسار بيع الأعضاء، وعلى الرغم من خجلى الشديد من تواجدى في مكان أنا الفتاة الوحيدة فيه، تلاحقنى نظرات رواد المقهى الشعبى الفضولية إلا أنى صممت على المُضى قدمًا لإنهاء التحقيق، منتظرة سمسار تجارة الأعضاء.

واتصلت به لأخبره أنني لم أستطع الوصول للعنوان الذى حدده لي للقاء، ليجيبني: "أنا قدامي 10 دقايق وأكون عندك"، وبالفعل وصل بعد ما يقرب من ربع ساعة، وفور وصوله اتصل بي هاتفيًا ليتعرف علي، واقترب منى فى حذر ليسألني "أنتِ ياسمين"؟.

أجبته: "أيوة..أنت أدهم اللي هتفق معاه،صح"؟.

 وبدأت حديثي معه علي مقهي بلدي بجانب الرصيف وبجوار مدرعات الشرطة.

بادرت بالحديث إلى السمسار مبدية قلقي وتخوفي من العملية "هي العملية مفيهاش خطر على صحتي" ليجيب " أنا قدامك أهو اتبرعت بالكلية وعايش حياتي بشكل طبيعي زي مانتي شايفة ومش مأثرة عليا"، ربط بين عمله كسمسار أعضاء بشرية وبين تبرعه بكليته ورجحت أنه قد يكون تم استقاطبه بهذا الشكل ثم عمل بهذا المجال فيما بعد أو بشكل آخر أنه يود بأن يذوق الناس ما ذاقه كنوع من الانتقام.

مركز طبي يدعم تجارة الأعضاء:

واستكمل حديثه بشأن المبلغ المتفق عليه "انتي بتتعملي مع مركز طبي رفض ذكر اسمه.. و عندنا مصاريف كتير، شغلنتنا إننا نقصر المسافة للمريض لأن موضوع الكلى لو ماشي بشكل سليم هياخد على الأقل 5 شهور بسبب الإشاعات وبلاغ القسم والتسجيل في الشهر العقاري بياخدوا وقت كبير، إحنا بنختصر كل ده في شهر واحد وده كله بيتكلف"، وتابع "المبلغ إلى المريض بيدفعه 35 ألف المتبرع بياخد 25 ألف وإحنا بناخد 10 آلاف، وكل ده بنعمله في الآخر لوجه الله".

أثناء حواري مع "أدهم" استوقفتني كلمة "إيصال أمانة" فسألته "إيه حكاية إيصال الأمانة؟" ليجيب "عشان نضمن حق المريض لازم المتبرع يمضي على وصل أمانة عشان ميرجعش في كلامه أو يتبرع لحد تاني يدفع أكتر".

تفاوضت مع السمسار حول المبلغ المالي وكيفية الحصول عليه وهل في إمكانية لأتسلم جزءا قبل إجراء الفحوصات "إحنا بنسلمك الفلوس كلها قبل ساعة العملية لأن المريض معندوش ثقة في حد وصعب إنك تاخدي فلوس قبل إجراء العملية".

استمر السمسار في طمأنتي من الخطوة التي سأقبل عليها "نسبة نجاح العملية 98% يعني متقلقيش من حاجة وأنا مش بتحرك غير لما المتبرع يقف على رجليه لازم نطمن على الناس اللي معانا"، ما أثار دهشتي هو اقتناعه الكامل بأن الكلية ليس لها أهمية في الجسم فوجودها مجرد تحصيل حاصل "العملية مش بتأثر عليكي خالص أنتي شيلتي حاجة مالهاش لزمه في الجسم مش شغالة".

تورط مستشفيات ومعامل كبرى مع العصابة:

فجر السمسار مفاجأة جعلتني أتاكد تمامًا أن كل ما أقرأه عن المستشفيات الاستثمارية وتورطها في سرقة الأعضاء أمر صحيح مئة بالمئة فقد ذكر لي 7 أسماء لمستشفيات شهيرة بالقاهرة يتم فيها إجراء العمليات فضلًا عن اشتراك أطباء كبار معهم في إجرائها إلى جانب معمل تحاليل شهير يتم فيها عمل التحاليل و الفحوصات اللازمة متورط أيضًا معهم، وروي لي السمسار ما يتم داخل هذه المستشفيات "العملية في المستشفيات اللي زي دي بتتكلف أكثر من 16000 وممكن المريض يدفع أكتر من كده عشان يضمن سلامته والدكاترة اللي بيعملوها كبار يعني تدخلي وأنتي مطمنة، ومش هتقعدي غير 3 أيام بس في المستشفى".

اعتراف السمسار بجريمته:

وبعد مدة من جلسة التفاوض يبدو أن السمسار اطمأن وتأكد من حاجتي للعملية بالفعل بعدما أصابه بعض الشكوك مني لدرجة أنه تحدث لي عن طبيعة وظيفته المشبوهة "أنا مش هكدب عليكي شغلنتي دي خطر لأن أنا مش معايا الصفة اللي تخلني أبيع واشتري بالشكل ده طالما الموضوع دخل في فلوس يبقي أنا في حالة شبهة لكن لو مجانًا محدش يقدر يكلمني حتى وزير الداخلية"، وبحذر شديد وصوت خافت:  "أنا شغال في الكلى لأنه مفيهاش ضرر للشخص لكن الكبد مشاكله كتيرة وأنا مش عايز أذي حد".

ثم أخرج قائمة بالأسماء الذي يتعامل معاها، الذين يكونون مستعدين للتبرع، كان بها حوالي 6 أسماء كل اسم به الكود الخاص بكل شخص وفصيلة دمه مدتها يومين أي أن الـ6 أشخاص تقدموا للتبرع خلال يومين فقط، ليؤكد لي أن الموضوع جاد وكان اسمي هو أول الأسماء.

مافيا الأعضاء "شغالة طوال الـ24 ساعة":

لاحظت أثناء جلستي معه أنهم عصابة تعمل طوال الوقت فأثناء صفقتي مع "أدهم" كان زميله يعقد صفقة أخرى مع مريض آخر بنفق نصرالدين علمت ذلك من خلال الهاتف الذي جاء له ويبدو أنه من السمسار الذي تحدثت إليه في البداية، وأثناء المكالمة بلغ أن هناك حالة أخرى وهي سيدة مطلقة لم تكمل مسيرتها بسبب خلاف في الأموال.

متبرع يطلب 50 ألف جنيه للكلية "وكله لوجه الله":

تواصلنا مع العديد من متبرعي الكلى من خلال أرقام هواتفهم الذين تركوها أسفل إعلانات التبرع مُبدين استعدادهم الكامل للتبرع، أجرينا بعض الاتصالات الهاتفية معاهم وادعينا بأننا في حاجة شديدة لمتبرع كلى فصيلة دمه "o" لإنقاذ والدنا المريض ليجيب "أنا طالب 50 ألف جنيه ومقدرش أقلل عن كده"، اعترضت على الثمن الباهظ الذي طلبه "إحنا مش معانا المبلغ ده وأحنا محتاجين الكلى في أسرع وقت" استمر في الرفض "أنا هتبرع لوجه الله، والسعر اللي طلبته مش هتلاقيه عند حد تاني" طالبت تحديد موعد معه للاتفاق على التفاصيل وأخبرنا أنه من أسوان ومن الصعب أن يأتي القاهرة لمقابلتنا. 

مطلوب متبرع:

فاتجهنا إلى متبرع آخر ويدعى "محمد عيد" وبالفعل أجريت اتصالا هاتفيا لمعرفة التفاصيل والاتفاق معه وانتحلت صفة فتاة عشرينية تدعى "شيماء" ترغب في إنقاذ والدها المصاب بفشل كلوى وتود العثور على متبرع كلى بأسرع وقت لإنقاذ حياته.

فى البداية أوضحت له أنني بحاجة لكلية فصيلة دم "o"، ليرد " أنا مش عارف فصيلة دمي إيه أنا كنت عامل تحاليل من زمان و مش فاكر" تفاوضت معه بشأن سعر الكلية لإزالة الشكوك وإثبات جدية الموضوع ليجيب: "أنا مش عارف هيكون إيه نظام السعر لأن متعاملتش مع سماسرة

قبل كده، وممكن لما نتقابل نتفاوض فى الموضوع ده"، وعلى الفور قمت بتحديد معه موعد بمنطقة الدقي بجوار محطة مترو البحوث.

 يوم اللقاء

قبل الذهاب إلى مقابلته اتفقت مع أحد مصوري الجريدة بمراقبتنا والتقاط بعض الصور دون أن يشعر وذهبت أنا وزميلتي للاتفاق معه، انتظرنا ما يقرب من ربع ساعة بجوار المترو على الرغم أنه تم إبلاغنا بوصلوه منذ فترة بالمكان المحدد، بدأ الشك ينتابني خاصًة بعد إجرائه مكالمة بعد رؤيتنا من بعيد وامتلاكه لهاتف ماركة مشهورة وغالية الثمن.

كانت هيئته لا توحي بأنه بحاجة إلى مبلغ لبيع كليته، بادرنا بالحديث إليه "أنت محمد عيد" ليجيب "أيوة أنا المتبرع"، لنسأله" ممكن نعرف إيه طلباتك؟ "كنت أظن أنه سيتحدث عن مبلغ معين، ليرد: "اللي تدفعيه أنا موافق بيه" استمرينا في الإلحاح عليه لمعرفة طلباته إلا أنه رفض تحديد أي سعر.

تبادلنا أطراف الحديث وأثناء حوارنا معه أوضح لنا الدوافع التي دفعتها ببيع كليته "أنا بنتى تعبانة عندها الطحال ومحتاجة فلوس كتير عشان تتعالج وحاولت أدبر لها المبلغ المطلوب بس مقدرتش وقررت أبيع كليتي"، كانت نبرة صوته بها شئ من الاهتزاز وعدم الثقة بالنفس مما دفعنا لعدم الاقتناع بكلامه.

المتبرع النصاب:

لاحظنا أن كاميرا هاتفه تعمل وفور معرفته بذلك قام بإغلاقها، مفسرا ذلك بأنه خطء غير مقصود زادت الشكوك تجاهه، وطلبنا رؤية بطاقته لمعرفة هويته، تأكدنا أنه نصاب من الدرجة الأولى لإظهاره بطاقة مزورة لا تحتوي على خانة المهنة ولا المؤهل من بين كم الكارنيهات والبطاقات الهائلة الموجودة داخل محفظته.

ولعدم إظهار شكوكنا تجاهه استمرينا في عملية التفاوض "احنا هنحتاج إنك تكون موجود لمدة شهر عشان نعمل تحاليل قبل العملية والموضوع هيمشى بشكل قانونى وهنعمل بلاغ في القسم والمبلغ ده هيكون هدية مننا"، وتابعنا بأننا مستعدون لدفع 25 ألف جنيه للكلى، ليرد مسرعًا، "أنا كنت فاكر أن السعر مش هيقل عن 50 ألف جنيه"، حاولنا إقناعه بالمبلغ وأبلغنا بأنه سيفكر في الأمر وإذا تمت موافقته سيتواصل معنا هاتفيًا، ومن الواضح أنه كشف أمرنا فحتى الآن لم نتلق أي اتصال.

وانتهى حديثنا وهممنا بالانصراف وخلال سيرنا جاءنا اتصالا من المصور الذى كان يراقبنا يخبرنا فيه بأن "النصاب" قام بتعقبنا خلال سيرنا، ولكنه بعد أن تأكد من سيرنا بمفردنا دون الاتفاق مع أحد هم بالانصراف إلى محطة المترو.

 

السوشيال ميديا سلاح خطير في تجارة الأعضاء:

كان الفضل في توصلنا لهؤلاء السماسرة هو مواقع "السوشيال الميديا" من خلال صفحات التواصل الاجتماعي على موقع "الفيسبوك" فأثناء محاولتنا للتواصل مع أي طرف من مافيا الأعضاء البشرية اكتشفنا بعض الصفحات التى تروج لهذه التجارة وإعلانهم عن حاجتهم للتبرع بالكلى أو الكبد و البنكرياس، وعلى جنب آخر إبداء العديد من الأشخاص موافقتهم بالتبرع مقابل مبلغ مالي.

 

"قاطنو الشوارع" فريسة سهلة بين قبضة مافيا الأعضاء:

اتجهنا إلى محور آخر وهو كيفية استقطاب فقراء المرضى من قاطنى الشوارع حيث إنهم أكثر فئة عرضة للوقوع بين مافيا تجارة الأعضاء، فتجولنا في شوارع منطقة الدقي وأدعيت أنا وزميلتي بأننا وسطاء خير نبحث عن متبرع كلى لأحد معارفنا.

استمرينا في التجول حتى نجد الشخص الملائم للحديث معه وبعد مرور نصف ساعة تقريبًا من بحثنا، جذبنا أحد الأشخاص في سن الستينات، يجلس في الحديقة ويبدو عليه ملامح البُئس والإجهاد وحينما اقتربنا منه لاحظنا وجود عطب في عينيه، فبادرنه الحديث عن حالته المادية ومعيشته بشكل عام ليقول، "أنا راجل على باب الله ببيع سبح والحال واقف لكن الحمد الله على كل حال"، وعن مسكنه وأولاده تابع "أنا عايش في شقة على قد الحال في صفط اللبن، وأولادي سبوني وأختروا يعيشوا بعيد عني".

تأكدنا من حديثه أنه سيوافق على الفور بتبرع مقابل مبلغ مالي يحل مشاكله، توجهنا إليه بالحديث "إيه رأيك في اللي يخلصك من كل مشكلك ويدفعلك خمسين ألف جنيه من غير تعب؟"، بابتسامة ساخرة "ياريت حد لاقي"، واستكملنا حديثنا "في واحد عنده فشل كلوي وبيدور على حد يتبرعله وهيدفعله 50 ألف، أيه رأيك" صدمنا رده وبكل صارمة، رد قائلًا "ولا ملايين الدنيا تخليني أبيع جسمي لأ"،.. استمرينا بإقناعه وإغرأه بالمبلغ المالي لكنه استمر على موقفه من الرفض.

فتوجهنا إلى آخر، يدعى "م.ع" 40 عاما، وجدناه نائما على أحد المقاعد على النيل بمنطقة العجوزة لم نتعرف على ملامحه نظرًا لارتدائه "بطانية" وبعد أن قمنا بإيقاظه عرضنا عليه العرض السابق بعدما سرد لنا تفاصيل حياته التي لم تختلف كثيرًا عن الشخص الأول فقد تركته زوجته وأولاده وعاشوا بعيدا عنه لعدم قدرته على الإنفاق عليهم، وبعد محاولات لم تستمر سوى بضعة دقائق، قال إنه سيفكر فى الأمر وسيتم التواصل هاتفيًا إذا تمت الموافقة.

واستكملنا جولتنا حتى وصلنا إلى أحد الأشخاص من قاطني الأرصفة ويدعى "عبدالله" الذي تركته أمه ومات والده ولم يمتلك أي أوراق رسمية تثبت شخصيته فلم يجد خيارًا سوى أن يجاور الطرق، وبعد علمنا بقصته وحياته عرضنا عليه على الفور التبرع بكليته مقابل 50 ألف جنيه، "في ناس كلموني عايزين حد يتبرع بكلية إيه رأيك؟" اعترض في البداية لكن استمرينا بإقناعه وأغريناه بالمبلغ المالي "الكلية مش هتأثر عليك وعلميًا الإنسان بيعيش بكلية واحدة وأسال أي دكتور" بدأت ملامح وجهه تغير وبدأ بالاقتناع  فسألني عن تفاصيل أكثر حول هذا الإجراء "الراجل موجود في مستشفى استثماري كبير وابنته اللي هتتواصل معاك عشان تعملو التحاليل"، وبعد حوار لم يتجاوز الثلاث دقائق أبدى موافقته بكل فرحة وحددنا موعد لإجراء التحاليل.

الإتجار بالأعضاء عقوبته 15 سنة سجن مشدد:

قال إبراهيم أحمد أستاذ القانون الدولي، إن هناك مقترحا في مجلس النواب بشأن تعديل قانون الإتجار بالأعضاء البشرية وتحويله من عقوبة الجنح إلى الجنايات لتصل أقصى عقوبة إلى 15 سنة إذا ثبتت الجريمة.

وأضاف "إبراهيم" في تصريحاته لـ"بوابة الوفد" أن القانون الحالي غير منصف فأقصى عقوبة لهذه الجريمة من 3: 7 سنوات فقط وفي حال وفاة المتبرع سيتم دفع غرامة قدرها 100 ألف جنيه والسجن المشدد.

وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن القانون الجنائي الجديد لايفرق بين أحد فإذا ثبت تورط أحد الأطباء سيتم معاقبته جنائيًا إلى جانب حذفه من نقابة الأطباء، وإغلاق مؤسسته بالكامل بحسب ما ينص عليه القانون والدستور.