رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"النواب" يعيد مقطورات الموت

بوابة الوفد الإلكترونية

جاء قرار مجلس النواب بإلغاء حظر سيارات المقطورات، والرضوخ لمطالب أصحابها، ليثير الجدل من جديد، ويعيد فتح هذا الملف، بعد أن وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى حداً لهذا الأمر فى العام الماضى، هذا القرار المفاجئ يؤكد وجود ضغوط من قبل رجال الأعمال وأصحاب المصالح لعودة مقطورات الموت، التى استنزفت أرواح آلاف الأبرياء، وكانت المتهم الرئيسي فى إراقة الدماء، والمثير للدهشة أن هذا القرار جاء بناء على دراسة مجهولة المصدر، تؤكد أن المقطورات لا تتسبب سوى فى 7٪ فقط من الحوادث، هذا الأمر وصفه الخبراء بالكارثى، وطالبوا بوضع ضوابط للمقطورات قبل اتخاذ أى قرارات، خاصة أن الحكومة قدمت مشروع قانون لرفع الحظر.

منذ أيام وافق مجلس النواب برئاسة الدكتور على عبدالعال، على مشروع قانون الحكومة لتعديل بعض أحكام القانونين رقمى 66 لسنة 1973 و121 لسنة 2008، والخاصين بتعديل بعض أحكام قانون المرور، والذى ينص على إلغاء حظر تسيير المقطورات فى الشارع المصرى، وتنص التعديلات على أن تستبدل المادة 6 من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973، بحذف عبارة قبل نفاد حظر تسييرها، الوارد فى البندين رقمى 4 و5 من المادة (11)، ويلغى البند الثالث من نص المادة الخامسة من القانون رقم (121) لسنة 2008، بتعديل بعض أحكام قانون المرور وتعود أحداث تلك الأزمة لعام 2008 ، عندما صدر القانون رقم (121) بعدم السماح بتسيير المقطورات، باعتبارها سببا رئيسيا فى وقوع الحوادث على الطرق، وبعدها تم إجراء تعديل آخر للقانون بمنح أصحاب المقطورات مهلة تنتهى فى أغسطس 2012 ، ولأسباب غير معروفة تم تأجيل هذا القرار، وفى عام 2013 ، أعلن وزير النقل وقتها إبراهيم الدميرى، أنه لن يتراجع عن إلغاء سير المقطورات ووقتها أعلن مجلس الوزراء عن مد المهلة لمدة عام بعد أن هدد أصحاب المقطورات والسائقون بالإضراب عن العمل، ووقف حركة نقل البضائع، وإحداث ارتباك بالأسواق، فضلاً عن الدخول فى اعتصامات مفتوحة، وأمام تلك الضغوط سمحت الحكومة بتجديد تراخيص المقطورات المرخصة، وعدم السماح بأى تراخيص جديدة، ولجأت إدارات المرور بتفعيل قرار حظر سير المقطورات وسيارات النقل الثقيل، وتحديد مواعيد سيرها من الساعة 11 مساء وحتى الساعة السادسة صباحاً، إلا أن هذا الأمر أيضاً أثار غضب أصحاب المقطورات، بحجة أن القرار سيؤدى لحدوث ارتباك بالأسواق، وتكدس البضائع، والانتظار لفترات طويلة لحين فتح أبواب المحال صباحاً، كما أن أغلب المحال تغلق أبوابها قبل الساعة الحادية عشرة، واستمر الوضع كما هو عليه، إلى أن أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى، قرارا بقانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 121 لسنة 2008، بتعديل قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973، بحيث يحظر تسيير المقطورات بعد أول أغسطس 2015، وتم مد المهلة لمدة عام آخر، لحين إنهاء الجدل فى هذا الأمر.

على الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة عن عدد المقطورات فى مصر، إلا أن البيانات تؤكد وجود نحو 76٫1 ألف مقطورة، وتصل حمولة المقطورة لنحو 30 طناً، وهى الحمولة التى لا يلتزم بها أغلب السائقين، الذين يقومون بتحميل السيارات بأكثر من حمولتها مما يتسبب فى وقوع الحوادث المتكررة، وتنقل المقطورات نحو 600 مليون طن بضائع سنوياً، وتعد محافظة الغربية من أكبر المحافظات التى تتواجد بها سيارات نقل ثقيل بمقطورة، حين يبلغ عددها نحو 26094 سيارة، حيث تتركز فى هذه المحافظة أكبر شركات النقل الثقيل، والتى تمتلك نحو 90٪ من تلك السيارات، وتعد محافظة الوادى الجديد أقل محافظة بها سيارات نقل ثقيل، حيث يوجد بها نحو 2281 سيارة تقريباً، وعلى الرغم من وجود دراسات تؤكد أن النقل الثقيل يتسبب فى 60٪ من حوادث الطرق، وأن المقطورات وحدها تتسبب فى 13٪ عن هذه الحوادث، فضلاً عن أن 30٪ من سائقيها يتعاطون المخدرات، إلا أنه فى الآونة الأخيرة ظهرت دراسة جديدة لا ندرى أى جهة أصدرتها، لكنها تؤكد أن المقطورات بريئة من حوادث الطرق، وأن الحوادث التى تسببها المقطورات لا تتجاوز 7٪ فقط وبعدها تقدمت الحكومة بمشروع قانون لإلغاء الحظر، والغريب فى الأمر أنه لا يكاد يمر يوم واحد إلا ونستيقظ على حادثة فاجعة على الطرق يكون سببها المقطورات، ففى نفس اليوم الذى اتخذ فيه مجلس النواب قرارا بإلغاء حظر سير المقطورات، وقع حادث مأساوى بطريق الإسكندرية الصحراوى، نتيجة تصادم مقطورتين، مما نتج عنه إصابة 7 أشخاص وتوقف حركة المرور، وفى بداية شهر نوفمبر لقى 3 أشخاص مصرعهم، وأصيب 5 طلاب نتيجة تصادم أتوبيس مدرسة وسيارة بمقطورة بطريق السويس الصحراوى وفى أوائل

الشهر الماضى انقلبت مقطورة محملة بالزلط على الطريق الدائرى، مما أدى لإصابة 3 أشخاص، وشلل مرورى تام، وتوقف حركة السيارات.

قرار خاطئ

ويعلق على ذلك اللواء كامل ياسين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، خبير المرور، رافضاً عودة سير المقطورات، مؤكداً أنه من غير المنطقى أن يتم إلغاء قرار حظر المقطورات، فما يحدث الآن يؤكد أن هناك ضغوطا من قبل رجال الأعمال، وأصحاب المصالح، رغم أن الدراسات تؤكد أن المقطورات تتسبب فى وقوع العديد من الحوادث، ففى البداية صدر قرار بإلغائها، ثم أمسكت الحكومة العصا من المنتصف، وتم إصدار قانون المرور، الذى منحهم مهلة لتوفيق أوضاعهم، والتى انتهت مؤخراً، مما دعا المسئولين للتحدث عن دراسة لا أصل لها تؤكد أن نسبة حوادث المقطورات تصل إلى 7٪ فقط، ويرى اللواء كامل ياسين أن تلك الدراسة غير أمينة، لأن المقطورات تعد أحد أسباب الحوادث، فإذا تواجدت المقطورة فى أى حادث، فإن عواقبه تكون وخيمة، فلا بد أن تحدث وفيات، وإصابات وتلفيات، وبذلك تكون حوادث المقطورات جسيمة، والخطير فى الأمر أن تلك السيارات عند محاولة الفرملة، تنقلب السيارة، لذا نجد أن أغلب الدول التى تسير فيها المقطورات، لديها طرق ذات محاور خاصة، حيث يتم إنشاء عدة محاور للمقطورات لتجنب الحوادث، لكن فى مصر الأمر يسير بالفهلوة، ويؤكد أن السبب الأساسى فى الحوادث هو سلوك السائقين، ثم الطريق والتصنيع الخاطئ للسيارات، ويطالب اللواء كامل ياسين بضرورة تطبيق القانون على المخالفين وعدم التهاون، فقانون المرور لا يحتاج لتعديل بل يحتاج للتطبيق.

ويشاركه الرأى الدكتور مجدى صلاح الدين، أستاذ هندسة الطرق والمرور، بجامعة القاهرة، مؤكدا أن عودة المقطورات قد تتسبب فى حدوث المزيد من الحوادث على الطرق، خاصة أن أغلب السائقين لا يلتزمون بالعلامات الإرشادية، ويطالب بضرورة تشديد الرقابة على السائقين إذا تمت عودة سير المقطورات، وتخصيص مواعيد محددة لسيرها فى المدن، خاصة لأن عودتها ستتسبب فى حدوث أزمات مرورية فى الشوارع مع ضرورة وضع ضوابط لها قبل اتخاذ أى قرارات.

أما الدكتور عماد نبيل، استشاري الطرق والكبارى، فيرى أن المقطورات سيارات اقتصادية، لكن ما حدث من هجوم عليها مؤخراً يرجع سببه إلى وجود مشاكل ميكانيكية وعيوب فى صيانتها، تؤدى لانفصال المقطورة عن السيارة، مما يتسبب فى وقوع الحوادث، هذا فضلاً عن عدم كفاءة قائدى تلك السيارات، لأن الأزمة تكون عند دوران السيارة، ومن جانبه، يرى أن قرار عودة المقطورات قرار سليم، لكنه يحتاج لمزيد من الاشتراطات التى يجب أن تتوافر أولاً، فلا بد أن تكون تلك السيارات تابعة لشركات نقل متخصصة ومسجلة حتى تتم محاسبتها، وألا تكون تابعة للأفراد، وأن يتم الكشف الدورى على السيارات، والتأكد من السلامة المهنية، والعقلية والنفسية لقائدى السيارة، مع ضرورة الالتزام بعدم تسييرها خلال أوقات الذروة، سواء فى القاهرة أو المحافظات، لأن الشوارع لا تحتمل مزيدا من التكدس المرورى، هذا فضلاً عن عدم التزام السائقين على الطرق، مؤكداً أن الحل يكمن فى تطبيق القانون، لأن المقطورات تتسبب فى كثير من الحوادث.